الجمعة: 2006.11.10
مـرسي عطا الله
تفرض علينا فجاجة وغشامة وعدوانية التعامل الإسرائيلي مع الشعب الفلسطيني علي مدي الأشهر الأخيرةrlm;,rlm; خصوصا تجاه قطاع غزة ـ وما جري فجر أمس من مذبحة مروعة لا يمكن تبريرها ـ سؤالين ضروريين ومهمينrlm;,rlm; هماrlm;:rlm; ما الذي تريده إسرائيل؟
وهل يمكن لأحد أن يصدق أن حكومة أولمرت بما تمارسه علي الأرض من فظائع وجرائمrlm;,rlm; هي الحكومة المؤهلة لمجرد الحديث عن السلام ولا أقول صنع السلام؟
وفي الحقيقةrlm;,rlm; فإنه ليس هناك من تفسير علمي لما تقوم به حكومة أولمرتrlm;,rlm; سوي أنها في أزمة خانقة بعد فشل عدوانها الأخير ضد لبنانrlm;.rlm;
إن أزمة الحكم في إسرائيل الآنrlm;,rlm; هي أن أصحاب القرار هناك يجهلون حقائق التاريخrlm;,rlm; أو يتعمدون تجاهلهاrlm;,rlm; ومن ثم يغيب عنهم أن نقطة البداية لحل أي صراع تكمن في حرص كل طرف علي إشعار الأطراف الأخري بأنهم سوف يحصلون علي معظم ما يريدون من خلال التسوية المنشودةrlm;,rlm; وأن أي تضحيات أو تنازلات لا تمثل هزيمة لطرف وانتصارا لطرف آخرrlm;,rlm; خصوصا اذا كانت المرجعيات واضحة والأسس محددة بالاستناد والاسترشاد بمقررات الشرعية الدوليةrlm;.rlm;
بل إنني أكاد أقول جازماrlm;,rlm; إن مشكلة إسرائيل حتي الآن أنها تريد أن تحصل علي كل ما تريدهrlm;,rlm; في مقابل أن يحصل الآخرون علي بعض ما يريدون فقطrlm;,rlm; وذلك ليس مجرد خطأ في الحسابrlm;,rlm; وإنما هو خطر علي أمن وسلامة ومستقبل الجميع ـ في المنطقة ـ بما فيهم إسرائيل نفسهاrlm;!rlm;
وأهم وأخطر من ذلك كله أن صقور حكومة أولمرت لا يعارضون فقط مبدأ التسوية السياسية تحت وطأة الاحساس بالضغط من جانب العربrlm;,rlm; لكي لا تترسخ في النفوس عقيدة المقاومة والانتفاضةrlm;,rlm; وبالتالي فإن كل عمليات المماطلة والتسويف ووضع العقبات أمام أي جهد دولي يستهدف الإسرائيليون من ورائها أن تبدو أي تسوية سياسية محتملةrlm;,rlm; في جوهرها ومظهرهاrlm;,rlm; انعكاسا صريحا لأوهام التفوق الإسرائيلي وبحيث تصل الرسالة للعرب بوضوح ومفادهاrlm;,rlm; أن أي حل سياسي تقبل به إسرائيل إنما تقبل به طواعية وليس كرها أو إرغاماrlm;!rlm;
والحقيقة أن هذه النزعة المتطرفة في تفكير الصقور ـ خصوصا داخل المؤسسة العسكرية ـ ورؤيتهم لشكل وجوهر التسوية ليست بالأمر الجديدrlm;,rlm; وانما هي انعكاس للدور المهم الذي تلعبه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في رسم سياسة الدولة العبريةrlm;,rlm; ومحاولة التوفيق بين تيارين رئيسيين داخل إسرائيلrlm;,rlm; أحدهما هو التيار الديني المتعصب الذي لا يري سوي إسرائيل المتفوقة استراتيجيا وتكتيكيا لضمان البقاء والوجودrlm;..rlm; وتيار آخر هو التيار العدواني الذي يري أن المستقبل الآمن لإسرائيل لا يكمن في حسن التعايش والتفاهم مع جيرانها لأن تحديات المستقبل أكبر من إمكان التغلب عليها باتفاقيات للسلامrlm;..rlm; وان إسرائيل تظل دائما بحاجة للمزيد من الأرض ومزيد من القوة ومزيد من الأسوار والجدران الأمنية العازلةrlm;!rlm;
