بيروت: رأت أغلبية قراء "إيلاف" أن التدخل العسكري المصري لن يضع حدًا للحرب الأهلية في ليبيا، إنما سيفتح فصلًا جديدًا من فصولها، ما دام الجميع متأكدًا من أن الحل الليبي يقوم على التسوية السلمية، لا على الغلبة العسكرية.

ضاعفت مصر من جاهزيتها العسكرية على حدودها مع ليبيا، وأفاد موقع "ديفينس بلوغ" المعني بالشؤون الأمنية بأن القوات المصرية نشرت دبابات على الحدود مع ليبيا، ونشر الصحافي ومحلل الطيران العسكري باباك تغافي على حسابه في تويتر مقطع فيديو يظهر قافلة عسكرية مصرية تضم 18 دبابة من طراز "أبرامز" بالقرب من الحدود مع ليبيا.

وغرد قائلًا إنها جزء من قوات تابعة للجيش المصري تستعد للتدخل في ليبيا "ضد الميليشيات الإسلامية المدعومة من تركيا والمرتزقة السوريين". كما رُصد ما لا يقل عن 7 حوامات هجومية من طراز "أم أي – 24" المتطورة في هذه المنطقة.

إن كان هذا دليلا على نية مصر التدخل عسكريًا في ليبيا، سألت "إيلاف" القارئ العربي: "هل ينجح التدخل المصري في وضع حد للحرب في ليبيا؟".

شارك في هذا الاستفتاء 456 قارئًا، أجاب 150 منهم بـ "نعم"، بنسبة 33 في المئة؛ وأجاب 306 قراء منهم بـ "لا"، بنسبة 67 في المئة.

حشود وإعلان القاهرة

تزامن الكشف عن التحركات العسكرية المصرية المكثفة على الحدود المصرية – الليبية مع مبادرة مصرية لإنهاء الحرب الأهلية في ليبيا، سُميت "إعلان القاهرة"، أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في السادس من يونيو الجاري، فقبلها المشير خليفة حفتر، قائد "الجيش الوطني الليبي" الذي تعرض أخيرًا لهزائم متتالية، فيما رفضها فائز السراج، رئيس حكومة "الوفاق" الوطني الليبية.

ووصف السيسي مبادرته حين أعلنها بأنها تدعو إلى احترام الجهود والمبادرات الدولية بإعلان وقف إطلاق النار ابتداء من 6 مساء الاثنين 8 يونيو، حاثًا العالم على دعم مبادرته لأنها تدعو إلى سحب "المرتزقة الأجانب" من كل الأراضي الليبية.

لم تكتفِ حكومة الوفاق، التي تدعمها تركيا وتمدها عسكريًا بالآلاف من مسلحي الثورة السورية، الذين يأتمرون بأمر أنقرة، برفض مبادرة السيسي، إنما بادرت عسكريًا إلى مهاجمة مدينة سرت، خصوصًا أن المبادرة المصرية أتت بعد هزائم عدة مُني بها حفتر وفقدانه في أقل من شهر قاعدة الوطية العسكرية المهمة ومطار طرابلس ومدينة ترهونة، ليصبح الغرب الليبي في قبضة حكومة الوفاق.

لا ينهيها

السؤال: هل التدخل المصري كفيل بوقف الحرب الليبية؟ كلا، يقولها المراقبون، كما قالتها أغلبية قراء "إيلاف". فالتدخل المصري بحسب هؤلاء المراقبين سيكون تدخلًا أجنبيًا آخر يوضع إلى جانب التدخل التركي الرسمي إلى جانب حكومة "معترف بها دوليًا"، بغض النظر عما يقوله حفتر وداعموه، ومصر أولهم، والتدخل الروسي غير الرسمي.

هذا الرأي هو رأي تركيا أيضًا، لكن من منطلق مختلف. قال إبراهيم قالن، متحدث الرئاسة التركية، إن الحل في ليبيا "سياسي وليس عسكريًا، وأنقرة تدعم الحل السياسي والحكومة الشرعية"، مضيفًا أن بلاده ترى أن المبادرات البديلة والهدنة الأحادية لن تستمر بجدول إيجابي في ظل مبادرات دولية مثل الأمم المتحدة ومؤتمر برلين.

لماذا؟

يسأل مراقبون: "إن كانت أنقرة ترى فعلًا أن الحل سياسي في ليبيا، فما الذي يدعوها إلى التدخل عسكريًا لنصرة حكومة لا يجتمع عليها الليبيون جميعهم، إنما تلبس الوفاق لبوسًا وقلبها لا صلة له بالوفاق؟ وأي حل سياسي تنادي به أنقرة إن كانت ترسل إلى طرابلس الغرب آلافًا من المرتزقة السوريين الذين جاربوا في بلادهم تحت اسم الثورة السورية بينما ولاؤهم للاستخبارات التركية؟"

يضيف هؤلاء المراقبون أن التدخل المصري إن حصل فسيكون لنصرة حفتر المتراجع الآن، لأنه يمثل الخيار العربي في ليبيا، مقابل خيار التتريك الذي تدافع عنه أنقرة بحجة 500 سنة من التاريخ التركي – الليبي المشترك. وبالتالي، لن يكون التدخل العسكري المصري جامعًا، ما دامت البلاد مقسومة انقسامًا عميقًا.

الحل ليبي

في إجابة على بعض هذه الأسئلة، قال رأي "البيان" الإماراتية الجمعة إنه مهما حاولت تركيا، "فإن الحل في ليبيا لن يكون إلا ليبيًا، من خلال تغليب مصلحة الدولة على المصالح الضيقة، حيث إن التوافق الدولي على ’إعلان القاهرة‘ الذي يدعو إلى بدء حوار سياسي شامل بين جميع أبناء الشعب الليبي، من شأنه استعادة الليبيين لوطنهم، وبناء الدولة، ووقف التدخلات التركية التي غذت خيار الحرب والإرهاب".

أضافت "البيان" أن "إعلان القاهرة" يعد ضربة قاصمة للأطماع التركية في ليبيا، "بل إنه يثبت للعالم أن الحل في ليبيا لا بد من أن يكون على يد أبنائها، بخلاف التدخّل التركي القائم على الحشد العسكري، ودعم الإرهاب في الداخل الليبي وخارجه".

فصل جديد!

تابعت "البيان": "لا يمكن أن يكون هناك استقرار في ليبيا إلا إذا تم إيجاد وسيلة لتسوية سلمية للأزمة، تتضمن تفكيك الميليشيات، ووضع حد لتوريد المرتزقة، ولا شك في أن هذه الميليشيات تستمد قوتها من ضعف الدولة، وضعف مؤسساتها، ومن الانقسام السياسي الذي ابتليت به. لذلك، فإن خيار الوحدة ونبذ الخلافات والصراعات والتطاحن، هو الطريق لدرء خطر الميليشيات، وحماية مقدرات الدولة الليبية، وضمان أمنها واستقرارها".

إن الخيار المتمثل اليوم بـ "إعلان القاهرة" هو الجانب الإيجابي من التدخل المصري في الشأن الليبي، ما دام قائمًا على الحل السياسي، فيما يمثل التلويح بتدخل عسكري مصري في ليبيا تغليبًا لفريق ضد آخر، وهذا يفتح فصلًا جديدًا من فصول الحرب الأهلية الليبية، ولا يُنهيها.