مجلس الوزراء يقفز مؤقتاً عن المحاكمة.. ويتوافق على التمديد للتحقيق
نجح مجلس الوزراء، بعد جلسة سياسية طويلة، في الحفاظ على lt;lt;التساكنgt;gt; بين مكوناته السياسية، وبالتالي استطاع تجاوز مطب المحكمة الدولية مؤقتاً، وصارت هذه القضية رهن مشاورات سياسية سيديرها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، سعياً إلى توفير التوافق السياسي، وهو أمر لن يكون سهلاً، على الأرجح، في ظل تمسك فريق الأكثرية بالمحكمة الدولية من جهة، واستمرار تمسك فريق lt;lt;أملgt;gt; وlt;lt;حزب اللهgt;gt;، من جهة ثانية، برفض هذا الخيار، الأمر الذي قد يترك الباب مفتوحاً أمام مشروع اشتباك سياسي من نوع المقاطعة أو الاستقالة، وهو الأمر الذي لوح به علناً وللمرة الأولى lt;lt;الفريق الشيعيgt;gt;.
وإذا كان مطلب المحكمة المحاكمة قد أثار نقاشات سياسية طويلة، فإن قراراً بطلب تمديد عمل لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لمدة ستة أشهر جديدة قابلة للتمديد أيضاً، تم اتخاذه في الجلسة، على أن يبادر الرئيس السنيورة إلى الاتصال بالأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وإبلاغه قرار الحكومة المستند الى القرار 1636.
وترافق قرار lt;lt;التأجيلgt;gt; وlt;lt;التمديدgt;gt; مع تبلغ مجلس الوزراء رسمياً، من وزير العدل شارل رزق أن رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي ديتليف ميليس، كان قد أبلغه، في شهر أيلول المنصرم، أنه في حال تمديد عمل لجنة التحقيق بعد الخامس عشر من الجاري، فإنه لن يستمر بمهمته، لأنه مرتبط بالعودة الى عمله القضائي الاساسي في ألمانيا من جهة وبسبب انزعاجه من بعض الظروف التي تحيط بعمل اللجنة سواء كانت من الناحية الأمنية أو اللوجستية، من دون أن يشير الى أية ضغوط سياسية.
وقال الرئيس السنيورة لlt;lt;السفيرgt;gt; إنه تبلغ من ميليس في الاجتماع الذي عقده معه صباح امس في السراي الكبير، أنه لن يواصل مهمته بعد التمديد للجنة لأسباب محددة في صلب العقد الموقع بينه وبين الامم المتحدة عند تكليفه، أي أن تقتصر مهمته فقط على ستة أشهر، وأشار الى أن عمل لجنة التحقيق لن يتأثر أبداً، وأنه سيتصل بالامين العام لإبلاغه قرار التمديد للجنة على أن يصار لاحقاً الى إرسال كتاب خطي.
وإذ قيّم السنيورة إيجاباً أجواء المناقشات التي شهدها مجلس الوزراء، أشار الى أن موضوع المحكمة أو المحاكمة lt;lt;يحتاج الى مشاورات سياسية واسعةgt;gt;، رافضاً تحديد مهلة زمنية لذلك، مكتفياً بالقول ان الامر lt;lt;سيكون قيد البحثgt;gt;.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن ميليس أشار منذ البداية إلى أنه سيكون متوفراً لستة أشهر ستنتهي في كانون الأول الحالي.
وقال دبلوماسيون في مجلس الامن إن ميليس ينوي تقديم تقرير الى المجلس في 12 كانون الاول، "وسيتحدث بعد ذلك الى المجلس في آخر مهمة رسمية له في الامم المتحدة".
وقالت كاتيا ويسبروك دونوفان المتحدثة باسم البعثة الالمانية لدى الامم المتحدة إن حكومتها لم تقدم طلباً رسمياً الى ميليس للتنحي، وأضافت lt;lt;ان قراره يرجع اليهgt;gt;.
وذكرت بعض الاوساط الدولية في نيويورك، لlt;lt;السفيرgt;gt; ان ميليس فعلاً كان قد أبلغ كوفي أنان قبيل تسليم تقريره الاخير أنه يريد الالتزام بمدة العقد الموقع معه، وأنه مستعد لتسهيل مهمة من سيخلفه في رئاسة اللجنة، وأشارت الاوساط نفسها الى أن أسباب عزوف ميليس قد لا تكون فقط إجرائية، lt;lt;بل تعبيراً عن احتجاج أو انزعاج من بعض مجريات التحقيق في أكثر من محطةgt;gt;، وأشارت الى أن بعض الاوساط المحيطة بالامين العام للامم المتحدة بدأت تجري مداولات حول الشخصية التي سيتم اختيارها للحلول مكان ميليس بعد تقديم تقريره الى مجلس الامن.وأوضح وزير العدل شارل رزق أنه فهم من ميليس، الذي اجتمع به، امس، على مدى ساعتين في قصر العدل، أنه عندما بدأ مهمته كان يعتقد أن الامر يحتاج الى ستة أشهر كحد أقصى وهذا لم يحصل lt;lt;كما ان للرجل وظيفة مهمة في ألمانيا وقال لي انه عليه أن يعود الى عمله الاساسي وان يأتي سواه ليرأس اللجنة، لكنه على استعداد كما أكد لي أن يستمر في متابعة الامور وإن من بعيدgt;gt;.
