أصبحت زيارات وتحركات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي العهد الإماراتي الشيخ محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الشرق، وتحديدًا صوب الصين والهند، أكثر منها باتجاه الغرب، على العكس مما كانت تفعله القيادات والزعامات العربية على مدار التاريخ، فالرئيس المصري السيسي قام بزيارة الصين 6 مرات منذ عام 2014، وبالنظر إلى أن هناك تطابقًا في الرؤى السياسية والإقتصادية بين الثلاثي الأكثر تقاربًا وتأثيرًا في المنطقة العربية في الوقت الراهن "السعودية والإمارات ومصر"، &فإن الإتجاه صوب الصين يبدو متفقًا عليه بين هذه الدول بقياداتها المتناغمة على الأرجح.

إيلاف من دبي: في أسباب ودوافع وأسرار هذا التوجه العربي صوب الصين على حساب العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، فإن السبب في ذلك يعود إلى أن الصين تصدر للدول العربية بضائع، ولا تسعى إلى تصدير أيديولوجيات سياسية مع هذه البضائع، كما إنها لا تتدخل في الشأن السياسي الداخلي للدول العربية، أي إن العلاقة ناجحة إقتصاديًا من دون أن يدفع العرب فاتورة سياسية باهظة، على العكس مما يحدث في العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية.


&
الصحافة الآسيوية، وعلى وجه التحديد صحيفة "Japan Times" اليابانية خصصت ملفًا شاملًا عن أسرار التقارب العربي الصيني، وما إذا كان ذلك على حساب العلاقة مع الولايات المتحدة والغرب.&

وأشارت إلى أن هناك قلقًا كبيرًا في واشنطن من هذا التعاون الكبير بين السعودية والإمارات ومصر مع الصين، صحيح أن الولايات المتحدة الأميركية تدرك جيدًا أن ثقلها السياسي في المنطقة العربية لا يزال كبيرًا مقارنة مع الصين، التي تتجه إلى المنطقة بمنظور إقتصادي، إلا أن هذا التقارب العربي الصيني أصبح يثير مخاوف حقيقية في واشنطن، ويحقق مكاسب كبيرة للجانبين العربي والصيني.
&
قريبًا.. الصينية في مدارسنا!
قريبًا سوف يتم إدخال اللغة الصينية في المدارس السعودية والإماراتية، وهي إشارة تؤكد عمق التقارب مع الصين، خاصة أن هناك تعاونًا إقتصاديًا شاملًا بين العرب والصين، ورغم أنه يرتكز في المقام الأول على&الطاقة والصناعات المتعلقة بها، إلا أنه تطور في السنوات الأخيرة ليشمل قطاعات أخرى، مثل الدفاع والصناعات العسكرية، وغيرهما، وهو تعاون يتم بهدوء تام بعيدًا عن أي نفوذ سياسي للصين في المنطقة العربية.


&
245 مليار دولار
وفقًا لآخر الإحصائيات بلغ حجم التبادل التجاري العربي الصيني 245 مليار دولار، منها، وتستورد الصين من العرب ما قيمته 140 مليار دولار، فيما تبلغ واردات العرب من الصين 105 مليارات دولار، وتستحوذ الدول الخليجية على 66 % من التجارة العربية مع الصين، مما يؤكد أن اتجاه العرب شرقًا ليس مجرد هروب من فاتورة سياسية باهظة الثمن مع الغرب فحسب، بل إن التبادل التجاري العربي الصيني يستحق هذه الدرجة من عمق العلاقات بين الطرفين.

الصين.. لماذا؟
إتفاقيات الدفاع المشترك طويلة الأمد بين الولايات المتحدة وبعض الدول العربية، خاصة تلك التي اتجهت صوب الصين، ليس عائقًا في التوجه الجديد حتى الآن على الأقل، وفقًا للتقرير الياباني، والذي يضيف: "الذكاء الصيني يجذب الدول العربية بهدوء تام، فالصين لا تطلب من السعودية ومصر والإمارات أن تختار بينها وبين الولايات المتحدة، ولا تفرض على هذه الدول نفوذًا سياسيًا، ولا تتدخل في شأنها السياسي الداخلي، بل تتيح لهذه الدول أعلى درجات التبادل والتعاون التجاري من دون أن تجعلها تدفع فاتورة سياسية، على العكس مما تفعله الولايات المتحدة، فالصين تريد تصدير البضائع إلى العرب، وليس الأفكار أو الأيديولوجيات السياسية".