معاً
حبيب الصايغ
متابعة الغلاء واجب يومي لوزارة الاقتصاد، وللجهات المحلية من بلديات ودوائر اقتصادية وغرف تجارة، وان كان هناك اختلاف بالضرورة في طبيعة الدور الرقابي لكل من هذه الجهات، فهناك من يراقب عن بعد، أو يرصد في صمت، أو يصدر القرارات والتشريعات، والأنظمة، أو يتدخل بالطريق الجبري.
وزارة الاقتصاد والتخطيط كونها السلطة الاتحادية هي الأساس أو هكذا ينبغي، لكن جهة التشريع أو ربما التنسيق بين الدوائر المحلية التي تمتلك وحدها، إذا أردنا الحق والانصاف، يد القوة أو استخدام السلطة.
وزارة الاقتصاد ليست على الأرض، لكنها قدمت قبل شهور إلى الحكومة بناء على تكليف سبق دراسة حول ارتفاع الأسعار.
وتوصلت الوزارة بعد الرصد الدقيق لواقع الأسواق، معتمدة على سنة 2000 كنقطة مقارنة وانطلاق، إلى أن المعدل الإجمالي لارتفاع أسعار الغذاء منذ ذلك الحين إلى وقت الدراسة بلغ ما نسبته 16 في المائة، كما بلغ متوسط ارتفاع أسعار الدواء 23 في المائة.
وحسب الدراسة، سجلت المواد الغذائية الرئيسية ارتفاعاً بنسبة 22 في المائة، فيما وصل الارتفاع في مواد دوائية ضرورية الى 28 في المائة.
انتظرت ldquo;الاقتصادrdquo; مجلس الوزراء حتى يكلفها بعمل الدراسة عن الغلاء، وذلك بعد نضوج طبخة الغلاء وانتشار رائحتها في الأجواء، وهذا إجراء في غاية الغرابة حقاً، فالأصل أن تكون المعلومات المتوافرة لدى ldquo;الاقتصادrdquo; وغيرها من السلطات المعنية عن أمر مهم، وبحجم الغذاء أو الدواء، ldquo;طازجةrdquo; دائما وفي متناول الطلب.
ماذا كانت نتيجة الدراسة؟
اقترحت تشكيل لجنة عليا تضم جهات الاختصاص لرسم وتنفيذ السياسة العامة لمستويات الأسعار، بما في ذلك تحديد هوامش ربح معقولة يلتزم بها التجار، ويساءَلون حال تجاوزها.
وهكذا كان، ولدت اللجنة، لكنها لم تنتج شيئا ذا بال حتى الآن.
وأوصت الدراسة برفع رواتب الموظفين بما نسبته 20 في المائة على الأقل من الراتب الإجمالي، لكن اللجنة الوزارية كانت سبقتها، فكان قرار رفع الرواتب بما نسبته 25 في المائة على الأساسي.
زيادة الرواتب معادل موضوعي للغلاء، لكنه غير متحقق في الإمارات بسبب الارتفاع المطرد في رفع الأسعار والتضخم، والأصح لو اقترحت ldquo;الاقتصادrdquo;، وغيرها، ربط زيادة الرواتب بموضوعي الغلاء والتضخم، وعدم الاكتفاء بالزيادة التقليدية المتمثلة في نسبة مئوية ثابتة.
دراسة ldquo;الاقتصادrdquo; أيضا أوصت بضرورة عودة أسعار الوقود إلى ما كان عليه قبل ldquo;الزياداتrdquo; الأخيرة، لكن لم يستجب أحد لهذه التوصية، ولم تلغ حتى الزيادة الأخيرة التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهور الناس.
إذا كانت الدولة جادة فعلاً في محاربة الغلاء، فعليها الالتفات أولاً الى اسعار الوقود، وثانياً إلى الإيجارات، فهما سببان حقيقيان لزيادة الأسعار، وليسا ldquo;شماعتينrdquo; كما يشاع.
لقد مرت شهور على دراسة ldquo;الاقتصادrdquo; ورأينا نتائجها رأي العين، ولمسنا كيف مضى التجار أبعد في المبالغة ورفع الأسعار.
فأين الحل بالضبط؟
في كون ممارساتنا، حتى بالنسبة إلى أكثر مقومات حياتنا ضرورة، ردود أفعال، وليست أفعالاً.
وإنما يواجه الواقع بالأفعال الحية اليقظة، وبالحلول التي تحاول الصواب والشمولية ما أمكن.
التعليقات