واشنطن: اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما مساء الخميس تسوية موقتة لاوضاع نحو خمسة ملايين مهاجر غير شرعي من اصل احد عشر مليونا يقيمون في الولايات المتحدة ويهددهم خطر الترحيل. وقال اوباما في مداخلة مقتضبة في البيت الابيض ان "ترحيل عدد كبير (من المهاجرين) سيكون في الوقت نفسه مستحيلا ومنافيا لطبيعتنا"، واعدا بنظام للهجرة "اكثر عدالة وانصافا".
وسارع خصومه الجمهوريون الى التشكيك في دستورية هذا المشروع، مؤكدين انهم سيتصدون له داخل الكونغرس او امام القضاء. واعلن وزير العدل في ولاية تكساس التي لها حدود طويلة مع المكسيك انه سيرفع القضية امام المحاكم. وقال الرئيس الجمهوري لمجلس النواب جون باينر "ليس بهذه الطريقة تمارس ديموقراطيتنا. سبق ان قال الرئيس (اوباما) انه ليس ملكا ولا امبراطورا، لكنه يتصرف كما لو كان واحدا منهما".
واضاف اوباما مخاطبا معارضيه "ليس لدي سوى رد واحد: صوّتوا على قانون"، مؤكدا ان قرارته تستند الى قواعد قانونية صلبة، وتندرج في اطار النهج نفسه، الذي تبناه جميع اسلافه منذ نصف قرن، سواء كانوا جمهوريين او ديموقراطيين.
واعتبارا من الربيع المقبل، فان اي مهاجر غير شرعي يقيم في الولايات المتحدة منذ اكثر من خمسة اعوام وله طفل اميركي او يحمل اذن اقامة دائمة، يمكنه طلب الحصول على تصريح بالعمل مدته ثلاثة اعوام. وشدد اوباما على ان هذا الامر "ليس ضمانا للحصول على الجنسية ولا حقا في البقاء هنا في شكل دائم".
من جهة اخرى، اعلن البيت الابيض تخفيفا لشروط الافادة من برنامج "داكا"، الذي اطلق العام 2012، ويمنح اذن اقامة موقتة للقاصرين، الذين وصلوا الى الاراضي الاميركية قبل بلوغهم السادسة عشرة. وافاد نحو 600 الف شخص حتى الان من هذا البرنامج. وتابع اوباما "اذا كانت المعايير تنطبق عليكم تستطيعون الخروج من الظل لتكونوا منسجمين مع القانون. اذا كنتم مجرمين فسترحلون. اذا اردتم الدخول الى الولايات المتحدة في شكل غير قانوني فان احتمالات القبض عليكم وطردكم باتت اكبر".
ومنذ قيام الرئيس الاميركي الراحل رونالد ريغان بتسوية اوضاع عدد كبير من المهاجرين العام 1986، فان كل محاولات اصلاح نظام الهجرة باءت بالفشل. وفي بداية العام 2013 بدا التوصل الى تسوية ممكنا بعد صياغة مشروع قانون في مجلس الشيوخ من جانب نواب يمثلون الحزبين. لكن المناقشات داخل الكونغرس سرعان ما توقفت.
وعلقت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، التي يتوقع ان تنطلق قريبا في السباق الى البيت الابيض لخلافة باراك اوباما في 2017، على موقع تويتر "شكرا للرئيس لانه اختار التحرك في شان الهجرة في مواجهة عدم التحرك". ورحّبت جمعية "دريم اكشن" بما اعتبرته "خطوة في الاتجاه الصحيح"، لكنها طالبت بالمزيد، وتساءلت "ماذا سيكون مستقبل ملايين المهاجرين غير الشرعيين الذين لا تنطبق عليه المعايير؟".
واشاد السناتور الديموقراطي لويس غوتييريز بـ"شجاعة" اوباما حول هذا الملف الدقيق سياسيا، لكنه راى ان هذه الاجراءات لن تكون بديلا من اصلاح في العمق يصوّت عليه الكونغرس. كما رحّب الامين العام لمنظمة الدول الاميركية التشيلي خوسيه ميغيل انسولزا "بشجاعة الرئيس الاميركي، الذي قرر التقدم نحو هدف عادل، لا يستحق المزيد من التأجيل".
غير ان العاصفة السياسية التي اثارها اعلان اوباما تنبئ بعلاقات صعبة بين الكونغرس والبيت الابيض في الاشهر المقبلة، وخصوصا مع تبدل المعطى السياسي في واشنطن بعد الفوز الكبير للجمهوريين في انتخابات منتصف الولاية في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر. ورأى السناتور عن كنتاكي ميتش ماكونيل الذي سيصبح في كانون الثاني/يناير الرجل القوي في مجلس الشيوخ ان خطوة اوباما تعكس ببساطة "رفضًا لاصوات الناخبين".
ومع ان الجمهوريين، الذين باتوا يتمتعون بغالبية في مجلسي النواب والشيوخ، غير قادرين على عرقلة مرسوم رئاسي، فان لديهم وسائل عدة يواجهون بها اوباما. وفي هذا السياق، يدعو بعض النواب، مثل السناتور عن تكساس تيد كروز، المعارض الشرس لاوباما والمرشح المحتمل لخلافته، الى وقف المصادقة على تعيين السفراء والقضاة والمسؤولين في الادارة الذين يختارهم الرئيس، ما يعطل عمل الادارة.
لكن اقتراح كروز القريب من "حزب الشاي" لا يحظى باجماع. ومع اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية للمعركة الرئاسية العام 2016، يحتدم النقاش داخل هذا الحزب الذي يسعى الى اجتذاب قسم من الناخبين من اصول اسبانية، الذين حصل اوباما على تأييد اكثر من سبعين في المئة منهم. وخلص اوباما الخميس "نحن امة مهاجرين، وسنبقى كذلك دائما"، على ان يتوجه الجمعة الى لاس فيغاس (نيفادا، غرب) لشرح مشروعه.
واظهر استطلاع للرأي اجرته شبكة "ان بي سي" وصحيفة "وول ستريت جورنال" ان 48 في المئة من الاميركيين لا يوافقون على مشروع الرئيس مقابل 38 في المئة يؤيدونه.
&
التعليقات