باريس: للمرة الثامنة منذ كانون الثاني/يناير، تظاهر معارضو إصلاح نظام التقاعد الذي طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء في فرنسا، في حين يحاول البرلمانيون إيجاد تسوية بشأن هذا النصّ الذي يثير جدلاً وتبدو الحكومة مصممة على تمريره مع أو بدون تصويت.
وصرح لوران بيرجيه الأمين العام لنقابة CFDT، قبل بدء تظاهرة باريس بعد الظهر "أقول للبرلمانيين، لا تصوتوا على هذا القانون، إنه منفصل عن واقع العمل".
منذ 19 كانون الثاني/يناير، تظاهر ملايين الفرنسيين سبع مرات للتعبير عن رفضهم لهذا الإصلاح الذي ينص البند الرئيسي فيه على رفع سن التقاعد القانونية من 62 إلى 64 عاماً. ويثير هذا البند الغضب الأكبر.
إلا أن موقف الحكومة لم يتزحزح وهي اتبعت استراتيجية للتوصل إلى إقرار المشروع بوتيرة سريعة مستخدمة تدابير واردة في الدستور لتسريع النقاش البرلماني.
وفرنسا من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد ولو أن أنظمة التقاعد غير متشابهة ولا يمكن مقارنتها تماماً.
في مرسيليا (جنوب)، تظاهر 7 آلاف شخص الأربعاء، بحسب الشرطة، و160 ألف بحسب النقابة. في 7 آذار/مارس الذي شكل ذروة التعبئة، خرج 30 ألف متظاهر، بحسب الشرطة، و245 ألف، بحسب النقابات.
بعد تظاهرات بمشاركة قياسية في السابع من آذار/مارس ويوم تعبئة شهد أعداداً أقل السبت الماضي، تريد الجبهة النقابية مع يوم التحرك الجديد هذا التأثير مرة أخيرة على تصويت النواب في حين لا تملك الحكومة الغالبية المطلوبة وتحتاج تاليا لدعم اليمين.
انعدام اليقين
وعقد سبعة نواب وسبعة من أعضاء مجلس الشيوخ اجتماعاً مغلقاً في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول مشروع الإصلاح وهو أمر لا مفر منه قبل تصويت نهائي متوقع في الجمعية الوطنية الخميس.
وكما كان متوقعاً، اعتمد نواب البرلمان المادة (7) من المشروع التي تنص على تأجيل السن القانوني من 62 إلى 64 سنة. ويتضح أن مؤيدي هذا التعديل يمثلون الأغلبية في تشكيل هذه اللجنة.
ومن المقرر أن يطرح النص صباح الخميس أمام مجلس الشيوخ، الذي يهيمن عليه اليمين، للمصادقة مرة أخيرة، ويسود عدم اليقين حول تصويت آخر بعد الظهر في الجمعية الوطنية في ظل استمرار الانقسامات ضمن حزب الجمهوريين (يمين).
وقال المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران عقب اجتماع مجلس الوزراء "تسعى الحكومة أكثر من أي وقت مضى إلى أن تدعم الأغلبية الطبيعية هذا الإصلاح العاجل والحاسم لبلدنا".
وقد يدفع انعدام اليقين هذا، الحكومة إلى اللجوء إلى سلاح دستوري معروف بالبند 49.3 الذي يسمح بإقرار المشروع من دون تصويت في البرلمان. لكنها تأمل الا تضطر إلى استخدام هذا التدبير الذي قد يفاقم رفض هذا الإصلاح الذي تعارضه غالبية من الفرنسيين.
إضرابات قابلة للتمديد
في اليوم العاشر من إضراب عمال جمع القمامة المعارضين لهذا الإصلاح في شوارع باريس، تتكدس النفايات في عاصمة السياحة العالمية، حيث تتراكم في شوارع باريس حوالى سبعة آلاف طن من النفايات، بحسب البلدية.
وما مِن مؤشرات في الواقع إلى أي تحسّن في هذا الوضع، إذ أن عمال النظافة وجمع النفايات التابعين لبلدية باريس صوّتوا صباح الثلاثاء لمواصلة إضرابهم إلى 20 آذار/مارس على الأقل.
وبموازاة ذلك، تستمر الاضرابات القابلة للتمديد في قطاعات رئيسية عدة من النقل إلى الطاقة بحسب مسؤول نقابي.
وانخفض توليد الكهرباء في فرنسا صباح الأربعاء بمقدار 10710 ميغاواط، أي ما يعادل عشرة مفاعلات نووية، بحسب شركة الكهرباء العامة.
وتعرض قصر دو بريجانسون، المقر الرسمي للرئاسة في الجنوب، لانقطاع في التيار الكهربائي.
تجدد الإضرابات
وفيما يتعلق بالغاز، جدد موظفو أربع محطات للغاز الطبيعي المسال و 11 موقع تخزين إضرابهم حتى مطلع الأسبوع المقبل.
ولا تزال العديد من المصافي في حالة إضراب الأربعاء.
ولا تزال حركة قطارات الشركة الوطنية للسكك الحديد SNCF متأثرة بالاحتجاجات وتبقى حركة السير معطلة على بعض الطرقات في شمال البلاد.
كما تم إلغاء 20 بالمئة من الرحلات الجوية في مطار باريس-أورلي بسبب إضراب مراقبي الحركة الجوية.
في النقل البري يتم نصب حواجز أيضًا في البلاد.
ويجازف إيمانويل ماكرون الذي اعيد انتخابه رئيسا في نيسان/ابريل 2022 بجزء كبير من رصيده السياسي على هذا النص الذي يهدف بحسب الحكومة، إلى الاستجابة للتدهور المالي في صناديق معاشات التقاعد وتشيخ السكان.
التعليقات