السبت:14. 01. 2006

د.عبدالله خليفة الشايجي


laquo;لقد كانت هذه السنة (2005) سنة بوش الكارثيةraquo; لاري ساباتو استاذ العلوم السياسية ـ جامعة فرجينيا.

كان عام 2005 الذي كان بدوره سيئا على ادارة بوش التي بدت متخبطة محاصرة غارقة في رمال العراق المتحركة الى فضائح من صنع الادارة نفسها وفوقيتها أو ما يعرف بـ laquo;Hubrisraquo; العجرفة الزائدة عن الحد، الى كوارث طبيعية فسرها البعض بأنها انتقام من الله حتى تصحو أمريكا متمثلة بكاترينا وريتا والتخبط في ادارة أزمات الكوارث وارتفاع اسعار البنزين، وزيادة شعور المواطن الأمريكي بان ادارة بوش عاجزة، بل لم تنجح في تحسين الأوضاع.
سنة 2005 اخذت من أمريكا أكثر مما اعطت وبوش يشعر بأنه محظوظ لأنها لم تكن سنة انتخابات وهو محظوظ بالفعل لانه لا يحق له ان يرشح نفسه لفترة ثالثة، ولكن الجمهوريين من افراد حزبه سيدفعون ثمنا باهظا في انتخابات نوفمبر القادم، وعندما يبدأ اعضاء مجلس الشيوخ والنواب من أفراد حزب الرئيس بهجرانه وعدم الطلب منه بأن يحضر ليساندهم ويجمع التبرعات والطلب من الناخبين بالتصويت لهم ضد منافسيهم الديموقراطيين.
حتى الرئيس كارتر يصدر كتابا عن القيم الأمريكية المنقرضة ويقول هذه لم تعد أمريكا الحقيقية.
بدأ عام 2005 على خلفية فوز بوش بفترة ولاية ثانية بعد حملة انتخابات ضارية ضد خصمه جان كيري وترأس امريكا المنقسمة على نفسها اقرب ما يكون laquo;50 ـ 50raquo; حول الكثير من القضايا من الأمن الى البطالة، ومن الارهاب الى التأمين الصحي ومن الضمان الاجتماعي الى شعبية بوش المنهارة، حيث وصلت نسبة الرضا عن أداء بوش الى أدنى نسبة لرئيس أمريكي في ولاية ثانية باستثناء نيكسون وطبعا كان ذلك بسبب فضيحة ووترغيت، لاشك ان الرئيس بوش يتمنى لو أن عام 2005 لم يأت.
الفضائح تراكمت واتسعت على الراقع، من ابوغريب والتعذيب وتدنيس القرآن واهانة السجناء وتحقيرهم الى التجسس على الأمريكيين بأوامر من الادارة نفسها مما يخالف الدستور نفسه، ومن دفع 20 مليون دولار لصحف ووسائل اعلام عراقية وشراء بعضها لنشر تقارير ومقالات تمتدح وlaquo;تلمعraquo; الاحتلال الأمريكي الى استخدام الفوسفور الابيض في معارك الفلوجة، الى السجون السرية ونقل السجناء عبر أوروبا الغربية الى أوروبا الشرقية في تصرفات تذكر بما تقوم به دولة من دول العالم الثالث وليس دولة تقدم نفسها على انها الرائدة والمدافعة والحريصة على الحريات والديموقراطية وحقوق الانسان.
بقي العراق عقب أخيل أمريكا الذي يمتص قدرتها ويهين هيبتها، الخسائر تتراكم وترتفع بشريا وماديا وسياسيا واجتماعيا، والخسائر التي لا يتم اضافتها لسجل الخسائر هي عدم احترام او هيبة أمريكا في العالم، فرؤساء دول في أمريكا اللاتينية مثل هيوغو شافيز ورئيسا تشيلي وبوليفيا الجديد في تكتل يساري يسخرون من واشنطن وحاصروها في مؤتمر الدول الأمريكية في الأرجنتين، وايران لا يبدو انها آبهة بالقدرات او بالقوة العسكرية الأمريكية وكوريا الشمالية تصرح بلا وجل او تردد بأنها تملك السلاح النووي ولتفعل أمريكا ما تريد.. هيبة أمريكا في وضع صعب بسبب استخدام القوة في العراق الذي لم ينعكس ايجابا على الدور الأمريكي كشرطي العالم، ولن ينجح بوش وحزبه قبل بدء نوع من الانسحاب من العراق.
والحرب على الارهاب لا يبدو انها ناجحة او نجحت في وقف او حتى الحد من خطر هذه الظاهرة المتمادية والتي لا تعرف حدودا ولا ديانة، ولكن أحد مسبباتها ودوافعها يبقى ما يستخدم من انه الرد على السياسة الأمريكية التي تكيل بمكيالين وتنحاز ضد العرب ولمصلحة اسرائيل وتسيء معاملة مسلميها وعربها في أمريكا بقوانين مقيدة مثل قانون الوطنية أو أبوغريب وغوانتانامو.
انخرطت امريكا في حملة علاقات عامة لتحسين صورتها المضطربة والمتراجعة في العالمين العربي والاسلامي الذي يرى معظمه ان امريكا هي الدولة الثانية كمصدر للخطر على العرب بعد اسرائيل، وان بوش يأتي مباشرة بعد شارون في القائد المكروه عربيا، وان 80% من العرب يحكمون على أمريكا ليس بسبب قيمها التي يحترمها ويقدرها العرب ولكن بسبب سياستها وأفعالها، ولذلك كان محبطا بل مسيئا خطاب كارين هيوز المسؤولة الأولى في ادارة بوش مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامة عندما زارت المنطقة في نهاية العام الماضي في أول زيارة رسمية بعد تعيينها وهي التي تبقى معرفتها بالعرب لغة وعادات وسياسة وتاريخا هامشية ومحدودة تكرارها لعشرات المرات ان هناك سوء فهم وسوء تقدير وعدم فهم للسياسة الأمريكية، دون ان تقر بأن السبب هو السياسة وليس اي شيء آخر، وهكذا يبقى حوار الطرشان هو سيد الموقف ولا تغيير ولا تبديل.
في عام 2005 السيء لأمريكا وبوش وادارته هو استمرار زمرة المحافظين الجدد بالهيمنة على مقاليد القرار في السياسة الخارجية والذين يؤمنون بلحظة وتفرد الامبراطورية الأمريكية العالمي ولذلك يجب صياغة العالم كعجينة بما تشتهي واشنطن وترغب.
وانتهت السنة بتراجع بوش عن اصراره على تعذيب السجناء لانتزاع الشهادات تحت التعذيب من الدولة راعية الحريات كما يطالب السيناتور ماكين، ومع اعتراف بوش بالتجسس على الامريكيين ولكن بشكل محدود خدمة للمصلحة العامة والأمن القومي، سنعرف فقط بعد نتائج الانتخابات النصفية في نوفمبر القادم مدى الغضب والتملل الشعبي من سياسة وأخطاء وفضائح ادارة بوش من نتائج الحزب الجمهوري في الانتخابات.

[email protected]