عبدالكريم نور يروي أن ميليشيات الجنجاويد هاجمت قريته بعدما تعرضت لقصف حكومي, وسعدية إبراهيم شهدت مقتل زوجها, ويوسف عالي يؤكد أنه رأى بأم عينيه أن عناصر من الجنجاويد اغتصبوا سبع فتيات.
وشهادات كثيرة غيرها جمعتها "الحياة", في أول جولة لصحيفة عربية على شمال دارفور وغربها, حيث تعرضت عشرات القرى للحرق والقصف الجوي والبري والتهجير.
يقول عبدالكريم ابراهيم نور: "خرجت من منزل والدي في قرية صبرنا غرب كبكابية بعدما احتسيت معه شاي الصباح... ثم بدأت اصوات انفجارات القذائف التي اسقطتها طائرات حكومية تدوي في القرية. ودب الرعب وسط السكان, ثم رأيت الجنجاويد يهاجمون المنازل... يسرقون وينهبون المواشي. وقبل ان استوعب ما يحصل ضربوني حتى رحت في غيبوبة. وبعد ساعات صحوت فلم أرَ سوى رماد منازل القرية... كل المنازل... تملكني الرعب فهربت نحو الوادي القريب ومن يومها لم أرَ والدي ولا اعرف شيئاً عن مصير بقية أفراد الاسرة".
قصص عدة مشابهة يرويها عشرات الفارين من قراهم وبلداتهم. لكن اسماعيل احمد قرضية شهد بنفسه مجزرة ترتكبها ميليشيات الجنجاويد, وقال: "رأيتهم يعدمون مئة شخص بالرصاص على مرأى من الجميع, الجيش السوداني... وعلمت عن اغتصاب عشر فتيات في منطقة ابوقِمرة". أما يوسف عالي فيروي بكلام متقطع وشفتاه ترتجفان: "رأيت بعيني عناصر من الجنجاويد يغتصبون سبع فتيات في فوراوية غرب مدينة كتم... لم يفارقني صراخهن الى الآن... قتلوا عدداً من سكان فوراوية وحرقوا منازل الجميع, وفررت مع من نجا من السكان الى تشاد. بعض كان راجلاً وبعض فوق ظهور الحمير لفترة اسبوع وطائرات الانتنوف تقصفنا حتى داخل الاراضي التشادية".
سعدية ابراهيم من قرية صبرنا, تنتحب وتقول :" قتلوا زوجي وضربوني بالسياط حتى أغمي علي... حرقوا القرية ونهبوا المواشي وفررنا نحو تشاد والطيران يقصف حولنا". وفطنة داؤود تتحدث عن فقدانها بناتها الثلاث منذ شهور ولا تعلم عنهن شيئاً.
عشرات الافادات داخل دارفور وفي معسكرات اللجوء السبعة عشر في تشاد تشير الى حرب شاملة ضد القبائل ذات الاصول الافريقية في دارفور, مثل قبائل الزغاوة والفور والمساليت والداجو والتاما. والجميع يعلن رفضه العودة الى قراه وبلداته الا تحت حماية دولية.
أكثر من مليون ونصف مليون بين نازح ولاجئ فروا وخلفهم رماد اكثر من الف قرية محروقة في شمال دافور وغربها وجنوبها. الارض خالية والقرى خالية والسلطة المركزية غائبة والمتمردون فشلوا في اقامة ادارة مدنية. ومنظمات الاغاثة لا تدخل المنطقة لانفلات الامن رغم وجود اتفاق لوقف النار, لكن القتال مستمر... والرعب مستمر والرعب الأكبر من الجنجاويد وهي مليشيات ذات اصل عربي من قبائل سودانية صغيرة ووافدة من تشاد والكاميرون وافريقيا الوسطى وليبيا وموريتانيا تمتطى الجياد وتحمل بنادق "جيم 3", فيقابلهم المتمردون بسيارات الـ"تويوتا" المدرعة بالدوشكا والـ"آر بي جي" والأسلحة الخفيفة, ليتقاتلوا فوق الرمال المتحركة.
*الحياة اللندنية
التعليقات