قال ان المواطنين في كردستان العراق يثقون بالمستقبل ...
أربيل - سعد أحمد
رئيس إقليم كردستان العراق وزعيم حزب الاتحاد الوطني مسعود بارزاني، اشتهر باقتصاده في الكلام حتى إذا تجاوزت الأمور حدودها يبدو حاسماً لا يتراجع، وهو في منصبه الإقليمي يتعهد تنمية يرى معالمها زوار الإقليم وهي تتقدم معززة بالأمن والاستثمارات. لكن مسعود بارزاني صاحب رأي واضح في قضايا يتحدث عنها العراقيون ودول الجوار، مثل عائدات النفط والسيادة على كركوك ودور البيشمركة باعتبارها فصيلاً من الجيش العراقي الجديد.
هنا حوار معه:
يرى زوار كردستان عدا مظاهر الأمن والاستقرار، حركة عمران وبناء نشطة، بحيث تتغير ملامح الحواضر كل يوم، هل الظروف الأمنية في أساس هذه الحركة؟
- لاستتباب الأمن فضل كبير في كل ما يجري في كردستان، لكن، لا بد من الأخذ في الاعتبار ان ما يتحقق هو استمرار للخطوات التي اتخذت قبل سقوط الديكتاتورية، وتشكل الهيئات الإدارية والقيادية من برلمان وحكومة ومؤسسات في أعقاب أول انتخابات ديموقراطية شهدها الإقليم بعد انسحاب الإدارة المركزية عقب انتفاضة ربيع 1991.
gt; لكن ما يتحقق اليوم، من حيث الوتائر المتسارعة أو سعة ميادين البناء أو حجم الاستثمارات، يفوق كل ما تحقق سابقاً، ألا ترى ذلك؟
- هذا صحيح. فالإمكانات السابقة كانت محدودة، وتعتمد على مواردنا الذاتية، وخصوصاً الجمارك والمشاريع الخاصة، وكنا نعاني من حصارين اقتصاديين، حصار النظام، والحصار الدولي، إضافة الى التهديد الدائم والتوترات التي تستهلك من طاقاتنا ومواردنا، والأهم هو ان المواطنين باتوا يثقون بالمستقبل.
gt; دعنا نتحدث في الميدان الإشكالي ونعني بذلك السياسة بأبعادها، الكردستانية، العراقية، العربية، الإقليمية والدولية.
أولاً، كيف تقيمون التطور الذي يشهده الاقليم بعد الانتقال الى الحكومة الموحدة؟
- عليك ان تقدر بنفسك، فالزائر والمتابع، يرى ويقرأ ويستنبط.
فما قطعناه من أشواط لإعادة بناء الوحدة وجسور الثقة بين كل مكونات كردستان يتعدى الزمن الذي استغرقته بأشواط. وهذا يعود الى قناعة لدى الجميع بأن الوحدة واعتماد لغة الحوار والتفاعل والإصغاء الى الآخر، ونبذ كل أساليب العنف والاستئثار وادعاء الحقيقة، تكمن في أساس المناخ الإيجابي الذي يسود كردستان ويميز العلاقات بين الحزبين الحليفين الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديموقراطي الكردستاني وسائر الأحزاب المشاركة في إدارة الإقليم. لكن حرص الكردستانيين على تكريس هذا المناخ وتوسيع مداراته وتحويله الى واقع صلد غير قابل للتراجع، يشكل الضمانة الأكيدة، إذ يعي الجميع حجم المخاطر والتحديات التي تترصدهم وتستهدف مكاسبهم.
لكن هذه الإيجابيات لا تنفي استمرار تعامل بعض المستويات، سواء في الأجهزة والمؤسسات الحكومية أو في الأطر الحزبية، بحساسيات حزبية أو مناطقية منافية لقيم الوحدة ومعاييرها ومتطلباتها. ونحن جادون لاتخاذ كل ما يلزم لتصفية مظاهرها وإزالة مسبباتها، سواء عبر التثقيف واللقاءات المباشرة، أو بالتدابير العملية وتشديد الرقابة الحكومية والحزبية والشعبية.
gt; هل ترون ان التدخل الخارجي، ولا نقول خطره، تراجع بعد إقرار الدستور وما تضمنه من تكريس للفيديرالية على وجه الخصوص؟
- أتمنى ذلك، ونسعى الى تحقيقه بروح المسؤولية وبمنتهى الإيجابية.
