الخميس: 2006.11.23


موضوعات أربعة رئيسية نستعرضها ضمن قراءة موجزة للصحف البريطانية الصادرة هذا الأسبوع: التطورات اللبنانية بعد مقتل وزير الصناعة بيير أمين الجميل، ودور قوات quot;اليونيفيلquot; في لبنان، ولجوء الولايات المتحدة إلى سوريا وإيران لوضع حد للتدهور في العراق، والجديد في مسار الحملة الانتخابية المرتقبة لاختيار خلف جديد لتوني بلير.

هذا هو الموضوع الذي تناوله الصحفي البريطاني الشهير quot;روبرت فيسكquot; في مقال افتتاحي نشر بصحيفة quot;ذي إندبندنتquot; الصادرة يوم أمس الأربعاء، قائلاً إن سد الطريق أمام سيارة بيير الجميل وزير الصناعة اللبناني الذي اغتيل أول من أمس، على طريقة عصابات المافيا وإطلاق سلسلة من الرصاصات عليه، إنما هو بمثابة رسالة جديدة، هدفها تأكيد استمرار مسلسل الاغتيالات واستمرار quot;الحرب الأهلية اللبنانيةquot;. وقال quot;فيسكquot;، الصحفي الذي غطى الأحداث من بيروت، إنه مرت أيام عديدة والشارع اللبناني يتساءل عما إذا كانت الساحة السياسية ستشهد مصرع شخصية سياسية أخرى، والبلاد تتأهب لسقوط وشيك مرتقب لحكومة فؤاد السنيورة؟ ولاحظ الكاتب أن اللغة السياسية اللبنانية قد أصبحت أكثر حدة مما كانت عليه في الأيام الأخيرة، وكذلك تصاعدت نبرات التهديد والوعيد الموجهة للسياسيين في الأسابيع القليلة الماضية. ومن أبرز ملامح هذه الأجواء المنذرة بوقوع كارثة وشيكة، وصف حسن نصرالله، زعيم quot;حزب اللهquot; لحكومة السنيورة بعدم الشرعية، وبأنها مجرد دمية بيد quot;فيلتمانquot; السفير الأميركي لدى بيروت، بينما يدَّعي وليد جنبلاط الزعيم الدرزي أن طهران تتأهب لبسط هيمنتها السياسية على لبنان. وهناك من يقول إنه في الإمكان أن يحل محل الجميل في هذه المجزرة، وليد جنبلاط أو فؤاد السنيورة، أو أياً من كبار الشخصيات اللبنانية الأخرى، المناوئة لسوريا. وذهب المقال في تفسيره لدوافع هذه الجريمة، إلى أن قدر الجميل أنه جعل منه أحد أعلى الأصوات اللبنانية الشديدة الانتقاد للجارة دمشق. غير أن الرسالة الرئيسية للجريمة لا تقف عند هذا الحد، وإنما تطاله لتأكيد استمرار الحرب الأهلية التي اشتعلت نيرانها سلفاً، منذ مصرع الحريري، وما تلاه من عواقب وتداعيات لها صلة بمحاكمة المتهمين باغتياله.

الـquot;يونيفيلquot; ومهمة حراسة إسرائيل!

