«إيلاف» من الدار البيضاء: انتقد مشاركون في ندوة نظمها نادي روتاري الدار البيضاء الدولي اخيرا قصور سياسة المغرب التواصلية في مجال التعريف بقضية الصحراء. واعتبروا أن نقطة ضعف المغرب هي عدم التوفر على سياسة واضحة في هذا المجال وضعف إلمام المغاربة عموما بتفاصيل ملف الصحراء وتاريخها.
وقال حسن أبو يوب ، سفير المغرب لدى إيطاليا "ليست لدينا سياسة إعلامية استباقية وتوثيقية في هذا المجال"، مشيرا إلى أن دراسة حول تعامل الإعلام المغربي مع قضية الصحراء أبرزت أن 93 في المائة من التناول الإعلامي لقضية الصحراء عبارة عن ردود فعل على دعاية جبهة البوليساريو. وقال "إن ما يحرك الرأي العام المغربي في هذا المجال هو دعاية جبهة البوليساريو".
وأوضح أبو أيوب أن هناك جهل كبير لدى المغاربة بقضيتهم، مشيرا إلى أن المسؤولين أنفسهم لديهم خلط في المفاهيم بين الحكم الذاتي وتقرير المصير والاستقلال والاستفتاء، لدرجة أن بعضهم لا يستطيع حتى الحديث عن تقرير المصير أو عن الحكم الذاتي، في حين أن الحكم الذاتي يعد شكلا من الأشكال الممكنة لتحقيق تقرير المصير، وأن هذا المصطلح الأخير أساسي بالنسبة للأمم المتحدة وميثاقها.
وقال أبو يوب "نحن من ضخم صورة جبهة البوليساريو، وأعطيناها أكثر مما تستحق"، مشيرا إلى أن "بوليساريو" ببساطة لا وجود له، وأنه عمليا انتهى ومات مع نهاية الحرب الباردة. وأوضح أبو يوب أن الاتحاد السوفياتي هو من صنع "بوليساريو" وموله لاعتبارات استراتيجية في السبعينيات، وبعد ذلك تولت ليبيا تمويله إلى غاية إبرام اتفاقية الاتحاد العربي الافريقي مع المغرب في 1983. وحاليا الجزائر وحدها التي تمول "بوليساريو" التي لم تعد لها من وجود إلا من خلال الخبطات الإعلامية والدبلوماسية.
اعضاء روتاري الدار البيضاء في صورة تذكارية مع السفير حسن ابو أيوب والكاتب والصحافي علي باحيجوب |
وبشأن سكان مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف في الجنوب الغربي من الجزائر ، أوضح أبو يوب أن الصحراويين المغاربة من بينهم يعدون بنحو 18 إلى 20 ألف شخص، والباقون من أصول مالية وموريتانية. مشيرا إلى أن هؤلاء لا يزالون يشكلون وزنا كبيرا في الانتحابات الموريتانية حيث يتم نقلهم بالشاحنات للمشاركة فيها.
وخلص أبو يوب إلى أن قضية الصحراء في نظره هدية من الجزائر للمغرب، وعليه أن يشكرها عليها، لأنه بفضلها تمكن من تسريع الإصلاحات السياسية والاقتصادية وتدعيم عجلة التنمية.
من جانبه، أكد الكاتب والصحافي المغربي المقيم في بريطانيا، علي باحيجوب إن التواصل يشكل نقطة ضعف المغرب الكبرى في تدبير ملف الصحراء. وقال إن ثلاثة إلى أربعة فقط من السفراء المغاربة يتحدثون للصحافة والأكاديميين ويدافعون عن قضية المغرب، في حين يلتزم الآخرون الصمت. ودعا باحيجوب ، الذي ألف كتابا في الموضوع تحت عنوان "نزاع الصحراء الغربية : الأبعاد التاريخية والإقليمية والدولية" ، وترجم إلى عدة لغات، إلى ضرورة تكوين السفراء والقناصل المغاربة وتعزيز قدراتهم في مجال الدفاع عن قضية الصحراء والتعريف بها في مواجهة ما تقوم به الجزائر. وأعطى أمثلة على دبلوماسيين مغاربة استطاعوا تغيير الوضع وقبله رأسا على عقب في البلدان التي عملوا فيها عبر الانفتاح على الإعلام وعلى الأوساط السياسية والأكاديمية. وقال "نحتاج دبلوماسيين مناضلين يحملون القضية ويدافعون عنها بكفاءة".
ابو أيوب يتحدث خلال الندوة |
وتحدث باحيجوب عن مختلف المراحل التي قطعتها قضية الصحراء منذ دعوة الأمم المتحدة لكل من المغرب وإسبانيا للتفاوض بشأن حل سياسي لإنهاء الإحتلال الإسباني للصحراء، وصولا إلى اتفاقية مدريد بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا، والتي اعترفت بها الأمم المتحدة والجمعية العمومية لشيوخ وممثلي القبائل الصحراوية، وقاضي العيون الذي كان يعتبر أكبر سلطة دينية في الصحراء الغربية. وأضاف "الجميع صادقوا عليها باستثناء الجزائر".
وأشار باحيجوب إلى أن الرئيس الجزائري الهواري بومدين دافع بحماس خلال القمة العربية لعام 1974 عن المطالب المغربية والموريتانية في الصحراء، وذلك أمام كل الملوك والرؤساء العرب. غير أنه سنة بعد ذلك غير موقفه وشن حربا ضد المغرب استمرت 15 سنة.
جانب من الحضور |
التعليقات