سلوى اللوباني من القاهرة: يعتبر مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية بمثابة لم شمل لكل الجنسيات العربية فمنذ عام 1992 يقوم المهرجان بالارتقاء بالموسيقى العربية وتعزيز العلاقة بتراث الموسيقى والغناء والمحافظة على التراث والثقافة والحضارة، يتمتع المهرجان باهتمام عربي وعالمي كبير حسب ما شاهدت ليلة أمس. ويجب أن اشيد هنا بالقائمين على هذا المهرجان لما تميز به من مستوى عال من التنظيم والدقة والالتزام بدءا من أمين عام المهرجان د. رتيبة الحفني واللجنة التحضيرية الى الشباب والشابات المتعاونين الذين أبدوا الكثير من اللياقة مع جمهور المهرجان من لحظة دخول مبنى الاوبرا حتى المسرح الكبير الذي تقام فيه فعاليات حفل ليلة أمس. وما ميز ويميز هذا المهرجان بدورته 17 مشاركة كبار الفنانين العرب الى جانب الاصوات الشابة من مختلف أقطار الوطن العربي في فعاليات المهرجان بالاضافة الى محاور وندوات كثيرة على مدى تسعة ايام.

حوار من دون لغة..
كما يقال الموسيقى لغة عالمية..وبالفعل يمكن بها إزالة أي حدود جغرافية.. واجراء حوار دون الحاجة الى استخدام لغة أو مصطلحات فلسفية غير مفهومة.. الموسيقى ليس لها وطن..هذا ما أثبتته ليلة أمس..ليلة طربية راقية بامتياز.. فالمطرب السوري يغني أغاني مصرية مضى عليها أكثر من 30 عاما. والعكس صحيح.. فقد شارك في حفل ليلة أمس الفنان الشاب مجد آغا من سوريا الذي استطاع في سنوات قليلة ان يصنع لنفسه مكانة فنية وقد نجح في الجمع بين الغناء والتمثيل، شارك في مسلسل عرب لندن الذي عرض في رمضان الماضي وغيره من الاعمال كما سيشارك في مسلسل باب الحارة الجزء الرابع، شارك آغا في حفل ليلة أمس في المسرح الكبير في دار الاوبرا وقدم مجموعة من أغاني الفنان الراحل عبد الحليم حافظ منها.. في يوم من الايام، سواح، قارئة الفنجان، جواب. كما شاركت الفنانة الشابة ريهام عبد الحكيم من مصر الذي عرفها الجمهور من خلال مسلسل أم كلثوم فقد جسدت شخصيتها في الصبا وغنت مجموعة من اغانيها وقدمت في المهرجان أغنيات متنوعة لام كلثوم ونجاة ووردة وفايزة بالاضافة الى الفنان محمد الحلو ومجموعة الفارابي من فلسطين.


ثقافة مشتركة...وخالدة
توقفت كثيرا وأنا أتأمل تصرفات جمهور ليلة أمس..جمهور الاوبرا الذي بالفعل كما يقال جمهور مختلف عن أي جمهور آخر..فالحضور كان شيبا وشبابا تميز بالالتزام والتنظيم واحترام الوقت وهيبة المكان...حضور لا يزال يحافظ على القيم ويقدر الجمال باسلوب راق..جمعتهم ثقافة واحدة..لا تسمع همسا أثناء الغناء..ولا رنات موبايل مختلفة كما جرت العادة فالكل منذ لحظة دخوله اقفل الهاتف النقال دون أن يطلب منه ذلك..لا ترى كاميرات تصوير أمامك تعيق مشاهدة المسرح كما أيضا جرت العادة...الجميع يصل الى مكانه المخصص له حسب التذكرة دون أي ازعاج أو مهاترات لا داعي لها..هذه الثقافة التي أصبحنا نفتقدها في أيامنا هذه.. حضور جمعته لغة عالمية وهي الموسيقى التي أرى انها قادرة على اختراق الاخر اذا كانت عميقة وليست سطحية فلذلك هي خالدة..وحدت مشاعرهم الممزوجة بالشجن والفرح في وقت واحد وكأن الجميع كان يتحدث لغة واحدة من خلال المشاعر..أقول دوما الكتاب الخالد هو الذي يحتوي كلمات عميقة صادقة مؤثرة لذلك لن يرتبط بزمان أو مكان، اذا قرأته هذا العام وقرأته بعد 10 سنوات ستشعر بالتأثير ذاته فهو باق في وجدان القارئ وكذلك الموسيقى الخالدة..وأود أن اشيد هنا باداء الفنان الشاب مجد آغا الذي كان أكثر من رائع..تفاعل معه الجمهور وصفق له كثيرا وأعاد غناء مقاطع من أغنية قارئة الفنجان نزولا عند رغبة الجمهور...فنان بادل جمهوره ثقافة الاحترام وتقدير الجمال باسلوب راق... اتمنى على كل وزارة ثقافة ووزارة تعليم ان تعطي اهتماما للموسيقى وخصوصا التراثية، فجيل اليوم بحاجة الى تفهم الثقافات الاخرى وتقبل الاخر واعتقد ان الموسيقى تلعب دورا كبيرا في ذلك التفاهم الراقي...من خلالها لا فرق بين السوري او المغربي او المصري او غيرها من الجنسيات.


شخصية المهرجان..فريد وأسمهان
موضوع محور دورة هذا العام يدور حول فن الارتجال في الموسيقى والغناء العربي. بالاضافة الى الاهتمام بثقافة الطفل الموسيقية. ومن تقاليد المهرجان تكريم رموز عربية ساهمت في تطوير الموسيقى العربية وانتشارها. والجميل في تقاليد المهرجان انه يدور كل عام حول شخصية فنية نتعرف إلى سيرتها الذاتية واعمالها الغنائية واختار المهرجان لهذا العام فريد الاطرش واسمهان. واذكر هنا من الاسماء المكرمة في المهرجان د. مصطفى ناجي الذي تولى رئاسة دار الاوبرا لمدة 3 سنوات من 1997 الى 2000 وشهدت خلاله الاوبرا تحقيق مجموعة من الانجازات، كما كرم المهرجان المشارك الدائم في انشطة المهرجان د. سعد الله آغا وزير السياحة السوري، والمايسترو سامي نصير والشاعر عبد الرحمن الابنودي والفنانة عفاف راضي والفنان عبدة داغر والاعلامي خيري شلبي والفنان ابراهيم رأفت والفنان عبده قطر وفنان الخط العربي عبد الله عثمان والفنان سراج عمر من السعودية. ومن الاصوات الشابة المشاركة في المهرجان الفنان السوري مجد آغا والفنانة ريهام عبد الحكيم والفنان محمد الحلو من مصر وكريمة الصقلي من المغرب، وعد البحري من سوريا. ومن كبار الفنانين هاني شاكر ومحمد الحلو من مصر ومروان خوري من لبنان وغيرهم بالاشتراك مع الفرقة القومية العربية بقيادة سليم سحاب. بالاضافة الى الفرق الموسيقية الفارابي من فلسطين، فرقة ناظم الغزالي من العراق، فرقة الوان الموسيقية من السعودية، وغيرها من الفرق الموسيقية.

الكلمة الخالدة... هي الكلمة الصادقة.. ستبقى مهما ظهر من فقاعات من هنا وهناك.

[email protected]