لعلي أكون أكثر وضوحا وأقول إن جوهر الأزمة في إسرائيل يكمن في غياب الرغبة والقدرة علي الخروج من أسر الأفكار التوراتية المتوارثة التي تجعل الإسرائيليين مشدودين ـ بوعي أو بغير وعي ـ نحو عقلية العزلة والحصارrlm;,rlm; والتعامل مع الآخرين علي أساس أن البشر صنفانrlm;..rlm; إما معهم وإما عليهمrlm;..rlm; وطبقا للأفكار اليهودية المتوارثة فإن الأكثرية دائما تقف ضد اليهود وتغار منهمrlm;!rlm;
rlm;
***rlm;
وإذن ماذا؟
هل يمكن ـ في ظل عقلية العزلة والحصار ونزعات الانتقام ورغبات التوسع والهيمنة ومشاعر الشك والريبة في الآخرين ـ أن يتوافر أي قدر من الأمل في إمكان قبول إسرائيل بالسير علي طريق السلام طبقا للأسس والمرجعيات التي تنطلق من مقررات الشرعية الدولية؟
إن جوابي عن هذا السؤال ـ علي الفور ودون تردد ـ هو أن إسرائيل مازالت بعيدة وبعيدة جدا عن طريق السلامrlm;!rlm;
إن السلام يتطلب أن تتخلص إسرائيل أولاrlm;,rlm; من مجموعة الأحلام والأساطير التي تتجاهل دروس التاريخrlm;,rlm; وترفض التعاطي مع ثوابت الجغرافيا وتتوهم القدرة علي إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط علي ضوء هذه الأحلام والأساطيرrlm;.rlm;
إن صعوبة المأزق الراهن تكمن في أنه ليس نتاج سياسات خاطئة تمارسها حكومة إيهود أولمرتrlm;,rlm; ويمكن لحكومة أخري بديلة تصحيحهاrlm;,rlm; ولكن لأن المأزق في أساسه نتاج معتقدات وأفكار لم يتحرك أحد في إسرائيل من أجل اقتلاعهاrlm;,rlm; وتأهيل الإسرائيليين لأفكار ومعتقدات تؤمن بالسلام والتعايش وتدرك أن الأمن لايمكن أن يستتب علي جانب واحد من الحدودrlm;!rlm;
وللأسف فإن حكومة إسرائيل لم تتعلم شيئا من دروس الماضيrlm;,rlm; ولم تدرك أن إفراطها في استخدام القوة تحت نوازع الانتقام هو الذي يفرز المزيد والمزيد من العمليات الاستشهاديةrlm;,rlm; التي يزعمون الآن أنها العقبة الرئيسية أمام عودة إسرائيل للقبول باستئناف ودوران عجلة السلامrlm;.rlm;
rlm;
***rlm;
ولست أعتقد أن التعامل مع المأزق الراهن ـ المتمثل في تصاعد العنف والعنف المضاد بين الإسرائيليين والفلسطينيين ـ يمكن اختصاره في مجرد الاكتفاء بإدانة عمليات المقاومة الفلسطينيةrlm;,rlm; لكي تتحول من كونها رد فعل يائس ومحبط بسبب استمرار العدوان والاحتلال الإسرائيليrlm;,rlm; إلي صورة كريهة ومرفوضة تجسد القتل العمد والإرهابrlm;,rlm; حسبما تردد إسرائيل وتؤيدها في ذلك الولايات المتحدة الأمريكيةrlm;,rlm; ثم انضم الاتحاد الأوروبي أخيرا الي هذه الجوقة التي تعزف علي نغمة الإرهاب وتنسبها للفلسطينيين وحدهمrlm;!rlm;
