فرحان سالم:

أوضح الأمين العام لحركة المجتمع العراقي حميد الكفائي laquo;ان الانتخابات العراقية الأخيرة كانت عبارة عن اصطفاف طائفي، مؤكداً ان نتائجها حملت صفة المفاجأة، اذ ازاحت شخصيات لها تاريخ نضالي من العملية السياسيةraquo;.
وقال الكفائي لـ laquo;الرأي العامraquo; ان laquo;الحكومة العراقية المقبلة ستعتمد على المحاصصة في توزيع الحقائب الوزارية لاعتبارات دولية وعراقية واقليميةraquo; مؤكداً ان laquo;قائمة الائتلاف الموحدة لن تتخلى عن وزارة الداخلية، والأمر ينسحب على الأكراد فهم لا يمكن ان يتخلوا عن وزارة الخارجيةraquo;.
واستبعد الكفائي laquo;عودة الدكتور ابراهيم الجعفري الى رئاسة الحكومة خصوصاً انه لم يكن علاقات جيدة مع الأكراد، ولا حتى مع شخصيات مهمة داخل الائتلافraquo; مشيراً الى ان laquo;الدكتور عادل عبدالمهدي هو الأقرب الى رئاسة الحكومة، لما يتمتع به من علاقات جيدة مع الأكراد، وقبوله وطنياً ودولياً وعربياً فضلاً عن خبرته الواسعة في مجال الاقتصاد والمالraquo;.


وهنا نص الحوار:
نتائج الانتخابات العراقية غير الرسمية التي اعلنتها المفوضية العليا هل حملت عنصر المفاجأة، أم أنها كانت متوقعة؟
ـ هناك مفاجأة كبيرة، الغالبية توقعت تمثيلاً للقوى الرئيسة المعروفة، ومع ذلك لم تحصل على تمثيل، وهذه ظاهرة خطيرة، فمن الصعب اكتساح شخصيات لها تاريخ نضالي، وتزيحها عن العملية السياسية مثل قائمة الائتلاف الإسلامي وحركة الدعوة الإسلامية وحركة المجتمع الديموقراطي، وتجمع عراق المستقبل بقيادة ابراهيم بحر العلوم، وهناك قوى حديثة مثل تجمع كفاءات العراق الذي يتزعمه علي الدباغ، كل هذه القوى ازيحت، ولم يكن لها تمثيل، وهذا لم يكن متوقعاً، نعم كان متوقعاً فوز الائتلاف، وهذه ليست مفاجأة، خصوصاً مع وجود زعم من الائتلاف ان هناك دعماً من المرجعية، والمفاجأة تكمن في اختفاء هذه القوى، وعدم حصولها على الحد الأدنى الذي يبقيها في البرلمان، وتالياً في العملية السياسية، ما حدث هو اصطفاف طائفي واضح والسنة صوتوا لقائمتين سنيتين احداهما دينية هي التوافق واخرى علمانية قومية هي الحوار الوطني ويتزعمها صالح المطلق والشيعة صوتوا للائتلاف الموحد والقائمة العراقية الوطنية بقيادة الدكتور أياد علاوي رغم انها تتمتع بتأييد سني محدود.

ما الذي قاد العملية الانتخابية الى هذا المنحى الطائفي؟
ـ هناك سببان الأول تاريخي، يعود الى نظام صدام الذي مارس الطائفية بشكل واضح، ما اثار النوازع الطائفية لدى الشيعة، والقومية لدى الأكراد، اما السبب الثاني هو تطرف القوى السنية وخصوصاً قادة جبهة التوافق الذين استخدموا عبارات مثيرة لمشاعر الشيعة مثل اتهام الشيعة بالشعوبية والصفوية وهذه العبارات اثارت مشاعر الشيعة وجعلتهم يصوتون لقائمة واحدة من أجل عدم تشتيت الصف الشيعي، وهذا بالضبط ما حصل، وقد سألت عشرات الاشخاص من الاكاديميين قالوا انهم صوتوا للائتلاف بسبب التطرف السني، وهي الوسيلة الوحيدة لمواجهة ذلك.
عفواً، نتائج الانتخابات تمثل صناديق الاقتراع، و,,,؟
ـ هذا هو الواقع، ونتائج الصناديق ومع ذلك هناك اصطفاف طائفي، وتوتر في صفوف الشعب العراقي، وأنا لا احمل جانباً واحداً في التصعيد، وان كان الجانب السياسي السني يتحمل المسؤولية أكثر.
