إعداد عبد الاله مجيد: شهد عام 2015 إختراقات طبية استثنائية من المتوقع ان تكون لها نتائج بالغة الأثر في علاج طائفة من الأمراض. أدناه أبرز هذه الاختراقات.

تحرير الجينوم

قبل يوم على عيد ميلاد ليلى ريتشاردس الأول أُبلغ والداها ان كل العلاجات لانقاذها من سرطان الدم باءت بالفشل وانها ستموت. ولكن تصميم عائلتها وعدد من الأطباء وشركة مختصة بالعلاج الكيماوي أسفر عن إخضاعها لعلاج تجريبي لم يُختبر في السابق إلا على الفئران.

وكان العلاج "السحري" الذي انقذ حياة ليلى قنينة صغيرة من خلايا المناعة المعدلة وراثيا لقتل السرطان الذي كان ينهش جسمها الضعيف. ويبشر العلاج باستخدام طرق مماثلة لعلاج جملة من الأمراض الوراثية.

في هذه الأثناء أعلن فريق من العلماء في الصين أنه أول من نجح في "تحرير" جينوم جنين بشري. وأظهر الاختراق الذي تحقق في جامعة يان صن ان الأخطاء التي تحدث في الحمض النووي مؤدية إلى الاصابة بمرض الدم المعروف باسم بيتا ثلاسيميا يمكن تصويبها بنجاح في الجنين البشري.

كما استُخدم تحرير الجينات بحيث يكون البعوض مقاوما للملاريا وتكون اعضاء الخنزير مناسبة لزرعها في جسم الإنسان.

وأثارت تقنية تحرير الجينات عددا هائلا من القضايا الاخلاقية، بما في ذلك صنع اطفال بمواصفات حسب الطلب. واعلن لفيف من كبار العلماء في العالم ان السماح بتوليد بشر معدلين وراثيا سيكون عملا "لامسؤولا" داعين في الوقت نفسه إلى استمرار البحث الأساسي في تحرير الجينات.

هل انتصر العلماء على هذا السرطان؟

المعروف ان الميلانوما أخطر شكل من اشكال سرطان الجلد. ويقف طب مكافحة السرطان على أعتاب ثورة بعد الاختراق الذي حققوه في مجال العلاج المناعي.

فعندما يُصاب الشخص بالانفلونزا يحاول جهاز مناعته تدمير الفيروس المسؤول عن الاصابة. ولكن الأورام الخبيثة يمكن ان تموه نفسها بحيث تبدو وكأنها نسيج طبيعي سليم للافلات من هجوم جهاز المناعة.
ويعمل العلاج المناعي بمنع السرطان من الاختفاء ويكشفه لجهاز المناعة كيف يهاجمه.

واظهرت البيانات التي جمعت من اختبارين كبيرين ان مدة البقاء على قيد الحياة بعد الاصابة بسرطان الرئة تضاعفت لدى بعض المرضى بعد اخضاعهم لهذا العلاج. وان الأورام انكمشت في نحو ستة من بين كل عشرة مرضى بلغت اصابتهم بالميلانوما مرحلة متقدمة. ولكن بعض المرضى الذين أُخضعوا للعلاج المناعي انتقلوا من الاصابة بسرطان نهائي لا شفاء منه إلى اختفاء السرطان من جسمهم بالكامل.

مقاومة المضادات الحيوية

اعلن اطباء ان العالم يقف الآن على حافة "حقبة ما بعد المضادات الحيوية" بعد اكتشاف بكتريا مقاومة للعقاقير حين فشلت كل العلاجات المتاحة. وقال العلماء انهم وجدوا هذه البكتريا القادرة على مقاومة عقار الملاذ الأخير، كولستين، في مرضى وحيوانات في الصين. وانتقلت الآن إلى اوروبا وافريقيا ومناطق أخرى من آسيا.

واثار اكتشاف هذه البكتريا مخاوف من "قيامة المضادات الحيوية" حين يأتي يوم لا ينفع فيه العلاج بهذه العقاقير ويصبح العلاج الكيماوي والجراحة وزرع الأعضاء كلها مستحيلة تقريبا.