لابد ـ في اعتقادي ـ أن يتم التعامل مع هذه التطورات المفزعة في إطار نظرة شاملة للموقف ككلrlm;,rlm; خصوصا مع فجاجة عمليات الاجتياح والاغتيال والاعتقال والمحاصرة التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينيrlm;,rlm; وانعكاسات هذه العمليات ـ المصحوبة بممارسات إذلال وإهانة ـ علي نفسية الفلسطينيينrlm;.rlm;
لقد بات واضحا أن معدل وحجم عمليات المقاومة الفلسطينية لا يتصاعد إلا مع تصاعد اتجاهات التطرف اليميني في المجتمع الإسرائيلي وزيادة نبرة العنصرية والاستعلاءrlm;.rlm;
إن ما يحدث من عنف وعنف مضاد قد يكون أمرا خطيرا ومزعجا بمنظور اللحظة الراهنةrlm;,rlm; واحتمالات انفلات الموقف نتيجة عمليات الانتقام والانتقام المضادrlm;,rlm; خصوصا اذا استمرت صيحات الغضب والتطرف هي السائدة في إسرائيلrlm;.rlm;
ولكن الخطر الحقيقي يكمن في مؤشرات لا تخطئها العين حول تهيؤ الأوضاع في إسرائيل لمزيد من العنف والتطرف والعنصرية ومحاولة دفع الأمور باتجاهات خطيرة وغير مسئولة باسم حق الدفاع عن النفس وحرية العمل ضد ما يسمي بالإرهاب الفلسطينيrlm;!rlm;
rlm;
***rlm;
إن الخطر كل الخطر في أن تتخذ ردود الفعل الانتقامية من جانب إسرائيل أبعادا تتجاوز هواجس الاعتبارات الأمنيةrlm;,rlm; من نوع ما يتردد عن خطة اجتياح شاملة لقطاع غزةrlm;.rlm;
أريد أن أقول بوضوحrlm;,rlm; إن من الظلم للحقيقة أن يتم تصنيف عمليات المقاومة الفلسطينية التي تستهدف المدنيين من خلال إطلاق قذائف القسام ضد مدينة سديروتrlm;,rlm; علي أنها الإرهاب الوحيدrlm;,rlm; لأن استمرار الاحتلال والاجتياح والاغتيالات والاعتقالات هو ذروة الإرهاب الإسرائيلي الذي يفرز عنفا فلسطينيا مضاداrlm;,rlm; خصوصا اذا سلمنا بأن بعض أشكال المقاومة يسهل دمغه بالإرهاب في ظل متغيرات ما بعدrlm;11rlm; سبتمبرrlm;.rlm;
أقول بوضوح أكثرrlm;,rlm; إن أمن كل دول المنطقة ـ بما فيها إسرائيل ـ قد أصبح رهنا بمدي القدرة علي إزالة أسباب نمو العنف والتطرفrlm;,rlm; وأهمها ما يتعلق بضرورة إقدام إسرائيل علي الخطوة اللازمة لإثبات قبولها للقسمة العادلة في المنطقة تحت مظلة الشرعية الدولية التي تحدد أسس التسوية السياسيةrlm;.rlm;
ولابد أن يقال الآن ـ انصافا للحقيقية ـ قبل أي شيء آخرrlm;:rlm; إن مصر كانت أول من نبه الجميع إلي أن المعالجات الأمنية لا تصلح ولا تكفي وحدها لوقف ظاهرة العنف والإرهابrlm;,rlm; وأنه من الضروري الشروع في معالجات سياسية تستند الي القانون الدولي والإقرار بالحقوق والواجبات المتكافئة من أجل سلام يمكن له أن يستقر وأن يدومrlm;!rlm;
ولكن مشكلة إسرائيل أنها مازالت تصم أذنيها عن سماع النصح لإنها تريد أن تحصل علي كل ما تريده في مقابل أن يحصل الآخرون علي بعض ما تتعطف به عليهم فقطrlm;!rlm;
وتلك كلها ليست مجرد أخطاء في الحسابrlm;,rlm; وإنما هي عمي في الرؤية السياسية وجهل بحقائق التاريخ وثوابت الجغرافياrlm;!rlm;
التعليقات