في خطوة أثارت الكثير من علامات الاستفهام، أجلت الحكومة البريطانية الإعلان عن نتائج التحقيق في أنشطة "جماعة الإخوان المسلمين"، المصنفة تنظيماً إرهابياً في كل من مصر والسعودية والإمارات.

القاهرة: أثار قرار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الغضب في الأوساط السياسية المصرية، معتبرة أنه لا يصب في دعم الحرب على الإرهاب.
&
واعتبر مراقبون للشأن المصري، أن التأجيل يرجع إلى تعرض بريطانيا لضغوط وتهديدات من التنظيم الدولي للإخوان، فيما عزاه آخرون إلى نظرية المؤامرة الغربية من أميركا وبريطانيا ضد مصر والمنطقة العربية. بينما أشادت الجماعة بالقرار البريطاني معتبرة أنه يعد إنتصاراً لما وصفته ب"سلمية وشرعية الإخوان".
&
كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن "رئيس الوزراء ديفيد كاميرون قد تدخل في الساعات الاخيرة لتأجيل نشر تقرير مثير للجدل قد يخلص إلى أن جماعة الاخوان المسلمين ليست تنظيماً ارهابياً، ولكن عليها أن تكون أكثر شفافية وتبقى خاضعة للرقابة في بريطانيا".
&
وأضافت الصحيفة أن "سبب تدخل كاميرون وسحبه هذا التقرير هو لتجنب نشوب خلاف محتمل مع السعودية ومصر كونهما تفرضان حظراً على هذه الجماعة".
&
ولفتت إلى أنه "كان المفترض نشر هذا التقرير المثير للجدل الاثنين لكن قرار كاميرون بسحبه، يرجح أن هذا التقرير لن يرى النور قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في 7 أيار /مايو المقبل، وربما لن يبصر النور أبدا".
&
وقالت الصحيفة "إن التحقيق في أنشطة الاخوان في بريطانيا بدأ العام الماضي تحت ضغوط من السعودية والامارات".
&
وختم بالقول إن مسؤولاً حكومياً كبيراً عبر في نيسان/أبريل الماضي عندما بدأت التحقيقات في نشاط الاخوان عن أن هذا الأمر " قد يهدد بتحويل الداعمين المعتدلين للجماعة الى متطرفين".
&
ومن جانبه، أرجع قيادي إخواني يقيم ما بين تركيا وبريطانيا، السبب وراء تراجع كاميرون عن نشر التقرير إلى تعرضه لضغوط وصفها ب"الهائلة" من مصر والسعودية والإمارات، وقال القيادي، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"إيلاف" إن نتائج التحقيقات حول أنشطة الجماعة على الأراضي البريطانية انتصرت إلى ما وصفه ب"سلمية وشرعية أنشطة الإخوان"، مشيراً إلى أنه نفى عنها "تهمة ممارسة أو التحريض على الإرهاب". على حد قوله.
&
ولفت إلى أن "النظام البريطاني لم تتغير سياساته مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، الذين يعيشون فيها مع الجالية الإسلامية في منتهى الحرية، في ظل دولة يسودها العدل"، معتبراً أن "بريطانيا ليست مقرا للتنظيم الدولي للجماعة"، ونوه بأن "الحكومة البريطانية ليس لها سلطة على القضاء، والشعب البريطاني لديه القدرة على محاسبة الحكومة".
&
واتهم القيادي الإخواني رئيس الوزراء البريطاني الأسبق تونى بلير ب"ممارسة ضغوط قوية على حكومته من خلال حزب العمال وحلفائه في أميركا، لإصدار تقرير مجافٍ للحقيقة". على حد تعبيره.
&
وبالمقابل، يتهم خبراء أمنيون الغرب بقيادة أميركا وبريطانيا بدعم الإرهاب، والعمل على تفتيت المنطقة وتقسيمها على أسس طائفية ومذهبية. وقال العميد خالد عكاشة الخبير الأمني، إن سبب تأجيل نشر نتائج التحقيقات البريطانية، يرجع إلى &"تلاقي مصالح بين الدول الغربية وبين الجماعة الإرهابية".&
&
وأكد لـ"إيلاف" أن "الرأي العام في هذه الدول كان مرحبا بوضع الجماعة على لائحة الإرهاب ومارس ضغوطا على الأنظمة هناك، لكن تبادل المصالح بين الجماعة والأنظمة منع إدراجها على قوائم الإرهاب الدولي".
&
&وأشار إلى أن الدول الغربية، ومنها "أميركا وبريطانيا تستخدم ورقة الإخوان للضغط على مصر، والتنظيم الدولي للجماعة يستغل مساحة حرية الحركة الموجودة في هذه الدول، للحصول على الشرعية، لاسيما أن هذه الدول تغض الطرف عن أي نشاط لا يهدد مصالحها فقط". ونبه إلى أن التواجد القوي &للتنظيم الدولي في الغرب ولاسيما دول أوروبا وأميركا، يثير الكثير من علامات الاستفهام حول جدية هذه الدول في الحرب على الإرهاب.
