ايلاف من الرياض: تأتي ذكرى مناسبة اليوم الوطني الـ90 في المملكة غداً، معها يستحضر السعوديون مشهد ذكرى توحيد البلاد، أثناء انطلاق ملاحم التوحيد والكفاح بعزم السيوف على أيدي الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن ورجاله لرأب الصدع بين القبائل المتناحرة وتوحيد ثرى الوطن.

ذكرى العيد الوطني السعودي تحل في أعقاب ظروف استثنائية فرضتها الجائحة الصحية على البشرية جمعاء، في المقابل جابهت المملكة صحياً واقتصادياً كافة تلك التحديات التي خُلقت من رحم الأزمة إلى جانب عملها الدؤوب في تحقيق وظائف الدولة الأساسية مثل العدالة والمساواة بالإضافة إلى توفير الرعاية لمواطنيها والمقيمين على أراضيها علاوة على تجسيدها مثالاً واضحاً من التماسك والقوة والاستقرار .

الإنسان أولاً

الإنسان على رأس اهتمامات الدولة وذلك هو ديدن حكومة المملكة منذ التأسيس حتى حاضرنا الذي نعيشه، فالسعودية لم تدخر سعياً في حماية وحفظ الأرواح دون مساواة أو تمييز في كافة المواقف والأزمات الإنسانية التي كان آخرها جائحة كورونا، حيث قدمت الحكومة بأمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الرعاية الصحية مجاناً لمخالفي أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود المصابين بفايروس كورونا أو المشتبه بإصابتهم به، في المستشفيات من دون أي تبعات قانونية لاسيما أن وزارة الصحة جهزت 25 مستشفى للتعامل مع حالات الإصابة وأكثر من 2200 سرير لعزل الحالات، فيما خصصت الوزارة الرقم (937) لأيّ استفسار بشأن الفيروس، وشاركت معلوماتها التوعوية في كافة الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف وبأعلى مستويات الشفافية ؛ لرفع مستوى الوعي.

تشكيل لجنة عليا للتعامل مع الأزمة الصحية

للوهلة الأولى، منذ بدء الجائحة شكلت المملكة لجنة مكونة من 13 وزارة معنية بمتابعة الوضع الصحي لفيروس كورونا، وتضم في عضويتها ممثلين من وزارات «الدفاع، الطاقة، الداخلية، الحرس الوطني، الخارجية، الصحة، المالية، الإعلام، التجارة، الاستثمار، الحج والعمرة، والتعليم ، والسياحة » إلى جانب مشاركة كل من الهيئات الحكومية كهيئة الطيران المدني، وهيئة الهلال الأحمر السعودي، الهيئة العامة للغذاء والدواء، والهيئة العامة للجمارك والمركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها

إجلاء المواطنين

عند بدء الجائحة الصحية، أستنفرت سفارات المملكة حول العالم وتحولت إلى ورش عمل لإجلاء المواطنين العالقين في البلدان الموبوءة، حيث وفرت المملكة طائرة خاصة أقلت عشرة طلاب مبتعثين في الصين عند أول رحلة إجلاء من مدينة ووهان بؤرة تفشي الفايروس بالإضافة إلى تخصيص محاجر صحية للقادمين من الدول الموبوءة بكورونا.

وفي السياق ذاته أطلقت وزارة الخارجية السعودية خدمة إلكترونية لعودة المواطنين الراغبين في العودة، والتعامل مع طلبات العودة المسجلة إلكترونياً وتحديد مواعيد السفر، بحسب الخطة المعتمدة.

لم يقتصر الأمر على المواطنين فحسب بل شمل المقيمين أيضاً، فبأمر الملك سلمان أطلقت وزارة الداخلية السعودية مبادرة "عودة" التي تقتضي وبشكل استثنائي تمكين المقيمين الراغبين في العودة من السفر لبلدانهم من خلال تقديم طلبات العودة إلى بلدانهم إلكترونياً عبر منصة "أبشر ".

الموازنة بين الاقتصاد والصحة

التعامل مع جائحة كورونا، فرض على المملكة اتخاذ عدة قرارات وازنت بين مساري الصحة والاقتصاد, وبحسب وكالة الأنباء السعودية " واس" أعلنت وزارة المالية السعودية اتخاذ إجراءات اقتصادية بقيمة تزيد على 120 مليار ريال لتخفيف تداعيات تفشي كورونا على الأنشطة الاقتصادية في البلاد بالإضافة إلى تقديمها مبادرات بشكل عاجل لمساندة القطاع الخاص، كالمنشآت الصغيرة والمتوسطة.

إقامة شعيرة الحج

تهوي أفئدة المسلمين في شتى بقاع المعمورة صوب الحرمين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة للحج والعمرة كل عام، في حين فرضت الجائحة قيودً أكبر، مما دعى السلطات السعودية لإيقاف الزيارات الدينية حفاظاً على سلامة الأرواح البشرية كأحد مقاصد الشريعة الإسلامية، إلا أن المملكة رغم الظروف الاستثنائية دعت إلى إقامة فعالية دينية مثل شعيرة الحج أكبر تجمع بشري في العالم فيما حظي موسم حج هذا العام بمتابعة واهتماما كبيرين من القيادة السعودية لإقامته وسط إجراءات احترازية "استثنائية" فرضتها المملكة على فعاليات الموسم، مسخرة كافة إمكاناتها البشرية والمالية لتأمين سلامتهم، وحمايتهم من الإصابة بالوباء.

و يخضع الحجيج لفحوص كورونا قبل إتمام الشعيرة وتطبيق حجر صحي عليهم مدة 14يوماً بعد الحج بالإضافة إلى تجهيزمستشفى متكامل وتخصيص طواقم طبية لمرافقة الحجاج مع مراعاة التباعد الاجتماعي أثناء أداء المناسك.

البنية التحتية للرقمنة.

جعلت أزمة كورونا التعليم والعمل عن بعد خياراً مطروحاً وسرعان ما عملت الحكومة بذلك الخيار فيما عملت على إيجاد مزيج من أساليب التعليم والعمل التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات أحد لغات العصر الحديث.

في المقابل الاتحاد الدولي للإتصالات وصف البنية التحتية الرقمية في السعودية بالأنجح عالمياً خلال أزمة كورونا وبحسب التقرير فإن ذلك يعود من خلال قدرتها الفائقة في استعياب الزيادة الكبيرة في استهلاك البيانات دون أي تأثير على جودة الشبكة أو سرعة الإنترنت .

ويشير التقرير إلى أن المملكة وضعت خطة استراتيجية للاستثمار في البنية التحتية الرقمية لقطاع الاتصالات بالإضافة إلى أنها كانت جهازة تقنياً عند حلول الجائحة

صندوق الثروة السيادي" قناص الفرص"

ألقت جائحة كورونا بظلالها على اقتصادات العالم أجمع لما فرضته من تداعيات وخيمة في حين نشط صندوق الاستثمارات العامة السعودي وقتئذ مستفيداً من تراجع القيم الأسمية و السوقية للشركات والمؤسسات الدولية جراء الأزمة ليشتري حصصاً في شركات عالمية في مجال الطيران والمصارف وشبكات التواصل الاجتماعي والترفيه.

وبحسب صحيفة "الشرق الأوسط" أظهر إفصاح لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يدير أصولاً بأكثر من 300 مليار دولار، اشترى حصصاً في شركات أميركية كبرى منها: بوينغ و«فيسبوك» وسيتي غروب، تمثل حصص أقلية في تلك الشركات حول العالم مستغلاً ضعف السوق في أعقاب تفشي فيروس كوفيد - 19.