ناصر الظاهري
مرةmiddot;middot; اضطرتني الظروف أو أجبرني صديق لأحل محله في حضور الاجتماع التأسيسي لتكوين شركة مساهمة عامة، تختص بالاستثمار العقاري، ولأنه من باب أنني لست الرجل المناسب في المكان المناسب، ولأنني لا أعرف ما هو الفرق بين الشركة المساهمة العامة والشركة القابضة، وطول حياتي أتمنى أن أسال عن شيئين غير أنه الخجل ومشاغل الحياة، ماذا تعني الشركات بالثلاثة أحرف بعد اسمها وبينها نقط ذmiddot;مmiddot;م أو ليمتد؟ المهم ذهبت لحضور الاجتماع في بيروت، لكوني كنت هناك وتعذر على صديقي الحضور، فألحّ أن أحل محله، بعد أن أوصاني بكم شغلة، وطلب مني أن لا اسأل كثيراً، لأن هناك أشياء كثيرة بالتأكيد لن افهمها، ولا داعي لإحراج الآخرين في معرفة ما درسوه وما يعرفونه، وأصر عليّ أن أرتدي بدلة رسمية ذات لون كحلي مع ربطة عنق نبيذية، فقلت له: ليت كل الوصايا هكذا، فهو الشيء الوحيد الذي أعرفه وأحبه كثيراً، واعتذرت له مقدماً، لأنني لا أحب أن أحمل في يدي حقيبة رجال الأعمال، لأنني ساعتها أشعر وكأنني أقرب إلى المختن أو المحجمmiddot; دخلت وكانت بعض الهيبة الخائفة والانطباع الأول بالنظافة، مع سيماء النعمة البادية على الوجه الممتلئ عادة، واحمرار في الوجنتين كاذب وتصنع الجدّية والكلام المنضبط قدر السؤال، مثل تلك الإجابات المحايدة واستعمال بعض الكلمات البلاستيكية والمعلوكة، تسبقها دوماً كلمة عفواًmiddot;middot; أو عبارة من الصعوبة بمكانmiddot;middot; وبين فترة وأخرى عبارة عامة بالإنجليزي، ومع اللبنانيين عبارة عامة أخرى بالفرنسي، مع ملاحظتكم الطيبة أنني لم أقرب ولا أعرف كلمة اقتصادية، وإن عرفتها بالعربية فلا أفهم معناها، كالتضخم ودورة رأس المال وغيرها، الشيء الوحيد الذي أعرفه هي كلمة السيولةmiddot; كان الانطباع عن ابتسامتي السيراميكية مع حرارة السلام باليد وهزها أكثر من مرة، أوحى أنني أتحدث بالدولارات وأتمتع بتلك الثقة والعافية المالية، طبعاً لو فتشوا جيوبي، فلن يجدوا ألف دولار كاملاً، وبطاقات ائتمانية مضروبة ومطلوبةmiddot; دخلنا الاجتماع ولا أحد يعرف الآخر، محامون ومحاسبون ورجال أعمال ومندسون ومنتفعون وخرّاطون وكذابون، جرت الجلسة التعارفية وتبادلنا البزنيس كارت طبعاً ما كان عندي ولا عمري عملته، فاعتذرت بلباقة ووعدتهم أن أزودهم به عبر البريد الأليكتروني - قال يعني أني فاهم كثير وعصري - كنا خليطاً من الدول العربية مع جوازات كندا وأستراليا، لكنهم كلهم أسنانهم تصّر، طالبة الفلس والدرهم، باحثة عن انترست في أي شيء، وكان هناك صف من الجلوس من الجيل الجديد الوارم الذين تشعر أنهم لا يغادرون مطاعم البيتزا مطلقاً، ورغم ذلك كان النجاح حليفهم دائماً، وأنهم ولدوا ليكونوا صيرفيين، طبعاً لا سمعوا بالحطيئة ولا بأبي الشمقمق ولا بالمدرسة التفكيكية ولا بنص ما بعد الحداثة، كل واحد منهم في يده هاتف مثل سبائك الذهب الكبيرة وشنطة لاب توب وآلة حاسبة في جيب السترة و ماغ لـ الأمريكان كوفي أوف كورس دارت عيوني في الحضور بشكل بانورامي وتنفست الصعداء قبل أن أقول كلمة واحدةmiddot;middot; وعرفت أنه يوم عاصف بلا جدالmiddot;middot;
التعليقات