إيلاف من سان فرانسيسكو: لم تعد الخصوصية داخل المنازل أمرًا بديهيًا كما كانت، في زمن الأجهزة الذكية، صار كل شيء متصلاً... وكل اتصال يعني احتمال مراقبة.
المكانس التي تتحرك وحدها، السماعات التي تنتظر أوامرك، أجهزة التكييف المرتبطة بتطبيقات، بل وحتى الثلاجات، كلها أصبحت بوابات صامتة تُرسل بياناتك لمن لا تعرفه.

الأجهزة المنزلية المرتبطة بالإنترنت (أو ما يُعرف بإنترنت الأشياء - IoT) تسهّل علينا حياتنا اليومية: تنظّف، تكيّف، تراقب، وتوفر الطاقة.
لكن في الخلفية، تجمع هذه الأجهزة كميات كبيرة من البيانات:
متى خرجت من المنزل؟
ما الوقت الذي تشغّل فيه التلفاز؟
كم مرة فُتح باب الثلاجة؟
ماذا تقول عند التحدث مع المساعد الذكي؟

قد لا يبدو هذا مهمًا... حتى تُستخدم هذه البيانات في رسم ملف عنك: نمط نومك، روتينك، تفضيلاتك، وحتى حالتك المزاجية.

في حالات متزايدة، بدأت تظهر تقارير عن تسريبات أو استخدام غير مصرح به لبيانات مأخوذة من داخل المنازل الذكية.
أحد الأمثلة كان عندما تمكّن أحد المخترقين من الوصول إلى كاميرا منزلية مرتبطة بتطبيق سحابي، وبدأ في بثّ ما تراه الكاميرا مباشرة على الإنترنت.
وفي حالة أخرى، سُجّلت أوامر صوتية خاصة بمستخدمين لأحد المساعدين الرقميين، ثم تم مراجعتها من قِبل موظفين بهدف "تحسين الخدمة"، دون علم أو إذن واضح من المستخدمين.

المستفيدون من هذه البيانات لا يقتصرون على الشركات المُصنّعة.
غالبًا ما تُباع هذه المعلومات إلى جهات إعلانية تبني ملفات سلوكية دقيقة لكل مستخدم، أو إلى شركاء غير واضحين في "سلاسل توريد البيانات".
وفي أسوأ السيناريوهات، قد تقع هذه المعلومات في أيدي أطراف تستغلها لأهداف خبيثة مثل سرقة الهوية، أو التلاعب بعادات المستخدم الرقمية بشكل ممنهج.

لحسن الحظ، هناك خطوات بسيطة يمكن اتخاذها لحماية خصوصيتك المنزلية:

- غيّر كلمات المرور الافتراضية، وفعّل المصادقة الثنائية

- راجع صلاحيات التطبيقات بانتظام

- افصل الأجهزة التي لا تستخدمها

- حدّث البرامج باستمرار

- خصص شبكة منفصلة للأجهزة الذكية

في منازلنا الذكية، الراحة لا تأتي مجانًا.
كل جهاز متصل قد يكون عينًا أخرى تراقبنا بصمت.
والحل ليس في إطفاء كل شيء، بل في الوعي. فحين تعرف كيف تحمي بياناتك، تبقى أنت المسيطر... لا العكس.