إيلاف من لندن: تواصلت الانتقادات العلمية العالمية للقاح كورونا الذي أعلن عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقالت تقارير إن اللقاح تم تسجيله بعد 42 يومًا فقط من البحث، وقيل إن فعاليته "غير معروفة".

وقالت إحدى الوثائق المسربة عن اللقاح، إن اختباراته أجريت على 38 شخصًا فقط، وتسبب في آثار جانبية بما في ذلك الألم والتورم، وفقًا للأوراق الرسمية، حسب ما نقلت موقع (فونتانكا) الروسي للأنباء.

وتقول إحدى الوثائق المقدمة للتسجيل أنه "لم يتم إجراء دراسات سريرية لدراسة الفعالية الوبائية"، على الرغم من ادعاءات بوتين بأن اللقاح اجتاز "جميع الاختبارات اللازمة".
وهناك أيضًا تساؤلات حول قدرة اللقاح على تكوين أجسام مضادة كافية، بعد أن قال بوتين إن ابنته قد طورتها بالفعل بعد حقنها.

تعليق موراشكو
علق وزير الصحة الروسي، ميخائيل موراشكو، اليوم الأربعاء، على الانتقادات الأجنبية بشأن اللقاح الروسي ضد فيروس كورونا. وأشار الوزير إلى أن العديد من الدول قد استخدم بعض أساليب الانتقاد، مشددا على أن المنصة التي تم إنشاء اللقاح عليها مدروسة جيدا وآمنة، فقد تم استخدامها سابقا في تصنيع وإنتاج أدوية أخرى.

وقال موراشكو، خلال مؤتمر صحفي حول تسجيل أول لقاح ضد "كوفيد-19": "أعتقد، أولاً وقبل كل شيء، أن تلك الصناعات الموجودة في روسيا، سوف تركز على السوق المحلية، لأننا نحتاج إلى تغطية احتياجات مواطنينا. نحن نقترح إنتاج اللقاحات في الدول الأجنبية، واليوم تجري مثل هذه المفاوضات: انضم صندوق الاستثمار المباشر الروسي إلى العمل على تصدير التقنيات والأدوية بشكل مباشر".

وعن موعد إنتاج اللقاح قال الوزير الروسي "إن الإنتاج الكمي لأولى الدفعات من لقاح كورونا سيتم خلال الأسبوعين القادمين".
وعلق وزير الصحة الروسي، على الانتقادات بشأن اللقاح "الزملاء الأجانب الذين يشعرون على ما يبدو بمنافسة معينة، يحاولون التعبير ببعض العبارات، التي في رأينا لا أساس لها على الإطلاق".

وقال موراشكو: "بحسب النتائج، أظهر اللقاح فعالية وأمانا عاليين، وذلك من خلال اختبارات على المتطوعين، الذين لم تظهر عليهم أية مضاعفات خطيرة".

مكانة وطنية
وقال تقرير لصحيفة (ديلي ميل) البريطانية، إن روسيا جعلت من سباق اللقاح مسألة "مكانة وطنية" وسميت المنتج "سبوتنيك الخامس (Sputnik V)" تيمنا باسم أقمار الفضاء السوفياتية السابقة، مما أثار مخاوف من تعرض السلامة للخطر من أجل صورة روسيا.

وانتقد علماء يوم أمس، بوتين بسبب الخطوة "المتهورة والحماقة" التي يقولون إنها قد تزيد الوباء سوءًا إذا ثبت أن اللقاح خطير أو غير فعال.
بينما قال بوتين إن ابنته لم تعانِ من آثار جانبية أسوأ من ارتفاع درجة الحرارة، وقال معهد أبحاث (غامالي) الذي أنتج اللقاح: "ليس من الممكن تحديد مدى حدوث الأجسام المضادة AEs بدقة أكبر بسبب محدودية عينة المشاركين في الدراسة".

ومن بين 38 متطوعًا بشريًا بالغًا يتمتعون بصحة جيدة تم اختبارهم، تم تسجيل 144 حدثًا سلبيًا منفصلاً. وقالت الوثيقة إن هذه الأحداث السلبية مرت معظمها "دون عواقب"، ولكن في اليوم 42 من الدراسة، كان 31 من هذه الآثار الجانبية لا تزال مستمرة. وقيل إن نتائج 27 حدثًا سلبيًا لا تزال غير معروفة للمطور.

آثار جانبية
ومن بين الآثار الجانبية التورم والألم وارتفاع الحرارة - ارتفاع درجة حرارة الجسم - والحكة في مكان الحقن. كما تم الإبلاغ عن المظاهر الشائعة مثل الضعف الجسدي أو نقص الطاقة، والشعور بالضيق، والحمى، وانخفاض الشهية، والصداع، والإسهال، واحتقان الأنف، والتهاب الحلق، وسيلان الأنف.

