تايبيه: فازت رئيسة تايوان المنتهية ولايتها تساي إينغ-وين في الانتخابات الرئاسية السبت، اثر حملة انتخابية نددت فيها باستبداد بكين، فيما قادت السلطة الشيوعية من جانبها حملة تخويف اقتصادية ودبلوماسية لعزل هذه الجزيرة.

قالت اينغ-وين خلال إعلانها الفوز "أظهرت تايوان للعالم إلى اي مدى نحب نمط حياتنا الحر والديموقراطي، وإلى اي مدى نحب أمتنا". وتنظر الصين إلى تايوان على أنّها إقليم يتبع لها، وتعهدت سابقا استعادة السيطرة عليها، ولو بالقوة إذا احتاج الأمر.

وأعلنت الرئيسة المنتخبة أنّ "السلام يعني تخلي الصين عن تهديداتها تجاه تايوان". أعربت عن آمالها بأن "تدرك السلطات في الصين أنّ تايوان، البلد الديموقراطي، وأنّ حكومتنا المنتخبة ديموقراطيا، لن تتراجع في وجه التهديدات والتخويف".

فور ظهور النتائج، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان أنّ "الولايات المتحدة تهنئ" اينغ-وين و"تهنئ ايضا تايوان لإظهارها مرة جديدة فعالية نظامها الديموقراطي الصلب (...) الذي أصبح نموذجا يحتذى به" في منطقتها.

وفي وقت لاحق، اكدت بكين بدون الإشارة مباشرة إلى فوز تساي "معارضة أي شكل من أشكال الاستقلال لتايوان"، وذلك في بيان مقتضب لمكتب شؤون تايوان في البر الصيني.

صرح المتحدث باسم المكتب ما شياو كانغ لوسائل الإعلام الحكومية أن بكين تواصل "التمسك بالمبادئ الأساسية" لإعادة التوحيد السلمي" وبـ"دولة واحدة بنظامين "ومبدأ صين واحدة".

واكد معارضته الشديدة لاستقلال تايوان، لكنه قال "نحن مستعدون للعمل مع أبناء تايوان" لتعزيز العلاقات السلمية و"دفع عملية إعادة التوحيد السلمي للوطن الأم".

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جينغ شوانغ لوكالة شينخوا أنه يأمل أن "يتفهم المجتمع الدولي ويدعم القضية العادلة للشعب الصيني في معارضة الأنشطة الانفصالية الهادفة الى +استقلال تايوان+، وإعادة توحيد الوطن".

صفعة
وصوّت 19 مليون ناخب للاختيار خصوصاً بين الرئيسة تساي إينغ-وين وخصمها الرئيسي هان كيو-يو. وبحسب الأرقام التي نشرتها مفوضية الانتخابات، نالت تساي عددا قياسيا من الأصوات بلغ 8,1 مليون صوت، ما يزيد بـ1,3 مليون على الاصوات التي نالتها في انتخابات 2016. وحصدت تساي 57,1% من الأصوات.

وقال المحلل السياسي هانغ تشين-فو من جامعة تشانغ كونغ الوطنية لفرانس برس، إنّ "فوز تساي اينغ-وين يمثّل صفعة لبكين لأنّ التايوانيين لم يتراجعوا أمام التخويف".

وكانت تساي التي أدلت بصوتها صباحاً، قالت للصحافة إنها تأمل أن يؤدي التايوانيون واجباتهم كمواطنين من أجل "تعزيز الديموقراطية التايوانية".

من جهته، رفض المنافس الأقرب لها هان كيو-يو المنتمي إلى الحزب القومي الصيني، الإدلاء بأي تصريح أثناء مروره أمام مكتب الاقتراع في معبد في كاوهسيونغ، ثاني أكبر مدينة في تايوان، والتي يرأس بلديتها. ولهذين المرشحين رؤيتان مختلفتان لمستقبل علاقات الجزيرة مع بكين، أكبر شريك اقتصادي لتايوان.

ترفض تساي مبدأ الوحدة بين بكين والجزيرة، كما حزبها الديموقراطي التقدمي، الذي ينشط تقليدياً من أجل استقلال تايوان. ويثير موقفها هذا غضب بكين التي لم تتوقف عن التصعيد ضد تايوان منذ وصول تساي إلى السلطة.

تحوّل
قطعت الصين لذلك المبادلات الرسمية مع حكومة تساي، مصعدةً في الوقت نفسه الضغوط الاقتصادية والتدريبات العسكرية.

في المقابل، يفضل خصمها هان كيو-يو التقارب مع بكين، مسلطاً الضوء خصوصاً على المكاسب التي قد تنالها الجزيرة في المجال الاقتصادي.

وقبل عشرة أيام من الاستحقاق الانتخابي، كان يمنع نشر نتائج استطلاعات رأي في تايوان. وكانت تساي تعاني قبل عام من تراجع في استطلاعات الرأي، مقابل تحقيق الحزب القومي الصيني المعارض اختراقاً في الانتخابات المحلية.

فاز حينها هان كيو-يو، الوافد الجديد على الحياة السياسية برئاسة بلدية كاوهسيونغ التي كانت تاريخياً للحزب الديموقراطي التقدمي.
وترشح لاحقاً لرئاسة حزبه. غير أن الزخم المحيط بترشحه تراجع مع انتقاد معارضيه خصوصاً افتقاره للخبرة وعلاقاته القريبة جداً مع بكين.

لعبت المخاوف من تسلط الحزب الشيوعي الحاكم في بكين دوراً في حملة الانتخابات الرئاسية التايوانية. وفي العام الماضي، ألقى الرئيس الصيني شي جينبينغ خطاباً اعتبر فيه أن ضمّ تايوان إلى الوطن الأم امر "لا مفر منه". واستغلت تساي في حملتها الانتخابية تلك المخاوف.