&
واتهم الغرب ب"اتباع سياسة غير واضحة، هدفها التشويش، وإحداث نوع من التناقض، والفتنة في الدول العربية، مضيفاً أن اعتبار الإخوان جماعة غير إرهابية يصب في مصلحة المنظمات الإرهابية مثل داعش، وأنصار بيت المقدس، لأنهم في هذه الحالة يعتبرون أنفسهم جماعات غير إرهابية".
&
&فيما اعتبر مدير إدارة مكافحة الإرهاب الدولي في المخابرات العسكرية سابقاً، اللواء فؤاد حسين، أن في تأجيل نشر نتائج التحقيق في أنشطة الإخوان، وترجيح عدم تصنيفها جماعة إرهابية يؤكد أن الغرب يتعامل بسياسة الازدواجية.
&
وأضاف ل"إيلاف" أن الغرب بينما يحارب الإرهاب في مكان ما، يصنع الإرهاب في مكان آخر، وبينما يترك تنظيم القاعدة يرتع في اليمن وداعش وغيرها من الجماعات الإرهابية تسيطر على ليبيا، يحاربها في العراق، ويرفض تصنيف الإخوان تنظيماً إرهابياً، رغم أن كل التنظيمات الإرهابية من تحت عباءتها.
&
واتهم حسين الولايات المتحدة والغرب بممارسة "الإنتقام من مصر بسبب إفشالها للمخطط الاخواني الأميركي في مصر والمنطقة، والذي كان يسعى إلى أن تكون إسرائيل هي الدولة الأقوى في المنطقة بعد تدمير الجيش المصري، وإثارة الفوضى في دول الخليج لاسيما السعودية والإمارات"، مشيراً إلى أن ذلك يدخل في إطار صراع الإرادات بين الحلف الإسرائيلي الأميركي وبين التحالف المصري الخليجي. وقال إن الحلف الغربي يستخدم تلك المنظمات كأداة لتفتيت المنطقة على أساس طائفي ومذهبي وعرقي".
&
ووصف الناشط الحقوقي محمود البدوي، موقف بريطانيا ب"المخزي وغير المسؤول".
&
وأضاف أن العالم كله بات يدرك ضرورة تبنى موقف موحد لمكافحة الإرهاب والتصدي له بكافة الوسائل والسبل، بعد أن أصبح خطر الإرهاب يهدد العالم أجمع.
&
وتابع في تصريح أرسله لـ"إيلاف": "وسط كل هذا الإجماع العالمي على خطورة الإرهاب على استقرار الدول نجد وزارة الداخلية البريطانية ترفض الإعتراف بأن جماعة الإخوان جماعة إرهابية، وتستضيف العديد من قياداتها ونشطائها على أراضيها، عقب سقوط الجماعة في مصر في يونيو 2013, وكذا بعد أن أصبحت جرائم جماعة الإخوان موثقة بشكل لا يدع مجالاً للشك".&
&
وأكد البدوي أن هذا الموقف غير المسؤول من الداخلية البريطانية يؤكد أن المصالح والتوازنات أصبحت هي الإطار الحاكم للكثير من المواقف السياسية ومواقف بعض الحكومات تجاه الكيانات التي لا يختلف اثنان على أنها كيانات إرهابية، متهماً بريطانيا بأنها تغض الطرف عن العديد من الجرائم التي ارتكبتها جماعة الإخوان الإرهابية وتنظيمها الدولي بحق المواطنين المصريين.
&
ومن جانبه، قال أمين التنظيم الدولي للإخوان، إبراهيم منير، المقيم في لندن: "النشاط الذي نمارسه قانوني ولا علاقة له بالإرهاب من قريب أو بعيد، وأتوقع أن يبرئ تقرير الحكومة البريطانية الإخوان بشكل كامل، نظراً لابتعاد ممارساتنا عن أي نشاط إرهابي". وأضاف في تصريحات له أن التنظيم قدّم للجنة معلومات ووثائق حول أنشطته بالكامل، ما يثبت احترامه للقانون والتزامه بالعمل السلمي وعدم تورطه في أي عمليات إرهابية. على حد قوله.
&
للتذكير، قررت الحكومة البريطانية مطلع شهر أبريل/ نيسان 2014، تشكيل لجنة للتحقيق في أنشطة جماعة الإخوان المسلمين وفلسفتها، وأثرها على المصالح الوطنية لبريطانيا. وترأسها السفير البريطاني لدى السعودية، السير جون جنكينز.
&وفحصت اللجنة فلسفة التنظيم وقيمه وسياساته، وسجلّه في الحكم وخارجه على حد سواء، مع النظر في هيكلية التنظيم وأنشطته في المملكة المتحدة، وتقدير مدى تأثيرها على الأمن القومي لبريطانيا والسياسة الخارجية.
&