ولكن في مؤشر إلى امكانية تفادي يوم الدينونة للمضادات الحيوية قال فريق من العلماء في الولايات المتحدة ان فترة الجدب في اكتشاف مضادات حيوية جديدة التي استمرت عقودا قد تكون قريبة من نهايتها. إذ تمكن العلماء في جامعة نورثويسترن في بوسطن من تطوير طريقة جديدة لتنمية البكتريا اسفرت عن 25 مضادا حيويا جديدا بينها مضاد حيوي قالوا انه "واعد جدا"، كما افادت بي بي سي في استعراض لأهم الانجازات الطبية في عام 2015.

ويستمر اختبار العقاقير الجديدة لمعرفة صلاحية استخدامها طبيا.

إنجاب أول طفل من أنسجة مجمدة

أُزيل مبيض امرأة بلجيكية حين كانت في الثالثة عشرة قبل علاجها من فقر الدم المنجلي بجراحة غازية تؤثر في خصوبتها، وحُفظ مجمدا. واصيب مبيضها الآخر بالعجز إثر العلاج. وبعد عشر سنوات قررت المرأة انها تريد انجاب طفل. فزرع الأطباء اربع قطع من مبيضها المجمَّد في مبيضها الآخر و11 قطعة في مناطق اخرى من جسمها.

وأنجبت المرأة نتيجة هذه العملية ولدا. وعادة يلجأ الرجال إلى تجميد حيواناتهم المنوية لدى تعرضهم لجراحة مماثلة ولكن الأطباء يأملون باستخدام طرق مماثلة مع صبيان قبل سن البلوغ ما زالوا لا ينتجون حيوانات منوية.

وجه بمليون دولار

انجز جراحون اميركيون هذا العام اغلى عملية لزرع وجه حتى الآن اشتملت على زرع فروة رأس كاملة وأذنين ورموش في صيف 2015. واستغرقت العملية 26 ساعة لإعطاء رجل الاطفاء المتطوع باتريك هارديسون وجها جديدا.

وكان هارديسون (41 عاما) أُصيب بحروق شديدة اثناء محاولته انقاذ امرأة حاصرتها النيران بعد اشتعال حريق في بيتها. وانتظر اكثر من عام لتوفر مانح مناسب، ليس بفصيلة الدم فحسب بل بلون البشرة والشعر ايضا.

وستُجرى له عمليات اخرى لازالة بعض الجلد الرخو حول عينيه وشفتيه. وكان المانح ديفيد رودبوغ (26 عاما) الذي قُتل في حادث سير. كما أُجريت هذا العام اول جراحة لزرع عظام جمجمة وفروة رأس لرجل في تكساس.

الخرف

شهد 2015 ظهور التفاصيل الأولى عن عقار يمكن ان يؤخر تراجع الوظائف المعرفية للدماغ لدى المصابين بمرحلة مبكرة من مرض الزهايمر.

وأشارت المعلومات التي نشرتها شركة ايلي ليلي للصناعات الصيدلانية إلى أنّ العقار الجديد يمكن ان يؤخر معدل استفحال الخرف بمقدار الثلث تقريبا.

ولا يوجد حتى الآن علاج لوقف موت خلايا الدماغ في مرض الزهايمر. ولكن العقار الجديد قد يستطيع ابقاءها حية بمهاجمة صفائح اميلويد البروتينية التي تتراكم في الدماغ خلال الاصابة بمرض الزهايمر.
ولاقى الاعلان عن العقار تفاؤلا حذرا وتتوجه الانظار الآن نحو نتائج الاختبار الكامل للعقار في السنة الجديدة.

اختراق حاجز الدماغ

وتمكن اطباء لأول مرة من اختراق طبقة الدماغ الوقائية لايصال عقاقير تكافح مرض السرطان.

ويمنع حاجز الدماغ عادة العدوى والسموم من التأثير على الجهاز العصبي المركزي. واستخدم الأطباء الكنديون فقاعات صغيرة مليئة بالغاز زرقوها في دم المريض لاحداث ثقوب صغيرة في الحاجز الدماغي. ثم وجهت حزمة من الموجات فوق الصوتية إلى الجمجمة جعلت الفقاعات تهتز وتخترق الحاجز مصحوبة بعقاقير العلاج الكيماوي.

ويمكن استخدام هذه الطريقة في معالجة السرطان والخرف ومرض باركنسون ولكن يجب اجراء مزيد من الدراسات الخاصة بالسلامة.