توفيت صباح الاثنين، في 29 تموز (يوليو)، ابتسامات محمد عبد الله، عن عمر ناهز 97 عاماً، وهي أول امرأة تلتحق بالجيش المصري وتحصل على رتبة ملازم أول.
وقد نعى المجلس القومي للمرأة في مصر ابتسامات عبد الله في بيان أعرب خلاله عن بالغ حزنه لفقدان مصر "امرأة مصرية شجاعة وطنية مثابرة... كانت دائماً في خدمة التمريض بالجيش تطوعاً منها في حب بلادها، فهي قدوة لكل امرأة مصرية".
وكانت ابتسامات تمرض مصابي حرب 1948 بالمستشفى الميداني الذى أُقيم خصيصا داخل أحد المنازل في مدينة غزة، لتضميد جراح جنود وضباط العمليات العسكرية.
وبحسب موقع الأهرام أونلاين الناطق باللغة الإنجليزية، وُلدت ابتسامات محمد عبد الله عام 1927 في محافظة بني سويف المصرية لأب مصري وأم سودانية.
فوالدها هو محمد بك عبدالله، الحاصل على لقب "البكوية" من القصر الملكي إبان الحقبة الملكية في مصر.
وكان يعمل بمديرية أسيوط برتبة "بكباشى" التي تعادل حالياً رتبة "مقدم"، وهو مصري ولد بمركز ميت غمر في دلتا مصر، وفقاً للهيئة الوطنية للإعلام.
أما والدتها فهي فاطمة فضل، ابنة سلطان إقليم "الواو" في السودان، وهو السلطان "جمعة كيانجو" بمديرية بحر الغزال.
وقد التقي والد ابتسامات عبد الله، بوالدتها عندما كان يخدم في السودان.
تلقت ابتسامات تعليمها الابتدائي في مدارس فرنسية، لكنها لم تستكمل تعليمها العالي.
وفي سن العشرين، قررت الانضمام إلى التمريض، من خلال الهلال الأحمر المصري، بعدما رأت إعلاناً في مجلة "المصور"، يطلب 75 فتاة متطوعة في القوات المسلحة المصرية في قطاع الخدمات الطبية، في إطار المجهود الحربي عام 1947 أثناء حرب فلسطين.
وبعد إنهاء دراستها في الهلال الأحمر، انضمت إلى القوات المسلحة المصرية من خلال تقديم طلب، وقُبلت وأُجريت لها المقابلة الشخصية بمستشفى كوبري القبة العسكري.
وقد اُختيرت بجانب 20 فتاة من أصل 75 مُتقدمة، بعدما أجرت امتحانات تخللتها تقييمات دقيقة، ومُنحت حينها رتبة ملازم أول .
وكانت أول فتاة تحصل على هذه الرتبة العسكرية نظراً للترتيب الأبجدي للأسماء، إذ احتل اسمها المرتبة الأولى في القائمة.
ساعة الملك فاروق الذهبية و"السمكة العجيبة"
وقد نالت ابتسامات عبد الله العديد من التكريمات نظراً لدورها في حرب 1948، إذ كانت أول سيدة تحصل على نوط الجدارة والاستحقاق من آخر ملوك مصر، الملك فاروق الأول، الذى منحها ساعته الذهبية.
وكانت هذه الساعة التي أهداها لها الملك تزين معصمها حتى يوم وفاتها.
وقد منحها الملك هذه الساعة داخل قصره، أثناء حفل للإفطار دعاها إليه في شهر رمضان، وفقاً لحوارأجرته ابتسامات، عام 2016، مع جريدة الدستور المصرية.
كما روت الراحلة في حوار مع الهيئة الوطنية للإعلام في مصر موقفاً طريفاً مع الملك فاروق، أثناء خدمتها، حين زارها الملك الراحل في عنبرها في المستشفى، بصحبة وزير الحربية آنذلك محمد حيدر باشا، بعد خروج الرجلين في رحلة صيد، وكان الملك فاروق يرغب في ذلك الوقت في زيارة المصابين بالمستشفى العسكري.
وقالت إنها فوجئت بأحد الجنود يخبرها أن الملك فاروق وصل إلى القسم الذي تخدم فيه داخل المستشفى، فسارعت إلى ارتداء زيها العسكري، والتقت الملك، الذي سألها حينها عن الجنود، فردت قائلة إنهم "يريدون العودة سريعاً إلى خط النار".
وبعدها أهدى الملك الجرحى "سمكة عجيبة طويلة للغاية لم أر مثلها في حياتي، حتى أن نزلاء المستشفى كلهم أكلوا منها"، حسبما روت ابتسامات لموقع الهيئة الوطنية للإعلام.
ذكرياتها مع الرئيس الراحل محمد نجيب
كانت تربط الراحلة ابتسامات محمد عبد الله علاقة صداقة أُسرية بالرئيس المصري الراحل محمد نجيب، أول رئيس لجمهورية مصر العربية.
وروت لصحيفة الدستور المصرية أنه كان من أصدقاء أسرتها المقربين، وكان له مقعد خاص في منزلها اعتاد الجلوس عليه.
كما قالت الراحلة في حوار مع صحيفة اليوم السابع، عام 2017، إنها لجأت للرئيس محمد نجيب لإقناع أخيها بالموافقة على زواجها من الرجل الذي تقدم لها، وقد نجح نجيب في ذلك، بعدما كان أخوها يرفض ذلك الزواج.
وبجانب تكريمها من الملك فاروق، كرمها أيضا وزير الدفاع المصري السابق، المشير محمد حسين طنطاوي، عام 2007.
وفي عام 2016، كرمها المجلس القومي للمرأة في مصر بإهدائها درع المجلس وشهادة تقدير لجهودها في خدمة الوطن.
لم تُرزق ابتسامات بأطفال، لكنها كانت دوماً تقول لوسائل إعلام مصرية إنها أحبت تلاميذها الذين عملوا معها كأبنائها، بعد عودتها من الحرب، وكان كثيرون منهم على تواصل معها.
التعليقات