نحن من جانبنا نبدي حرصاً بالغاً لمراعاة مصالح الآخرين دولاً مجاورة، أو تجمعات وأفراد، ونراعي حساسياتهم، ان كان ثمة سبب للقلق، لكن الأمر لا يتعلق بنا وحدنا، فعلى الأطراف الأخرى ان تراعي مصالحنا وحساسياتنا.
مصالحنا لا تتعرض للآخرين أو تمس مصالحهم، كما اننا لا نريد ولا ننوي في المستقبل ايضاً، ان نتحول الى عامل تحريض أو تصدير للقيم والأفكار والتوجهات، بل لا نسمح بتحويل أراضينا منطلقات ضد أراضي الغير.
لكن اليد الواحدة لا تصفق! ويبدو ان كل الأطراف والجهات المعنية بالشأن العراقي والكردستاني لم تدرك بعد، ان الحقائق التي كانت سائدة قبل سقوط الديكتاتورية، قد سقطت وولت معها، وان الدستور العراقي المقر باستفتاء شعبي قل نظيره في المنطقة، رسم حدود حقوقنا والتزاماتنا، وتكفل بحمايتها والدفاع عنها والتصدي لأي تجاوز عليها.
gt; وماذا عن كركوك؟
- الدستور وضع حدوداً قانونية وآليات عملية من خلال اللجنة الحكومية لاعادتها الى وضعها الطبيعي، سكانياً وجغرافياً. وكركوك شأن داخلي بحت، كردستانياً - عراقياً، وليس من حق أي جهة مهما ادعت، ان تنبري لطرح حلول وبدائل لها خارج الأطر الدستورية العراقية المقرة، أو ادعاء الوصاية عليها أو على أي طرف فيها.
وكل مواطن في كركوك، يستمد حقوقه وتطلعاته مما ثبته له الدستور العراقي الذي هو الفيصل من وجهة نظرنا، وكل ما عداه باطل، وغير ذي قيمة.
gt; وماذا عن نشاط اللجنة الوزارية ووتيرة عملها والاستجابة لمطالبها؟
- بدت الخطوات التأسيسية مشجعة، ونفترض حسن النية في تعامل الحكومة المركزية معها، حتى حينما تتعثر الخطوات، أو تبدو الاستجابة بطيئة، أو لا تنطوي على الجدية المطلوبة للتعجيل في هذا الاستحقاق الدستوري.
نتطلع الى ان يتفهم كل الأطراف المعنية، في الحكومة والبرلمان وخارجهما، ان تسريع وتيرة تطبيع الأوضاع في كركوك، ومعالجة آثار الإلحاق القسري بما يعيد لها الحق في التمتع بهويتها التاريخية، وإنصاف أبنائها الذين عانوا الأمرين من التمييز والتهجير والمصادرة، إنما يسهم في إشاعة أجواء الثقة بين المكونات السياسية والاجتماعية في البلاد والتي يتوقف عليها مصير العملية السياسية الديموقراطية الجارية، ويجفف أحد مصادر التوتر، ويعزز مواقع القوى المناهضة للإرهاب والتكفير.
gt; كيف تقوّم دعاوى البعض ممن يعرضون مسألة كركوك، كما لو أنها نزاع على ثروتها النفطية، باعتبار النفط من مستلزمات laquo;إقامة الدولة الكرديةraquo;؟
- انها الأباطيل التي فقدت جاذبيتها، حتى لدعاة التعصب الشوفيني الأعمى، لكثرة ما رددتها السلطات المستبدة التي توالت على الحكم، ولم يبق من دعاتها غير اولئك الذين لا يستحقون أكثر من تسميتهم بأيتام الديكتاتورية.
قلنا دائماً، ونكرر، ان موقفنا ووجهتنا في التعبير عن تطلعات شعبنا لتحقيق ذاته القومية، لا تتحمل التلاعب، أو اعتماد سياسة ملتوية، laquo;حمالة أوجهraquo;، ولسنا ممن laquo;يجلسون على كرسيينraquo; يجاهرون بموقف، ويضمرون الشرور.
إننا لا نخشى المجاهرة بنياتنا وسياستنا عندما يتعلق الأمر بمصائر شعبنا وأمتنا، ولا نتردد حينما نرى ضرورية في إعلان أي قرار مصيري يفرضه شعبنا ديموقراطياً عبر هيئاته المنتخبة.