مجريات مجلس الوزراء
وكانت مشاورات مكثفة قد سبقت جلسة مجلس الوزراء بعد ظهر امس، امتدت منذ صباح امس الاول واستمرت طيلة نهار امس وشارك فيها الرؤساء الثلاثة بالاضافة الى السيد حسن نصر الله والنائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط، وتولى النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لlt;lt;حزب اللهgt;gt; الحاج حسين الخليل، نقل الرسائل من قيادتي lt;lt;حزب اللهgt;gt; وحركة lt;lt;أملgt;gt; الى كل من السنيورة والحريري، واجتمعا مطولاً بالرئيس السنيورة في السراي الكبير، حتى موعد بدء جلسة مجلس الوزراء. وفور التئام الجلسة، بدا أن موضوع التمديد مر بسهولة وإجماع، لكن النقاشات فتحت على مصراعيها فور طرح موضوع المحاكمة، حيث أبدى وزراء lt;lt;أملgt;gt; وlt;lt;حزب اللهgt;gt; تحفظهما على طرح هذا الموضوع lt;lt;لأنه غير مبرر قبل انتهاء التحقيق وصدور القرار الظنيgt;gt;، وطرحوا مخاوفهم المتعلقة بالخشية من المزيد من التدويل وانكشاف الوضع اللبناني على الخارج، وحذروا من أن الحرص على الاستقرار ومدخله كشف جريمة اغتيال الرئيس الحريري، يجب أن لا ينقلنا الى سقوف اخرى يمكن أن يستخدمها مجلس الامن للضغط على المقاومة تحت عناوين اخرى، وطالبوا بسحب الامر من التداول، وهو الامر الذي كان أبلغه كل من علي حسن خليل وحسين الخليل الى الرئيس السنيورة مباشرة والنائب سعد الحريري عبر الهاتف، وبادرا لاحقاً الى إطلاع الرئيس بري والسيد نصر الله على نتائجها.
ومع احتدام النقاش، خرجت الجلسة من القاعة البيضاوية في السراي الكبير، وامتدت الى الاروقة في السراي حيث عقدت أكثر من خلوة بين الوزراء أنفسهم وأجريت عشرات الاتصالات مع المرجعيات السياسية المعنية خارجه.
وتمسك عدد من الوزراء مثل مروان حمادة وأحمد فتفت ونائلة معوض والياس المر بمطلب توسيع التحقيق الدولي ليشمل كل القضايا المرتكبة بعد اتفاق الطائف، أي منذ العام 1989 حتى الآن، ومنها جريمة اغتيال الرئيس رينيه معوض، ولكن وزراء الفريق الشيعي تمسكوا بموقفهم الرافض للتوقيت والداعي الى الحذر في طرح الامر ربطاً بهواجس سياسية دولية بالدرجة الاولى.
وفيما حاول بعض الوزراء لحظة خروجهم الربط بين التمديد للجنة التحقيق وتكليف وزير العدل وضع صيغة قانونية للمحكمة أو المحاكمة، على أن يصار الى عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء الاثنين المقبل لإقرار الصيغة، على أن يقوم رئيس الحكومة بإجراء المشاورات اللازمة خلال هذه الفترة، احتج الفريق الشيعي على ذلك وأصر على تضمين المعلومات الرسمية التي سيذيعها وزير الاعلام غازي العريضي نصاً محدداً يقتصر على موضوع التمديد للجنة التحقيق وهو الامر الذي تم تثبيته في المقررات الرسمية.
وفيما قالت أوساط الاكثرية ان مطلب المحكمة الدولية يخدم سوريا قبل لبنان وانه من غير المنطقي المراهنة على أن يقبل قاض لبناني بهذه المهمة، فيما استدعاء شاهد لبناني في صيدا أثار ضجة فكيف اذا تطور الامر أكثر من ذلك لبنانياً وسورياً، قال الوزراء المعترضون إن الموافقة على المحكمة تعني التوقيع على ورقة بيضاء حول أمر غير معلوم، lt;lt;فلا نعرف طبيعة المحكمة ولا مرجعيتها ولا نظامها القانوني والقضائي ولا عديدها ولا رئيسها ولا المعطيات التي سيستند اليها قرارها الظني الذي لم يصدر بعد، عدا عن الموقف السياسي ممن يتولى إدارة مجلس الامن سياسياً حالياً، وأكد هؤلاء الوزراء أن تشكيل المحكمة في مثل هذا الغموض حولها يعني تسليم البلد كله الى جهة دولية لا نعلم عنها شيئاًgt;gt;.
مجلس الأمن
في هذه الاثناء، جدد المندوب السوري لدى الأمم المتحدة، السفير فيصل المقداد، المطالبة بمعاقبة المسؤولين عن محاولة رشوة هسام طاهر هسام وحث المحققين الدوليين على إعادة تقييم النتائج التي توصلوا إليها والتي تشير إلى تورط سوري في الاغتيال. واعتبر المقداد أن إعلان هسام أن شهادته أمام لجنة التحقيق كانت زوراً يعتبر lt;lt;تطوراً مهماً وجديداًgt;gt;.
أما المندوب الأميركي جون بولتون فقال من جهته، رداً على سؤال حول هسام، lt;lt;في التحقيقات الجنائية، يشهد الشهود انطلاقاً من حوافز متعددة ويغيرون رأيهم انطلاقاً من حوافز متعددة أيضا، وكلها جزء من التحقيق. سننتظر لنرى ما سيكون عليه تقرير ميليس ككلgt;gt;. وأضاف أن استقالة ميليس في 15 كانون الأول lt;lt;ليست صفقة مبرمةgt;gt;. وأضاف أن lt;lt;خدمته كانت استثنائية في ظروف صعبة جداً، وتشكل خطراً عليه شخصياًgt;gt;. وتابع lt;lt;بلا شك كان ذلك صعباً على عائلته وسنحترم هذا، لكن ليس لدينا سوى تقييم عال لأدائه حتى هذا التاريخgt;gt;.
التعليقات