تركي بن عبد الله السديري
يأتي بنا العيد نحو الفرح أم نحن من يفعل ذلك..
الحقيقة أن كل أعياد العالم مهما تزينت، تجملت، أضاء بريقها.. عاجزة أن تأتي بالابتسامة إلى وجه مكتئب، إلى نفس حزينة، إلى قلب خائف، الأعياد للمتفائلين والسعداء بواقع يعيشونه.. لا علاقة لغنى أو فقر بالأمر..
لقد شبع العالم الميلادي 2005 بالكثير من الصفات السيئة.. ذهب يحمل في ملفه أسوأ أنواع الكوارث.. أكثر حوادث الطائرات القاتلة، أشد الكوارث الطبيعية فتكاً وقتلاً وتشريداً، تصاعد الإرهاب وقتل آلاف الأبرياء، تباعد المسافة بين الغنى الفاحش في الدول الكبرى والفقر الجارح في الدول الصغرى.. تباين سهولة شراء زجاجة نبيذ بآلاف الدولارات في عبث لهو في أمريكا وصعوبة شراء دواء لمقاومة laquo;الإيدزraquo; ببضعة دولارات في وسط أفريقيا وشرقها.. هبوط عملات وصعود أخرى، تزايد ديون دول يتزايد معه عجزها عن إعداد ميزانياتها.. حكومات تنتج سلاح ما بعد التفوق النووي وأخرى مكدودة بالعجز الاقتصادي فتحاول إيجاد ميزانيات للخدمات الضرورية القصوى..
هذه بعض الصور عن خارطة العالم الاقتصادية والاجتماعية يلحق بها طبعاً مرادف نفسي بالغ الفرحة أو آخر بالغ الكآبة والبحث عن الهجرة التي قد تتعثر بغرق في المحيط أو البحر قبل الوصول إلى الشاطئ الآخر..
أين نحن من كل ذلك؟..
فينا أكثر من بطل لا تستطيع أن تراه منفرداً.. إنه مجتمعنا الذي قاوم الإرهاب والكراهية الاستعمارية والمديونية الضخمة وحقق المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية المُلحة.. ثم انتقل إلى تحقيق المتطلبات المرحلية للواقع الأرقى القادم.. لا تستطيع أن تراه منفرداً (أي البطل).. لأن رجل الواجهة القيادي (عبدالله بن عبدالعزيز) لا يبحث عن مجد فرد بقدر ما يبحث عن مجد أمة.. وقد دعا الأمة عبر حوارها الوطني مسنوداً بمشاريع التطوير الاقتصادي والصناعي في المرحلة المذهلة نمواً التي من أبرز سماتها ميلاد المدن الاقتصادية الكبرى.. دعاها لكي تفهم ذاتها وما يحيط بها وحقيقة إمكاناتها.. إنه يرى نفسه من خلال رؤية مجتمعه لمستقبل الأمة وجهد وتفهم ووعي هذا المجتمع لأهمية العمل الدؤوب والتعاضد المتسامح للخروج - وقد حدث ذلك فعلاً - من دوائر الفراغ والاكتئاب التي تزدحم بشعوب الدول النامية التي تزداد مخاوفها مع ازدياد مظاهر متاعبها الاجتماعية والاقتصادية فتلجأ إلى هجرة الهروب أو الاستسلام لواقع متعب لا حلول له..
لقد مر العالم بكوارث طبيعية لا يد له فيها بدءاً بالأكثر تفوقاً علمياً واقتصادياً.. أمريكا.. وانتهاءً بفقراء وسط آسيا.. ومرت الشعوب النامية بكوارث تزايد الفجوة الاقتصادية والعلمية والحضارية بينها وبين الدول المتقدمة حتى أصبح هناك عالم يعيش في القاع ولا يستطيع رؤية السطوح حيث حياة الآخرين.. وقد انتصرنا على معظم مثبطات الشعوب النامية وسعينا ليس بالبترول وحده ولكن بالتكاتف الاجتماعي لكي يكون لنا مكان في تلك السطوح..
إن فرح العيد موجود على ملامح فئات مجتمعنا.. في الماضي أدركنا ووعينا جيداً خطورة مآسي التمزق بصدامات الانتماءات السياسية.. ونحن اليوم نعي مخاطر صدامات التطرف مع الاعتدال لإعاقته.. ولذا نطرح المحبة بساطاً أخضر نعبر به نحو أهداف حوارنا الوطني ونتائج مجهوداتنا التنموية.. وكل عام وأبو متعب بخير.. وكل عام وأعيادنا باسمة سعيدة إن شاء الله..
التعليقات