بعض المهووسين المتطرفين laquo;فرسان الطواحينraquo; يتوهمون بأنهم قادرون على استفزاز شعبنا، ودفعه الى المغامرة أو جره الى الاستسلام، متناسين ان النظام البائد، توهم بسحبه جميع الأجهزة والمؤسسات الحكومية من كردستان، أننا سنستجيب laquo;لاغراء مغامرةraquo; لم تكن في أساس وجهتنا.
خيارنا اعتماد الفيديرالية للعراق، تعبير تأريخي في الظروف الملموسة لذاتنا القومية، وطالما حافظ العراقيون على النظام الفيديرالي الديموقراطي التعددي، وكرسوا قيمه وممارساته، سنبقى أحرص منهم على وحدة العراق وتطوره وازدهاره، بل نحن الآن شعباً وقيادات كردستانية نرى أنفسنا في خندق الدفاع عن هذه الوحدة وأداة نـــشيطة لتحقيقها، ونبذل جهداً استثنائياً للتقريب بين الأطراف داخل العملية السياسية وخارجها. ونتصدى بحزم لكل المظاهر السلبية الخطيرة، التي قد تدفع laquo;لا سمح اللهraquo;، إذا لم يتسلح الجميع باليقظة وروح السؤولية الوطنية، الى أتون مواجهة دموية تفضي الى حرب أهلية طاحنة.
من يقود البلاد الى التقسيم والتشرذم واللاإستقرار، هم المتطرفون من كل الاتجاهات، بقايا النظام، وraquo;القومانيونraquo; الشوفينيون في صدارتهم، واولئك الذين يغذون الارهاب والفوضى، ويتشدقون بالتمسك بوحدة البلاد، لكنهم في واقع الحال يحنون الى زمن الاستبداد والتسلط واستباحة الحرمات.
gt; وماذا عن دول الجوار وما يقال عن قلق بعضها من الفيديرالية وتعزيز مواقع ودور حكومة اقليم كردستان في الكيان العراقي؟
- ليطمئنوا، فالفيديرالية التي نتمتع بها عراقية الطابع، والتجربة التاريخية تؤكد ان لكل بلد خصوصياته، وتصدير النماذج والثورات كان يلقى الفشل دائماً، وعلينا ان نقر بوجود خصــوصيات حتـــى في الحركة القـــومية الكردية في أقاليمها المختلفة، مما يشدد على طابعها، وأسلوبها في الكفاح والبرامج والشعارات.
وما هو عام ومشترك يتجسد في حق الشعب الكردي اينما وجد في تقرير مصيره وفقاً لظروفه الملموسة وبالسبل التي يختارها، وهذا الحق يكتسب مشروعيته من مواثيق الامم المتحدة وحقوق الانسان، وفي اطار حق تقرير المصير للأمم والشعوب.
gt; على الصعيد العربي، الا ترى ضرورة التحرك نحو البلدان العربية، واقامة جسور تفاهم تبدد الشكوك والاوهام لدى بعض الاوساط فيها؟
- قررنا في قيادة الاقليم وفي الحزبين الحليفين، تشكيل وفود لزيارة عدد من البلدان العربية واجراء مباحثات مستفيضة تتناول كل القضايا العقدية وتوضيح الالتباسات التي لا نرى اساساً لها، ويهمني أن اؤكد، ان في أولويات الشعب الكردي وقيادته السياسية ايجاد قواسم مشتركة مع البلدان والقوى والشعوب العربية، حتى عندما كنا نشعر بالمرارة من مواقف بعضها ازاء ما نتعرض له من ارهاب وقمع وتصفيات.
ننطلق في مفهومنا للعلاقة مع الدول والشعوب العربية، من ضرورة الاحترام المتبادل للاماني والمطامح القومية للشعب الكردي والامة الكردية، مثلما نحترم أمانيوتطلعات الشعوب العربية.
وفي كل الظروف والاحوال، فان تفاعلنا، خصوصاً أننا نعيش متجاورين، ويجمع الدين (اكثريتنا)، يصب في مصلحة شعوبنا وتنمية واستقرار وتطور واستنهاض البلدان العربية.
نتصرف كحلفاء للشعوب العربية، ونتطلع الى ان نعامل بالمثل!
gt; أكدتم أهمية الوحدة الوطنية العراقية، والحفاظ على وحدة العراق، لكن الضجة حول موقفكم من العلم العراقي تلقي بظلالها على الساحتين العراقية والعربية؟
- لم ننزل العلم العراقي، بل رفضنا منذ البداية رفع علم حزب البعث، الذي يؤكد قانونه الصادر من laquo;مجلس قيادة الثورةraquo; الملغي، بأنه يمثل شعار البعث، laquo;الوحدة والحرية والاشتراكيةraquo;.
