الرياض: أقرّ رئيس هيئة التفاوض السورية نصر الحريري ب"خسارات عسكرية مهمة" تكبدتها المعارضة على الارض في سوريا، إلا أنه شدد على انها "لم تخسر الحرب"، داعيا الى تفعيل المسار السياسي للتوصل الى حل للنزاع المستمر منذ 2011.

وأكد الحريري في مقابلة مع وكالة فرانس برس أجريت الخميس في الرياض، ان المجتمع الدولي فوّض هذا الحل الى روسيا، حليفة النظام. واستبعد حصول معركة في محافظة إدلب، لانها "لن تكون سهلة"، معولا على "ضمانة" تركية للحؤول دون هذه المعركة التي يسعى اليها النظام وحلفاؤه.

وقال الحريري "عسكريا، خسارات المعارضة هي خسارات مهمة"، لأن "بإجماع دولي تم وقف الدعم العسكري وغير العسكري عن قوى الثورة والمعارضة، وحتى الدعم السياسي توقف الى حد كبير.. بالمقابل، تم تفويض روسيا التدخل بالشكل الذي تريد".

وردا على سؤال عما اذا كان هذا يعني ان المعارضة خسرت الحرب، قال "لا أبداً".

وتابع "المعارضة تراجعت كثيرا عسكريا، وبقي أمامنا المسار السياسي الذي يتم فيه تطبيق بيان جنيف والقرار 2254" اللذين ينصان على مرحلة انتقالية في سوريا يتم خلالها تشكيل حكومة تضم ممثلين عن الحكومة والمعارضة، وإجراء انتخابات.

وتقدمت المعارضة قبل أيام بأسماء مرشحيها لعضوية اللجنة الدستورية الموكل تشكيلها المبعوث الدولي الى سوريا ستافان دي ميستورا، تنفيذاً لمقررات مؤتمر سوتشي الذي نظمته روسيا في يناير وضم ممثلين عن أطراف سوريين.

ولفت الحريري الى أن "مسار جنيف متوقف منذ أشهر عدة والأمم المتحدة في وضع يرثى له مثلنا، ولا تستطيع أن تغير شيئاً في غياب الإرادة الدولية".

وعقدت خلال السنوات الماضية جلسات تفاوض عدة برعاية الامم المتحدة في جنيف ضمت ممثلين عن الحكومة والمعارضة، لم تخرج بنتيجة. في المقابل، ترعى روسيا ومعها تركيا الداعمة للمعارضة وايران، حليفة النظام، اجتماعات في استانا توصلت الى اتفاقات على خفض التوتر في مناطق عدة. لكن العمليات العسكرية بمساندة روسية وايرانية والاتفاقات على الارض حصلت على حساب فصائل المعارضة التي تقلص وجودها وبات يقتصر على محافظة ادلب في شمال غرب البلاد.

"المعركة لن تكون سهلة في ادلب"

وقال الحريري "رهاننا ليس على النظام (...) رهاننا على الدولة التي تدعم النظام رغم أنها لا تزال تقاتل الى جانبه وترتكب الجرائم معه.. لكن كونها فُوضت دولياً وكونها اللاعب الأكبر اليوم في سوريا، مع انسحاب معظم الدول من الملف السوري، نحن مستمرون في العملية السياسية وفق المرجعيات الدولية".

من جهة أخرى، استبعد الحريري هجوما لقوات النظام على إدلب، معتبرا ان المعركة فيها "لن تكون سهلة".

وكان يتحدث قبل تصريحات الاسد الخميس التي اعلن فيها ان الهدف المقبل لقوات النظام هو إدلب.

وقال الحريري "لا شك لدي بأن لدى النظام وايران رغبة قوية بفتح معركة عسكرية في ادلب، لكن أعتقد أن هذا الامر لن يكون متاحاً لهما".

وأضاف "نتبع كل الاجراءات لحماية ادلب والمدنيين فيها بالتعاون مع تركيا كدولة ضامنة (..) من أجل تجنيب ادلب هذا المصير العسكري"، مشيرا الى "نقاشات" تجريها تركيا مع "روسيا كونها اللاعب الاكبر في الملف السوري". 

وتعبتر تركيا وروسيا وايران الدول الضامنة لاتفاق خفض التصعيد في محافظة ادلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة.

وشكلت إدلب المحاذية لتركيا خلال السنوات الأخيرة وجهة لعشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين الذين تم اجلاؤهم من مناطق عدة كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة أبرزها مدينة حلب والغوطة الشرقية قرب دمشق.

وتحدث الحريري عن عوامل عدة تحول دون شن هجوم عسكري على المحافظة، بينها أن "المعركة لن تكون سهلة، مع وجود عشرات آلاف المقاتلين من اهالي المنطقة أو الذين تم تهجيرهم من مناطق فرضت عليها التسويات".

وحذرت منظمات دولية من كارثة انسانية في حال شن هجوم عسكري على ادلب التي تؤوي وفق الأمم المتحدة 2,5 مليون شخص، نصفهم من النازحين.

"حرب استنزاف"

وتنفيذاً لاتفاق خفض التصعيد، نشرت تركيا عشرات نقاط المراقبة خلال الأشهر الأخيرة في محافظة ادلب، ما يجعل وفق الحريري "من الصعب على النظام وايران وروسيا القيام بأي عملية الا اذا انسحبت القوات التركية. واذا لم تنسحب سينبئ ذلك بحرب اقليمية وربما عالمية".

ورأى أن "خيار التهجير" لن يكون ممكناً "إلا إذا أرادت روسيا أن تهجرهم خارج سوريا وهذا مستحيل، ومن شأنه أن يضع المقاتلين امام معادلة واحدة هي القتال حتى النهاية".

واضاف "سيؤدي ذلك الى حرب استنزاف طويلة الأمد، ليس من السهل لأي طرف أن يحسمها، وقد تؤدي الى كوارث على المستوى المدني وبالتالي ستعيق الوصول الى حل السياسي".

وخلص الى القول "لذلك أعتقد أن معركة ادلب لها حسابات أخرى مختلفة".