ماذا عن الخروقات الانتخابية التي تحدثت عنها قوى سياسية عدة؟
ـ هناك تجاوزات حدثت ومنها استخدام رموز دينية مثل تعليق صورة السيد السيستاني، رغم تأكيده عدم تأييد جهة دون اخرى، ولكن استخدمت صورته ووضع عليها رقم قائمة الائتلاف، وأشيع ان السيد ينصح الناخبين بعدم التصويت للقوائم الفردية والصغيرة والعلمانية، ما يترك قائمة واحدة هي قائمة الائتلاف واستغل ايضاً برنامج بث في قناة laquo;الجزيرةraquo; قبل الانتخابات بيومين، تطاول فيه احد المشاركين على السيد السيستاني، وقامت قائمة الائتلاف بتنظيم مظاهرات حاشدة تأييداً للسيستاني، واستنكاراً لما قامت به قناة الجزيرة، وجير كل ذلك لمصلحة قائمة الائتلاف، التي استخدمت شعاراتها وصور مرشحيها، ودفعت هذه الحادثة الكثير من الناخبين للتصويت لقائمة الائتلاف.
هل تظن ان البرنامج كان مخططاً له وان,,,؟
- لا اذهب الى ان يكون هذا اللقاء معداً سلفاً، خصوصاً ان الشخص الذي تطاول على السيد تطاول سابقاً، ولم تحدث مثل هذه الاحتجاجات، وانما استغلت هذه المرة لمصلحة قائمة الائتلاف، ناهيك عن استهداف قوى الإرهاب للمساجد والأهداف الشيعية الأخرى جعل الشيعة يعتقدون انهم مستهدفون لكونهم شيعة.
ماذا عن ملامح الحكومة العراقية الجديدة، وهل سيحدث تغيير في بعض الحقائب؟
ـ الحكومة الجديدة سيشكلها الفائزون وهم قوائم الائتلاف الشيعي والتحالف الكردستاني وجبهة التوافق السنية، وبالطبع بإمكان قائمتي الائتلاف والتحالف تشكيل الحكومة، ولكن هناك حاجة وطنية ودولية واقليمية تدعو الى تشكيل حكومة وحدة وطنية في العراق، مما يعني ضرورة اشراك قائمة التوافق في الحكومة المقبلة، واعتقد انها ستكون مهمة عسيرة جداً، وقد تستمر شهرين او اكثر.
بمعنى انها ستكون حكومة محاصصة؟
ـ نعم، ستكون هكذا وستحل بالاتفاق والتوافق، فقائمة التوافق ليس فيها شيعي، وقائمة الائتلاف ليس فيها سني ولذلك ستكون المحاصصة، والائتلاف سوف يتمسك بوزارة الداخلية، وان يكون مرشح وزارة الدفاع مرضياً عنه قبلهم، مثلما هو الحال مع سعدون الدليمي وسوف يتمسك الأكراد بوزارة الخارجية، وربما برئاسة الدولة.
وزير الداخلية في الحكومة الراهنة باقر صولاغ جبر اتهم بالطائفية على لسان السفير الأميركي خليل زادة؟
ـ السفير خليل زادة قال ان وزارة الداخلية ينبغي ان تسند الى شخص غير طائفي، وقد يفسر هذا انه انتقاد لصولاغ، ومع ذلك فلا اعتقد انه طائفي، وربما السفير سمع من جهات اخرى تتهمه بالطائفية.
وماذا عن التعذيب الذي قامت به وزارة الداخلية, وبث على اكثر من محطة فضائية؟
ـ التعذيب مرفوض جملة وتفصيلاً، وأي سياسي عراقي عليه عدم السكوت عن التعذيب، والوزير صولاغ أمر بتشكيل لجنة للتحقيق وهذه حادثة ربما تكون منفصلة، ويجب الا تكون اساساً للتحليلات.
البعض يرى ان الحادثة ربما ستكون وراء استبعاده من الوزارة؟
ـ اعتقد ان صولاغ يرغب في تولي وزارة الإعمار او الاسكان باعتبارها أقرب الى توجهاته العلمية، فهو مهندس، وشغل منصب وزير الاعمار، والاسكان في الحكومة العراقية الأولى ثم شغل منصب مستشار رئيس الوزراء لشؤون الاعمار في حكومة الدكتور اياد علاوي.