وبهذا الموقف تجنبنا، وليس مثل آخرين، هذا التناقض السافر بين الاصرار على laquo;اجتثاث البعثraquo; وتصفية آثاره، وادانة جرائمه من جهة، والتمسك بالراية الخرقاء التي استظل بها وهو يرتكب كل جرائمه ضد الشعب العراقي وفي حروبه الخارجية.
والغريب ان مظاهر laquo;سياديةraquo; كثيرة تم تجاوزها، بما في ذلك النشيد الوطني، من دون ان يحتج أحد، والأغرب من ذلك، ان القوى المتناقضة على كل شيء، التقت بصدفة عجيبة حول العلم المزعوم باعتباره رمز السيادة العراقية.
ولا بد من الايضاح أننا لم نرفع علم صدام حسين حتى قبل سقوطه، وما فعلناه، هو اصدار قرار باستخدام علم ثورة تموز الذي أجمع عليه العراقيون، بمن فيهم بعثيو ذلك الزمن، الى جانب علم كردستان، والامتناع عن رفع اعلام الاحزاب فوق الدوائر والمؤسسات الحكومية.
اننا دعاة اقرار نشيد وطني وعلم عراقي يعبران عن العراق الديموقراطي التعددي الفيديرالي لنرفعه على ربوع كردستان، ونتعامل معه كرمز وطني، فلماذا لا يوضع هذا الاستحقاق في اولويات جلسات مجلس النواب؟
gt; بالعودة الى ما يقال عن النفط، هل هناك تصور معين له باعتباره ثروة وطنية؟
- دعنا نؤكد بأوضح الكلمات، ان النفط ثروة وطنية، لكننا نرى من الضروري لدى توزيع هذه الثروة وغيرها الأخذ بالحسبان الحرمان الذي عانت منه المحافظات والمناطق التي تدر هذه الثروة على البلاد، خذ على سبيل المثال كركوك، والبصرة، هل يمكن التصور انهما مدينتان تفيضان بالنفط والغاز، فالبصرة مثلاً تفتقر الى مياه الشرب النقية! أما كركوك، فهي أشبه بمدينة أطلال.
gt; وماذا عن العقود مع الشركات الاجنبية لاستكشاف او استثمار آبار النفط في كردستان العراق؟
- ليس هناك أي خلاف من حيث الجوهر، فالثروة مآلها الخزينة المركزية، لكن بعض التفاصيل الشكلية تثار كما لو انها خرق لهذا المبدأ.
فنحن نرى ان وزارة النفط والحكومة المركزية من حقها الكامل الاطلاع على العقود والشركات المستثمرة ودراسة مضامينها، ويبقى لرئيس وزراء الاقليم التوقيع على العقود والاتفاقيات.
السؤال المثير للحيرة في هذا السياق: الا تمثل حكومة الاقليم ما يتعلق بحدود سيادتها، الحكومة العراقية والسيادة العراقية؟ إذاً اين الاشكال؟
gt; أرجو ان لا يضيق صدركم ببعض اسئلتنا، ومنها على سبيل المثال، ما يقال من انكم ترفضون تحريك القطاعات العسكرية (الكردستانية) التي هي جزء من الجيش العراقي والقوات المسلحة العراقية.
- نعتبر البيشمركة جزءاً من الجيش العراقي، ولكننا حذرون من الظروف المعقدة والملتبسة الراهنة، وانعكاسها سلباً على استخدام هذه القطعات خارج حدود الاقليم، مما يضعنا في مواجهة تهمة الاشتراك في قمع هذا الطرف او ذاك، والانحياز الى هذه الطائفة او تلك.
والغريب ان من يرددون هذا التشكيك يرفضون بالقطع مساهمة القطعات العسكرية الكردستانية في ملاحقة الارهابيين في كركوك او حتى تأمين سلامة طريق بغداد - كركوك، وكانوا يرفضون مشاركتنا في حماية أنابيب النفط.
