أدخل المركز الألماني لأبحاث الأمراض التنكسية "الخلايا النجمية" كسلاح جديد في معالجة مرض الزهايمر ووقف تقدمه.
إيلاف من برلين: توصل علماء ألمان من المركز الألماني لأبحاث الأمراض التنكسية إلى أن وقف عمل مستقبل عصبي معيّن في الدماغ يطبّع عمل الدماغ، ويوقف تسرب الذاكرة من أدمغة المصابين بمرض الزهايمر. ويتواجد هذا المستقبل العصبي بكثرة في جدران الخلايا النجمية التي تتنوع بين بروتوبلازمية وليفية.
مدخل لعلاج جديد
عثر الباحثون في أدمغة الفئران المصابة بالزهايمر على هذا المستقبل في الخلايا الدبقية النجمية، غير العصبونية التي تسمى"الإستروسايت"، والتي تتدخل في انتشار الدم في الدماغ، وفي التحكم في الوظائف الدماغية.
ونشر العلماء التقرير حول تجاربهم على الفئران في مجلة "جورنال أوف إكسبريمنتال مديسن"، وجاء فيه أن شبكة اتصالات الخلايا النجمية في الدماغ، وهي العملية التي تنظم الوظائف المختلفة، تختل عند الإصابة بمرض الزهايمر. ويذهب العلماء إلى أن التدخل لوقف هذه العملية يمكن أن يطلق علاجًا جديدًا للمرض، الذي يعجز الطب عن علاجه، أو وقف تقدمه حتى الآن.
ومعروف أن مرض الزهايمر يتقدم بسرعة، ويتحول إلى مرض عام، مع ارتفاع سن البشر في المجتمعات المتقدمة. وهناك العديد من النظريات حول أسباب نشوئه، تتراوح بين القناعة بأن المرض ينشأ بسبب تراكم البتيا أميلويد في الخلايا الدماغية، والاعتقاد بأن عملية التهابية مناعية ذاتية تسببه.
من المحتمل أن ينشأ المرض نتيجة أكثر من عامل، وربما من مجموع هذه العوامل. وهذا، بحسب رأي العلماء، هو سبب تنوع الطرق الحديثة التي تعالج المرض.
اضطراب نشاط الخلايا النجمية
ذكرت الباحثة نيكول رايشنباخ أن "الخلايا النجمية" تنظم عمل وظائف الدماغ، وتساعد على نقل الإيعازات العصبية والاتصالات بين الخلايا العصبية الدماغية. وتطلق الأستروسايتس خلال عملها العديد من المواد التي تنظم عملية الاستقلاب وانتشار الدم في الدماغ.
وكما هي الحال مع الخلايا العصبية (النيورونات) تنتظم الخلايا النجمية في شبكة متصلة تتألف من آلاف الخلايا. ومن المهم للدماغ أن يتجانس فيه عمل الخلايا النجمية كما ينسجم العازفون في أوركسترا موسيقية، بحسب تعبير الباحثة رايشنباخ.
وصف البروفيسور غابور بيتزولد، رئيس فريق العمل، وظيفة الخلايا النجمية بأنها مثل الموسيقار الذي يحرص على تجانس الأدوات الموسيقية كي يعزف سيمفونية جميلة.
وأضاف إن الفحوصات المجهرية تثبت أن عمل شبكة الخلايا النجمية غير منسجم، كما إنها تعاني من فرط النشاط مقارنة بالخلايا النجمية في أدمغة غير المعانين من الزهايمر.
إعادة الإستروسايتس إلى إيقاعها الطبيعي
استنتج بيتزولد من التجارب على الفئران أن إعادة تنظيم وتطبيع عمل الخلايا النجمية يمكن أن يوقف تقدم المرض إلى حالة الخرف.
لمعرفة ذلك عمد فريق العمل إلى إجراء التجارب على فئران مختبرية أصابوها عمدًا بمرض الزهايمر الذي يصيب البشر. فلاحظوا عملية تراكم البتا أميلويد في الخلايا العصبية، وتراجع وظائف الخلايا النجمية.
ركز الباحثون عملهم على دور مستقبل معيّن اسمه P2Y1R يتواجد بكثرة في جدران الخلايا النجمية. وتوصل بيتزولد وزملاؤه في التجارب على الفئران إلى أن تحفيز هذا المستقبل يجعل الخلايا النجمية تعاني من فرط الفعالية.
عكس العلماء العملية بعد ذلك، وكبحوا جماح هذا المستقبل، باستخدام مواد مضادة لـ P2Y1R. وهي مواد ترتبط عادة عضويًا مع هذا المستقبل، وتعمل على وقف عمله. وكرر العلماء عملية وقف عمل هذا المستقبل طوال أسابيع.
كانت النتيجة أن العلاج البعيد المدى، عبر وقف عمل P2Y1R، أعاد عمل الخلايا النجمية، وأعاد بالتالي الوظائف الدماغية، إلى طبيعتها. وتحسنت مع ذلك ذاكرة الفئران ونشاطها، بحسب ما كتبه فريق العمل في مجلة "جورنال أوف إكسبريمنتال مديسن".
وكشف ذلك أن معالجة فرط نشاط الخلايا النجمية بالمواد المضادة لمستقبل P2Y1R يمكن أن يفتح آفاق علاج جديد للزهايمر. وعبّر بيتزولد عن قناعته بضرورة التأكد من النتائج من خلال التجارب على البشر، لأن ما حصل مع الفئران قد لا يحصل مع البشر.
ماهية الخلايا النجمية
تجدر الإشارة إلى أن الأستروسايتس هي أكبر أنواع الخلايا الدبقية العصبية وأكثرها أهمية. وهي خلايا دبقية كبيرة ذات امتدادات متعددة شعاعية الشكل، لها نواة كبيرة نسبيًا، ذات شكل بيضاوي وبارزة.
وهناك خلايا نجمية بروتوبلازمية تتواجد في المادة الرمادية وذات امتدادات قصيرة متموجة. وهناك خلايا نجمية ليفية تتواجد في المادة البيضاء، وغنية بالحزم، لكن امتداداتها قليلة وطويلة ومستقيمة.
من وظائف الأستروسايتس أنها تشارك في تغذية الخلايا العصبية، ودعم عملها في الدماغ. كما تساعد على تكوين الحاجز الدموي الدماغي، الذي يحمي الدماغ من المواد الغريبة التي قد تتسلل عبر الدم، من خلال ارتباطها بالأوعية الدموية المحيطة بها بوساطة امتدادتها الشعاعية.
وتؤثر الخلايا النجمية في نشاط الخلية العصبية وديمومتها، حيث إنها تقوم بامتصاص النواقل العصبية الفائضة، وتقوم بإطلاق الجزيئات الأيضية والجزيئات العصبية النشطة كالإنكيفالين والأنجيوتنسين.
التعليقات