يبدو ان وزارة الداخلية ستكون بؤرة للخلاف بين القوائم؟
ـ هناك وزارتان أمنيتان فلا بد ان تكون احداهما بيد الشيعة والأخرى بيد السنة، بالاضافة الى مستشارية الأمن الوطني، هي بيد الشيعة راهنا، ومديرية الخابرات العامة هي بيد السنة، فهناك تقسيم يطمئن الجميع.
هل من الممكن ان يتخلى الائتلاف عن وزارة الداخلية؟
ـ الائتلاف سيتمسك بوزارة الداخلية حتى ولو تخلوا عن صولاغ، وسيأتون بوزير شيعي اخر، وقد يكون الدكتور قاسم داود احد البدائل لهذه الوزارة، باعتباره شيعياً وعلمانياً، وأكثر قبولاً لدى السنة بالاضافة الى انه تولى منصب وزير الأمن الوطني في حكومة الدكتور أياد علاوي.
دعا أبو مصعب الزرقاوي الحزب الإسلامي الى عدم التعاون مع الحكومة الجديدة، فهل ستلقى دعوته قبولاً؟
ـ الحزب الإسلامي لن يتجاوب مع دعوة الزرقاوي لأنها دعوة غير منطقية وغير عقلانية فالحزب شارك في العملية السياسية منذ البداية وشارك في مجلس الحكم والحكومة الأولى,,, نعم قاطع الانتخابات السابقة، ولكنه شارك بقوة في الانتخابات الأخيرة وبقيادة طارق الهاشمي العربي السني بدلاً عن الكردي السني الأكاديمي محسن عبدالحميد.
ماذا عن مستقبلك السياسي، وخصوصاً انكم لم تحصلوا على تمثيل كيفية القوى العلمانية الأخرى؟
ـ العملية السياسية بدأت للتو، والمستقبل واعد للحركات السياسية المعتدلة مثل حركتنا، التي اسست على مبادئ وطنية ديموقراطية بعيدة عن الطائفية والعنصرية والتعصب وسنواصل عملنا السياسي في المجتمع العراقي، والحركة لها اتباعها في كل محافظات العراق تقريباً، وفيها شخصيات سياسية مرموقة مثل احمد البراك، وشخصيات اكاديمية ووطنية معروفة.
من يرصد نتائج الانتخابات يرى ان القوائم العلمانية لم تحقق نتائج مرضية؟
ـ اعتقد ان المستقبل هو للحكم المدني، وليس للحكم الديني لأن السياسة هي فن خدمة الناس، وإدارة مؤسسات الدولة، أما الدين فهو علاقة روحية بين الانسان وربه وليس هناك اختلاف بين ابناء الشعب على ضرورة الايمان وتطبيق المبادئ السماوية العليا، ما نختلف عليه هو كيفية ادارة الدولة، وليس هناك اختلاف حول القيم الدينية، فنحن جميعاً نرجع الى مراجعنا حينما نحتاج الى الارشاد الديني، وسياسته تحتاج الى تخصيص ومتابعة وخبرة عملية، والدين يحتاج الى تفرغ أكاديمي وترفع روحي عن الخوض في صغائر الأمور الدنيوية، واعتقد ان حتى الأحزاب ذات الطابع الديني ستتطور الى احزاب سياسية بحتة عندما يبدأ الناخب العراقي بالبحث عمن يمثل مصلحته في الانتخابات المقبلة، الانتخابات الماضية كانت معركة حول الهوية، والمقبلة معركة حول من يمثل مصلحة المواطن، وعموماً لن تقوم له قائمة اذا لم يستوعب العرب كافة منهجية العراق الجديد.
هل سيحتفظ الدكتور ابراهيم الجعفري برئاسة الحكومة من وجهت نظرك؟
ـ استبعد احتفاظ الدكتور الجعفري بمنصبه لأنه لم يتمكن من اقامة علاقات جيدة مع الأكراد، ولا حتى مع شخصيات مهمة داخل الائتلاف، واعتقد ان الدكتور عادل عبد المهدي أوفر حظاً من الجعفري لما يتمتع به من علاقات جيدة مع الأكراد فضلاً عن قبوله دولياً ووطنياً وعربياً بالاضافة الى خبراته الواسعة في مجال الاقتصاد والمال.