علي حماده

كلما هتف جمهور quot;حزب اللهquot; الحديدي التنظيم quot;بالروح بالدم نفديك يا بشارquot;، وquot;بالروح بالدم نفديك يا نجادquot;، ترسخ انهيار الاجماع حول سلاحه، وتعاظمت مشاعر القلق حيال quot;الأجندةquot; الخارجية للحزب والتي تتمظهر في هذا الاندفاع الكبير نحو التحالف مع نظام لم تبق اصبع في العالم الا توجه صوبه، أما اتهاما او اشتباها في ضلوعه في أكبر جريمة اغتيال في تاريخ لبنان.

وكلما تعاظمت مشاعر القلق المذكورة تلاشى تعاطف الجمهور اللبناني العريض والمتنوع مع quot;حزب اللهquot;. وكلما تلاشى هذا التعاطف خسر الحزب شيئا فشيئا المظلة اللبنانية الوطنية الجامعة التي كان يتمتع بها حتى الامس القريب.

وكلما خسر المظلة اللبنانية بدد رصيده كحركة جهادية فوق التصنيفات الضيقة للميليشيات الاخرى، ومتى اصبح في نظر بقية اللبنانيين ميليشيا (وهذا ما لا نريده له) مماثلة للتي سبقتها، مع كل ما يستتبع ذلك من خوف، واعتراضات، وحتى معارضة لاستمرار واقع الحزب بصيغته فوق الدولة وصار الحزب جزءا من مشكلة جوهرية بدل ان يكون جزءا من الحل في مداه الارحب.

نقول هذا الكلام لانه ينبغي الاعتراف بأن الحزب هو اليوم في طريقه الاسرع الى خسارة المظلة اللبنانية لسلاحه الذي يعتبره أمينه العام مقدسا، وبمثابة العرض والشرف. واذا كنا نرى في المقابل ان قضية تحرير الارض اللبنانية هي المقدسة لا السلاح، فاننا نتفهم خيبة الحزب وهو يلمس يوما بعد يوم تبدل الظروف التي قام في ظلها والتي جعلته حالة quot;فوق بشريةquot; في بعض الحالات والمراحل.

والحال ان الجديد ليس تبدل الظروف بمقدار ما هو نشوء حالة سأم لبناني من وجوب حفظ الجميل للجميع الى أبد الآبدين، على حساب بناء وطن لكل أبنائه تسوده المساواة وحكم القانون. وليعذرني الاخوة في الحزب اذا ما ذكرتهم بمآثر الوصاية السورية التي بطشت بالوطن، وحاولت سحق المواطن اللبناني وانتهى بها الامر الى توسل الارهاب، وكان خطابها ان على لبنان ان يظل ممتنا لسوريا الى الابد لأنها أوقفت الحرب فيه وساهمت في تحرير جنوبه. كان التمنين سلاحا معنويا وماديا بوليسيا استخدمه النظام السوري الى درجة المغالاة حتى انفجر لبنان في وجهه على النحو الذي حصل.

هذا بالضبط ما لا نريده ان يحصل مع quot;حزب اللهquot;. فاذا كان كل لبنان ممتنا لنجاحه في تحرير الارض العزيزة، فان هذا اللبنان الواسع والغني تنوعا لا يسعه ان يقبل بعدم نشوء الدولة التي يحلم بها، ولا يمكنه الالتحاق بمحور اقليمي مؤداه تأييد الحروب، حروب الآخرين، على أرضه الى ما لا نهاية، وعودة نظام مكروه مسؤول في نظر الاكثرية عن الجريمة الارهابية الكبرى وبقية الجرائم في لبنان.

وما لا نريده للحزب هو ان تنحسر آفاقه لبنانيا في سجن مذهبي لا بد في نهاية الامر ان يطبق على مكانته المعنوية العالية التي يتمتع بها اليوم، فيشجع ذلك على تفتح حالة مناوئة له عند الآخرين.

عود على بدء: كلما هتف quot;حزب اللهquot; بحياة الرئيس السوري بشار الاسد في شوارع بيروت وضبية بكل ما يحمله هذا الهتاف من مضمون وحركة وخيارات سياسية، لا بل استراتيجيا جوهرية، خسر لبنانيا في سرعة ضوئية.

والسؤال: ماذا تريد اسرائيل أكثر من ذلك؟