قال ضابط سوري كبير عمل طويلاً في الاستخبارات انه يستطيع التأكيد أن وزير الداخلية اللواء غازي كنعان أقدم على الانتحار بعد اشتداد الضغوط عليه من جهة ووجود سوابق ذات طابع عائلي تشير الى ميل طبيعي نحو الاقدام على عمل من هذا النوع من جهة أخرى , وكشف الضابط الذي عرف غازي كنعان عن كثب وكان يتحدث الى أصدقاء له خارج سورية أن اجتماع العاملين ادى الى اقدام غازي كنعان، الذي كان الآمر والناهي في لبنان لفترة طويلة انتهت في العام 2002، على الانتحار.
وأوضح أن العامل الأول يتمثّل في الضغوط الشديدة التي مارسها عليه من هم في رأس هرم السلطة بما في ذلك الرئيس بشّار الأسد على نحو مباشر, ويقول الضابط الكبير الذي تولّى مسؤوليات أمنية كبيرة في الماضي القريب ان بشّار الأسد قاطع غازي كنعان مقاطعة تامة في الأشهر الثمانية التي سبقت انتحار الرجل في 12 أكتوبر الماضي, ورفض الرئيس السوري طوال تلك الفترة الرد على أي اتصال من غازي كنعان أو استقباله, أكثر من ذلك، راح بشّار يرسل الى غازي كنعان بواسطة آخرين كلاماً مهيناً من العيار الثقيل، وهو كلام كان غازي كنعان يستخدمه أحياناً مع بعض اللبنانيين الذين يخرجون عن ارادته, وبلغت الضغوط أوجها عندما اكتشف غازي كنعان أن المراجع العليا في دمشق كانت وراء تسريب نبأ عبر محطة laquo;نيو تي فيraquo; التلفزيونية عن الأسئلة التي طُرحت عليه لدى مثوله أمام لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري, وركز النبأ الذي سرّب الى المحطة التلفزيونية التي عرفت بعلاقاتها القوية ببعض الأجهزة والأوساط اللبنانية والسورية على مصدر أموال غازي كنعان وعلاقته بالحريري, وقد نفى غازي كنعان في اليوم التالي ما أوردته المحطة جملة وتفصيلاً في اتصال مع الزميلة laquo;وردةraquo; في اذاعة laquo;صوت لبنانraquo; التي تبث من بيروت, لكن غازي كنعان فهم من تسريب النبأ عن فحوى ما دار أمام لجنة التحقيق أن ثمة نية عليا بالحاق مزيد من الاذلال به، ففضل الانتحار على الاذلال والمهانة,,, خصوصاً اثر اكتشافه أن بشّار سد كل أبواب الحوار معه كما يصر على الاساءة اليه.
وكان العامل الآخر وراء انتحار غازي كنعان، وجود ميل طبيعي داخل عائلته الى الاقدام على مثل هذه الخطوة في ظروف معينة, واشار الضابط السوري الكبير في هذا المجال الى أن عما لغازي وأحد اخوته أقدما في الماضي على الانتحار, كذلك، حاولت ابنته الانتحار في الماضي بان رمت نفسها من الطبقة السادسة في احدى البنايات الاّ انه أمكن انقاذها لاحقاً .
وخلص الضابط الكبير الى القول ان توافر عاملي الضغط النفسي الشديد والميل الطبيعي الى الانتحار سهّلا على غازي كنعان الاقدام على خطوته هذه التي أدت الى دفن الكثير من الأسرار المرتبطة بأحداث خطيرة حصلت في لبنان في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.