ايلاف من لندن : كشفت منظمة حقوقية دولية الخميس عن اوضاع قاتمة وصعبه يعيشها نازحو المخيمات العراقية التي يجري اغلاقها حاليا مؤكدة ان ذلك قد حرمهم من الخدمات الاساسية التي يحتاجونها داعية الحكومة الى توفير الاحتياجات الانسانية لهم.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية إن عمليات إغلاق المخيمات الجارية حرمت آلاف النازحين من الخدمات الأساسية خلال تفشي فيروس كورونا بسبب الخطط الحكومية "غير الملائمة لإعادتهم إلى ديارهم". واشارت في تقرير اليوم تابعته "ايلاف" ان هذه الخطط لن تنجح في انجاح التهجير المطوّل للعائلات التي اقتلعت من ديارها بسبب القتال بين "تنظيم داعش" والقوات المناهضة له إلا إذا ضمنت الحكومة عودة العائلات التي أُجليت مؤخرا من مخيمات النازحين بأمان إلى منازلها السابقة أو انتقالها إلى ملاجئ جديدة مع إمكانية الوصول الكامل إلى الكهرباء والمياه وخدمات الرعاية الصحية.

استراتيجية تقتضي توفير المساعدات الانسانية
وقالت بلقيس والي باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في المنظمة انه "بعد سنوات من الإهمال، من الإيجابي أن تحاول الحكومة تأمين حلول دائمة للعائلات النازحة بسبب القتال لكن هذه الاستراتيجية لن تنجح إلا إذا كانت تعتمد على الدروس المستفادة من عمليات إغلاق المخيمات السابقة والعودة القسرية التي قُطِعت فيها المساعدات الإنسانية وتُرك الناس ليتدبروا أمورهم بأنفسهم".
واشارت الى انه في آذار مارس الماضي صادقت الحكومة العراقية على "الخطة الوطنية لإعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية المحررة" وأغلقت 16 مخيما على مدى الأشهر السبعة الماضية، وتركت ما لا يقل عن 34,801 نازحا دون ضمان قدرتهم على العودة إلى ديارهم بأمان، أو تأمين مأوى آمن آخر، أو الحصول على خدمات ميسورة التكلفة فيما هناك مخيمان لا يزالان مفتوحين فقط في الأراضي الخاضعة لسيطرة حكومة بغداد، واحد في محافظة نينوى الشمالية والآخر في محافظة الأنبار الغربية ومن المقرر أيضا إغلاقهما.

عائلات نازحة تعيلها نساء
واوضحت هيومن رايتس ووتش ان العديد من سكان المخيمات كانوا من عائلات تعيلها نساء ونزحت بسبب القتال بين داعش والجيش العراقي بين عامي 2014 إلى 2017، والعديد من هذه الأسر كانت مصنفة على أنها تابعة لداعش.
ونوهت الى انه رغم أن الهدف المعلن للحكومة كان إعادة النازحين إلى ديارهم، إلا أن العقبات الإدارية تمنع العائلات التي يُعتقد أنها تنتمي إلى داعش من الحصول على الوثائق، بما في ذلك بطاقات الهوية وشهادات الميلاد والبطاقات التموينية مما يعيق عودتهم الآمنة إلى منازلهم وحصولهم على مزايا الرعاية الاجتماعية والخدمات الحكومية.

شكوك الانتماء الى داعش
واوضحت ان السلطات والمجتمعات تُصنف الأشخاص على أنهم منتمون إلى داعش بناء على شكوك في أن أحد أقاربهم انضم إلى داعش أو كان متعاطفا مع الجماعة وغالبا ما تُطبق هذه التصنيفات في غياب أي دليل على أن هؤلاء الأشخاص أبدوا أنفسهم تعاطفا مع التنظيم، أو انضموا إليه، أو ارتكبوا جريمة فيما لا توجد طريقة لهؤلاء الأشخاص له للطعن في هذا التصنيف.

وقالت ان بعض السلطات المحلية تطبق القانون رقم 20 hgخاص بتعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية في عام 2009 بطريقة "تمييزية" تستثني العائلات ذات الانتماء المتصوّر إلى داعش بينما يٌفترض بالقانون أن يعوّض أي شخص تعرض لتدمير ممتلكاته أو لإصابة وخسائر في الأرواح، في حال حصل الدمار بسبب القتال، بغض النظر عن السبب أو الطرف المتحارب الذي دمرها.
واوضحت انه مع أن العديد من العائلات تقدمت بطلبات للحصول على التعويض لكنها لم تتلقه بعد اذ تمنع السلطات بعض العائلات ذات الانتماء المفترض لداعش من تقديم الطلبات نتيجة لذلك، لن يكون لدى العديد من هذه العائلات الموارد اللازمة لإعادة بناء منازلها.

مبادرة ايجابية وسط معاناة
وبينت رايتس ووتش ان من بين الذين عادوا، كان ثلثهم فقط يعيشون في منازلهم، بينما كان الباقون مستأجرين، أو يستضيفهم آخرون، أو يسكنون مبانٍ غير مكتملة ومهجورة بينما قال 20% منهم إنهم كانوا يخشون طردهم من قبل القوى الأمنية أو مجتمعاتهم المحلية بسبب انتمائهم المفترض إلى داعش. وقالت نصف العائلات التي أُجلِيَت إنها لا تحصل على ما يكفي من الطعام لتلبية احتياجاتها الأساسية، وقال أكثر من ثلثها إنهم لا يحصلون على مياه كافية للشرب.

واضافت انه في خطوة إيجابية في المخيم الوحيد المتبقي في نينوى، جنوب الموصل، في آذار مارس الماضي أنشأت "مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" و"المنظمة الدولية للهجرة" و"منظمة إنترسوس" غير الحكومية ووزارة الهجرة والمهجرين، لجنة لمناقشة العوائق التي تمنع العائلات النازحة من العودة إلى منازلها ومساعدة هذه العائلات في إيجاد حلول دائمة تسمح لها بمغادرة المخيم.

دعوة لتوفير الخدمات الاساسية
ودعت المنظمة الحكومة العراقية الى عدم اغلاق المخيمات المتبقية ما لم تكن السلطات قادرة على ضمان الوصول إلى حلول دائمة بما في ذلك توافر تدابير التخفيف الأساسية من تفشي فيروس كورونا مثل المأوى المناسب والمياه.
وكجزء من الاستراتيجية الوطنية الجديدة فقد طالبت السلطات بالتواصل مع العائلات التي تعيش في حالة نزوح مطوّل في المخيمات وأماكن أخرى لمساعدتها في الحصول على أي وثائق لها لا تزال مفقودة، وفهم سبب عدم تمكنها من العودة إلى ديارهم وأين يريدون العيش، والتأكد من أنه وبغض النظر عن المكان الذي ستستقر فيه، ستتمتع بإمكانية الوصول إلى المأوى والخدمات الأساسية بأسعار معقولة.
وناشدت الحكومة بالتحقيق في مزاعم التمييز من قبل السلطات العامة بما في ذلك التطبيق التمييزي لقانون التعويض لسنة 2009.
وقالت بلقيس والي في الختام "إذا كانت الحكومة تريد حقا ’إغلاق ملف النزوح‘ عليها أن تبدأ العمل على التأكد من أن العائلات النازحة لديها القدرة على أن تستقر من جديد بأمان، سواء بالعودة إلى منازلها أو في أي مكان آخر. هذا يعني ضمان حصولها على الأساسيات – الطعام والماء والمأوى".