قواتنا العسكرية الكردستانية لم تنتقل الى اي جزء عراقي، ومع ذلك هناك أوساط سياسية واعلامية عربية تنشر اكاذيب في لبنان بأن laquo;البيشمركة الكرديةraquo; تحارب الى جانب طرف في الصراع السياسي!؟ ان الاكراد المنخرطين في الجيش العراقي والقوات المسلحة في انحاء العراق، يؤدون واجباتهم مثل زملائهم الآخرين، ولا حرج في ذلك او اعتراض. ولنتساءل هنا مفترضين صدقيتهم، وانهم لا يريدون خلط الاوراق: لماذا لا يتخذ مجلس النواب أو الحكومة قراراً علنياً بدعوة البيشمركة للمساهمة في تأمين الاستقرار وحماية المواطنين والمنشآت في بغداد مثلاً، وقبلها في الموصل وكركوك؟
gt; ألا ترى ان الدستور الكردستاني الذي أقره برلمان كردستان لا يتفق في كثير من مواده مع الدستور العراقي؟
- ما يقال انه دستور كردستاني لم يقر في البرلمان بعد، وهو قيد الدراسة والتدقيق لكي يتطابق مع الدستور العراقي. ونحن حريصون على الا يتعارض مع مواد الدستور وأحكامه الاساسية، مع الأخذ في الاعتبار الخصوصيات الكردستانية التي لا تخرج عن الدستور العراقي وأحكامه وديباجته.
gt; كيف تقوّم التطور الذي ترتب على زيارة وزير الخارجية السوري الى بغداد، واعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين؟
- لم نتردد يوماً في العمل على تطبيع العلاقات السورية - العراقية والارتقاء بها. ومحاولاتنا تعود الى ما قبل اسقاط النظام السابق وحتى عشية الحرب، وكنا من دعاة دور متميز لسورية، ولكن على أسس تفهم الأوضاع التي مر بها العراق ومعاناة شعبه على يد النظام البائد، لكن الرياح سارت بما لا تشتهي السفن، للأسف، وارتكبت اخطاء الحقت ولا تزال، أضراراً بليغة بمصالح البلدين.
نتطلع الى خطوات ملموسة بوتائر متسارعة لتصحيح العلاقات، ولا بد من ان ينعكس ذلك، لا في اللقاءات المعزولة، بل في لغة الاعلام السوري وتعافي المناخات السياسية، والاندفاع المخلص لدعم العملية السياسية الديموقراطية في العراق.
ولا بأس من تنبيه بعض الأوساط، بأن الشعب الكردي أصبح اليوم جزءاً فاعلاً من الحياة السياسية، ويتمتع بالحق الدستوري في اقامة فيديرالية في كردستان، الا يستحق هذا التطور الذي يستند الى تضحياتنا التوقف عن استخدام بعض المصطلحات السياسية البليدة؟
gt; فيما الأوضاع في بغداد تسير نحو المزيد من التوتر والتدهور، يبدو للمراقب، كما لو أن ذلك ليس جزءاً من اهتمامك، كما لا يتلمس اسهاماً منك في الجدل الدائر حول المصالحة الوطنية ومآلها. هل هذا التقويم دقيق؟
- لا أميل الى الاستعراض، لكنني أذكر انني أول من بادر حتى قبل سقوط النظام، في اجتماعات المعارضة في الخارج وفي كردستان، الى اعتماد المصالحة الوطنية، ووضع حد لدورة التصفيات السياسية الدموية. وبعد السقوط، احتضنت اربيل مؤتمرات وندوات وحوارات مكرسة للمصالحة الوطنية، وتحديد مضامينها وقواها وأساليب تحقيقها. وقد دعوت في آخر مبادرة قبل بضعة اسابيع الى لقاء عاجل في اربيل للقيادات السياسية من دون استثناء لمعالجة الاحتقان المتزايد وتوسع مديات القتل والترويع والتهجير المذهبي، وصوغ مفاهيم مشتركة واضحة للمصالحة الوطنية، لكن المبادرة أجهضت.
حين ندعو لمثل هذه اللقاءات في كردستان، لا نريد نقل الثقل السياسي العراقي من بغداد، كما يلمح البعض من ذوي النيات غير السليمة، لكننا نرى في اجوائنا وما يمكن ان نوفره من تشارك وتفاعل، عامل تقريب وتفاهم.
وفي كل الاحوال، ان النزف في بغداد، وكل بقعة عراقية، يدمي قلوبنا، ويؤرقنا، ونحن مستعدون للمساهمة في أي جهد يوقف هذا النزف، ويضع البلاد على طريق الأمن والاستقرار والتطور الطبيعي.
تنشر في آن واحد مع جريدة laquo;المدىraquo; العراقية
التعليقات