ولم يكن غريباً أن نشرت quot;ذي إندبندنتquot; في عددها ليوم 15 نوفمبر، مقالاً آخر للكاتب روبرت فيسك، يتناول فيه دور قوة quot;يونيفيلquot; الجديدة في إذكاء نيران الحرب الأهلية اللبنانية، بقوله لقد كان مما يفرح اللبنانيين في الماضي، ارتفاع الأعلام الزرقاء للقوات الدولية المحايدة والمؤلفة من مختلف الجنسيات والبلدان، بغرض حمايتهم من العدوان الإسرائيلي عليهم، وكذلك لمنع تجدد النزاعات والمواجهات الطائفية فيما بينهم. غير أن الواقع تغير الآن كثيراً، إذ لم تعد تلك القوة الدولية محايدة كما كانت من قبل، إثر دعمها وتعزيزها بقوات تابعة لحلف quot;الناتوquot;. ومضى الكاتب للقول إن المسلمين الشيعة وقلة من المسيحيين في جنوبي لبنان، يدركون جيداً أن هذه القوة الجديدة لم تحضر هنا لحمايتهم والدفاع عنهم في وجه الاعتداءات الإسرائيلية على أراضيهم، بقدر ما جاءت لأداء الدور والمهام التي عجزت تل أبيب عن القيام بها. أي لإبعاد quot;حزب اللهquot; عن المنطقة الحدودية الفاصلة بين لبنان وشمالي إسرائيل. ولذلك فهي قوات حلف quot;الناتوquot;، وقد تخفت في ثوب أممي خادع وبعيد كل البعد عن الحياد.

الدور السوري- الإيراني في العراق

هذا ما تناولته صحيفة quot;الجارديانquot; في افتتاحيتها ليوم أول من أمس، بقولها إن العيون كلها تترقب في دهشة الآن، ما ستؤول إليه المساعي الأميركية البريطانية لإشراك سوريا وإيران وطلب عونهما في بلورة استراتيجية لخروجهما من العراق. ومضت الصحيفة قائلة إن بوش وبلير قد تحدثا بلغة ومفردات كبيرة سبقت غزوهما للعراق والإطاحة برئيسه صدام حسين في عام 2003. لكنهما وما أن فرغا من حربهما تلك، حتى وجدا نفسيهما في مأزق القرن الحادي والعشرين. فالذي نراه اليوم، أن سعي الحليفين إلى التوصل إلى استراتيجية للخروج، قد دفعهما إلى طلب نجدة أعدى أعدائهما وأبعدهم عن السلام والتصالح معها، أي الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي يباهي اليوم ببرامجه النووية، ويتمسك برأيه القائل بضرورة محو إسرائيل من خريطة العالم، وحليفه بشار الأسد، الذي كانت قد أسقطت بلاده سهواً من قائمة دول quot;محور الشرquot; التي أعلن عنها الرئيس بوش في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، لتضاف إليها لاحقاً. ولاحظ المقال أنه قد مضت إلى غير رجعة، أيام الحديث عن النصر المؤزر في كل من لندن وواشنطن، حيث كان يفكر البعض في كلتا العاصمتين، فيما إذا كان دور دمشق وطهران، قد حان بعد العراق؟ غير أن في دعوة بلير الأخيرة لإمكان وجود دور سوري- إيراني في حل المأزق العراقي، ما يؤدي إلى شق صفوف التحالف الدولي المناوئ للبرامج النووية الإيرانية.

بين غوردون وquot;وزن الذبابةquot;!

يقول quot;المحافظونquot; البريطانيون إن بلير قد أسدى إليهم صنيعاً لا يقدَّر بثمن، بوصفه لغوردون براون بـquot;الهائج الجارحquot; كناية عن عدم شعبيته في أوساط النساء بصفة خاصة، وكذلك عن نزعته الشمولية المستبدة. وقالت صحيفة quot;أوبزيرفرquot; في مقالها الافتتاحي ليوم الأحد 19 نوفمبر الجاري، الذي كتبه الكاتب quot;أندرو رونسليquot;، إن غوردون لا يعبأ كثيراً لمثل هذه الأوصاف، وإن الذي يروقه منها بحق، وصف الكثيرين له بأنه القائد quot;ذو القبضة الحديديةquot;، ويرى أن على الناخبين اختياره هو وتفضيله على خصمه quot;المحافظquot; ديفيد كاميرون، الذي يطلق عليه quot;وزن الذبابةquot; استخفافاً به، ويرى فيه ما رآه بلير، من أنه لم يسبق له مطلقاً أن اتخذ قراراً حازماً مثله طوال حياته كلها.

إعداد: عبد الجبار عبد الله