الخميس:05. 01. 2006


بعض الوجوه تمر هكذاmiddot;middot; كنسمة باردة على الناس والحياة، ترى في مُحياها السماحة والوداعة والخير الكثير، تراها فيتسرب إلى جوفك فجأة، شيء كرائحة الفجرmiddot; أين ما وطأت قدماها اخضرّت الأرض واستبشرت، وأدخلت من وقتها وسرورها الشيء الكثير في صدور الناس، وبقي ظلها يغشى الناس بالحسنى والمعروف والكرم الكثيرmiddot; ناسهاmiddot;middot; تحسبهم كرذاذ المطر وهم الغيث والورد والعطر الأكثر، تحسبهم غمامة من خير عميم، تظل الجميع وتسقي الجميع، ولا تستثني أحداًmiddot; ثمة سر في تلك الوجوه، لا يخفى على أحد، قادرة هي أن تفعل الشيء الجميل في يوم الناس، تفرحهم إذا ما هلّت أو أطلّت، تسعدهم إذا ما حطّت أو حلّتmiddot; لا تنضح تلك الوجوه إلا بالبشرى والبشارة، ناسهاmiddot;middot; قلوب بيضاء وأياد بيضاء، وكأنها قدّت من نور وحبورmiddot; يتفق الكل على محبتها، لأنها تستحق المحبة، ولأنها أساس الحب، لا ترد طالباً ولا تغفل ثائباً، والجود مزروع في قلوبها والسخاء يجري من تحت أيديها، يتلقفك ناسها بالبسمة الصافية، فتضعها تاجاً من الإحسان فوق الرأس أو تخبئها في تجاويف الصدر، حين يضيق الصدرmiddot; الشيخ مكتوم- رحمه الله- واحد من تلك الوجوه الكريمة، السمحة التي مرت على الناس والحياة كنسمة هواء باردة، تأسرك إن لقيتها، وتودع حبها في قلبك لا تبرحه، تتذكرها كلما تذكرت الخير، تعّن عليك كلما سمعت بمعروف، تفتقدها إذا ما غابت، كغياب القمر في بر أو بحر، لا تقدر أنت على النسيان، ولا هي خلقت لتنسى، لأنها حاضرة كحضور الأشياء الجميلة في الحياةmiddot; فقطmiddot;middot; يكفي أن تراها لتشعر بالاطمئنان والدفء، يكفي فقطmiddot;middot; أن تراها لتشعر أن الحياة ما زالت ريّانة بخيرها وألفها وتلك الرحابة التي سرقها الزمن الجديد منها، يكفي فقطmiddot;middot; أن تراها لتشعر بقيمة الرجال ونبل الفرسان وصدق المخلصين، يكفي أن تراهاmiddot;middot; فلا تنسىmiddot; عزاؤنا للإمارات بفقدها أحد أبنائها الذين قامت نهضتها على ثقل أكتافهم، وسعة حلمهم وبعد نظرهم، عزاؤنا للشيخ خليفة في فقد الأخ والصديق والعضيد، عزاؤنا للشيخ محمد ولإخوانه، فالمصاب واحدmiddot;middot; وإن بكيتموه فالوطن كان الأسبق، وإن فقدتموه، فالوطن كان الأسبق، وإن ودعتموه بحبكم، مثلما كان يحبكم، فالوطن كان الأسبق، فعزاؤكم عزاؤنا وعزاء الوطن كلهmiddot;middot;