وأظهرت الاختبارات أنه في اليوم الثاني والأربعين بعد التطعيم، كانت لدى المتطوعين أجسام مضادة أقل من المستويات المتوسطة. وتشير الوثيقة إلى أن اللقاح غير مسموح به أيضًا لمن هم أقل من 18 عامًا أو أكثر من 60 عامًا بسبب نقص البحث حتى الآن عن تأثيره.
ولا ينصح باللقاح للنساء الحوامل والمرضعات لأنه لم تتم دراسة "فعاليته وسلامته". كما لم يتم دراسة تفاعل اللقاح مع الأدوية الأخرى وتأثيره على القدرة على قيادة المركبات.

كما يجب استخدامه بحذر للأشخاص الذين يعانون من مجموعة من الأمراض المزمنة في الكلى والكبد والسكري والصرع والأشخاص الذين لديهم تاريخ من السكتات الدماغية وأمراض القلب والأوعية الدموية ونقص المناعة وأمراض المناعة الذاتية وردود الفعل التحسسية مثل التأتب (الحساسية للعلاج) والأكزيما.

وكان رئيس معهد (غامالي) ألكسندر غينتسبيرغ، قال لوكالة إنترفاكس الروسية: "عندما ننتهي من مرحلة ما بعد التسجيل، والتي بدأناها للتو، يحق لنا قانونًا تقديم المستندات لاختبار هذا اللقاح على الأطفال".

غير مشجعة
لكن موقع (فونتانكا) الإخباري قال إن وثائق معهد غامالي "لا تبدو مشجعة مثل تصريحات فلاديمير بوتين ووزير الصحة ميخائيل موراشكو".
وتأتي عمليات الكشف اليوم في أعقاب موجة من الانتقادات من العلماء بشأن التسرع الذي تم تسجيله، قبل أن يخضع لما يسمى بتجارب المرحلة الثالثة. وقال الاتحاد الروسي لمنظمات التجارب السريرية: "الموافقة السريعة لن تجعل روسيا رائدة في السباق، بل ستعرض مستهلكي اللقاح لخطر غير ضروري".

وانتقد البروفيسور فرانسوا بالوكس من معهد علم الوراثة بجامعة لندن الخطوة الروسية. وقال "هذا قرار متهور وأحمق". وأضاف: "التطعيم الجماعي بلقاح تم اختباره بشكل غير صحيح أمر غير أخلاقي".

حملة كارثية
وحذر بالوكس من أن "أي مشكلة في حملة التطعيم الروسية ستكون كارثية سواء من خلال آثارها السلبية على الصحة، ولكن أيضًا لأنها ستزيد من تراجع قبول اللقاحات لدى السكان".

ومن جهته، قال وزير الصحة الألماني ينس سبان، اليوم الأربعاء، إن اللقاح الروسي لم يتم اختباره بشكل كافٍ. واضاف: "قد يكون من الخطير البدء بتلقيح الملايين، إن لم يكن المليارات، من الناس في وقت مبكر جدًا لأنه قد يقضي إلى حد كبير على قبول التطعيم إذا حدث خطأ، لذلك أنا متشكك للغاية بشأن ما يحدث في روسيا".

وأضاف: "سأكون سعيدًا إذا حصلنا على لقاح أولي وجيد، لكن بناءً على كل ما نعرفه - وهذه هي المشكلة الأساسية، وهي أن الروس لا يخبروننا كثيرًا - لم يتم اختبار هذا بشكل كافٍ".
وختم وزير الصحة الألماني قائلا: "الأمر لا يتعلق بأن تكون الأول بإنجاز اللقاح بطريقة أو بأخرى، بل يتعلق بالحصول على لقاح فعال ومختبر وبالتالي آمن".

خبراء ومخاوف
وكان خبراء أعربوا عن مخاوف بشأن سرعة العمل الروسي في مجال إنتاج لقاح، مشيرين إلى أن الباحثين الروس ربما تجاوزوا بعض الخطوات المعتادة من أجل تسريع العملية.

ووسط مخاوف من احتمال حدوث تساهل في التأكد من سلامة اللقاح، حثت منظمة الصحة العالمية روسيا الأسبوع الماضي على اتباع الإرشادات الدولية الخاصة بإنتاج لقاح ضد مرض كوفيد-19.

وحاليا، لا يندرج اللقاح الروسي ضمن قائمة لمنظمة الصحة العالمية من ستة لقاحات، وصلت إلى المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، والتي تشمل اختبارات أوسع نطاقاً على البشر.