إيلاف من نيويورك: كان من المتوقع ان تكون العلاقة بين دونالد ترمب، ووزارة العدل، مميزة إلى ابعد الحدود نتيجة اختيار الرئيس الأميركي أحد ابرز حلفائه لتبوؤ اعلى مركز فيها.

عشرة أيام بالتمام والكمال فصلت بين فوز ترمب في الثامن من نوفمبر، واعلانه ترشيح سناتور ولاية ألاباما، جيف سيشنز لتولي منصب وزير العدل، وتاليا الإشراف على عمل مكتب التحقيقات الفدرالي.

معركة أرادها لصالحه فارتدت عليه

خيار الرئيس الأميركي قوبل وقتها بردود فعل عنيفة من المعارضين الديمقراطيين الذين حاولوا عرقلة هذا الترشيح.، وكما كان متوقعا خاض ترمب معركة سياسية كبرى لتمرير مرشحه في مجلس الشيوخ، فالهدف كان وضع حليف مقرب وموثوق على رأس الوزارة المهمة، وليس هناك أفضل من سيشنز-في ذلك الوقت-لتولي هذا المنصب.

شوكة في خاصرته

وصل سيشنز وشكل فريق عمله، وعوضا ان تكون الوزارة الى جانب الرئيس أصبحت شوكة في خاصرته بعد تحييد وزير العدل لنفسه عن التحقيقات في التدخل الروسي وترك المهمة بيد نائبه رود روزنستاين، فإنقلب السحر على ترمب الذي يُعد الولاء لشخصه أحد أهم شروط الحصول على مكان في ادارته.

العلاقة السلبية بين مكتب التحقيقات ومعه الوزارة من جهة، والبيت الأبيض من جهة ثانية لم تبدأ بعد طرد المدير السابق جيمس كومي من منصبه، ووفق الاعلام الأميركي فإن مسؤولين في الأف بي آي ناقشوا إمكانية فتح تحقيق بعرقلة العدالة بناء على ما أشار اليه كومي نفسه حول طلب ترمب منه غض النظر عن التحقيق مع مستشار الامن القومي السابق، مايكل فلين.

الأيام الصعبة

ويبقى الأهم في كشف شبكة السي ان ان، مساء امس الخميس، عن الأيام الثمانية التي تلت طرد جيمس كومي، والاجتماعات التي حدثت بغية كبح جماح دونالد ترمب وفق تعريف نائب الرئيس رود روزنستاين، وعدد من مسوؤلي مكتب التحقيقات وذلك نقلا عن مصدرين مطلعين.

وناقشت هذه الشخصيات مجموعة من الخيارات، بما في ذلك فكرة ارتداء روزنستاين سوارا&الكترونيا لتسجيل المحادثات مع ترمب اثناء زيارة البيت الأبيض تمهيدا لاستخدامها ضده إن دعت الحاجة.

نهاية درامية

الاجتماعات المُتلاحقة وضعت اوزارها بشكل درامي بعد اعلان مدير الأف بي آي، أندرو ماكابي الذي خلف كومي بالوكالة عن خطوة غير عادية تمثلت في فتح تحقيق بعرقلة حتى قبل اقدام رود روزنستاين على تعيين روبرت مولر لقيادة التحقيق الخاص في السابع عشر من شهر مايو من العام الماضي.

خافوا من سلوكه

مصادر أخرى قالت للشبكة تعليقا على قرار فتح التحقيق، "إن مكتب التحقيقات الفيدرالي يتخذ فقط مثل هذا الإجراء الدرامي بحال وجود شبهة لدى ارتكاب جريمة لدى القيّمين، ولكن روزنستاين ومسؤولين كبارا في مكتب التحقيقات الفيدرالي كانت لديهم مخاوف عميقة من سلوك ترمب، واعتقدوا أنها بحاجة إلى التدقيق".

ووصف رودي جولياني الذي يقود فريق ترمب القانوني حاليا ما حدث بالأمر المشين، معتبرا "ان مكتب التحقيقات فتح قضية عرقلة بحق رئيس يمارس سلطته بموجب المادة الثانية."

التوصية المُقلقة

وطفت قضية التحقيقات الى العلن بعد ارسال المحقق روبرت مولر مذكرة توصي بعدم الحكم بالسجن على مستشار الامن القومي السابق، مايكل فلين الذي اعترف بالكذب على محققي الأف بي آي حول اتصالاته مع السفير الروسي السابق في واشنطن سيرغي كيسلياك، وبرر مولر قراره بالخدمات الكبيرة التي قدمها فلين للمحققين.

لماذا؟

وطرحت هذه التوصية تساؤلات كبيرة حول الملفات التي تعاون بها فلين، فالأخير لم يرد اسمه في قضايا أساسية يعمل عليها فريق التحقيق، كإجتماع برج ترمب الشهير الذي ضم نجل ترمب وصهره، وبول مانافورت وشخصيات روسية، أو وثائق ويكيليكس وتوقيت تسريبها والتي يلعب روجر ستون وجيروم كورسي دور الابطال فيها، ولا حتى في العلاقات التجارية بين ترمب وموسكو قبل فوزه في الانتخابات.

دخول المعمعة

وبظل تركيز فريق التحقيق في عملهم على ملفي التواطؤ وعرقلة العدالة، وتقديم ترمب لاجابات مكتوبة في الشق الأول فقط، وامتناعه عن الرد على أسئلة تناولت العرقلة يبقى السؤال الأكبر، هل اخبر فلين المحققين ان ترمب طلب فعلا من جيمس كومي غض النظر عنه؟ وأدخل الرئيس بالتالي في هذه المعمعة.