الإثنين: 2006.11.27


د. حسن مدن


كما كتبنا هنا منذ يومين أسفرت نتائج انتخابات الدور الأول للمجلس النيابي في البحرين عن فوز كاسح للتيارات الإسلامية، حيث حصدت جمعية الوفاق ldquo;الشيعيةrdquo; نحو ثمانية عشر مقعدا من أصل أربعين مقعدا في المجلس، مزيحة بذلك كافة المترشحين المستقلين في دوائرها، هذا فضلا عن مترشحي كتلة الوحدة الوطنية ذات الاتجاهات الديمقراطية، وبالمقابل حصدت جمعيات الإسلام السياسي السني ممثلة في تحالف الإخوان المسلمين والسلف عددا مهما مما تبقى من مقاعد، وأدى ذلك إلى ضياع فرصة المترشحة الليبرالية الدكتورة منيرة فخرو التي كانت الأقوى حظوظا بالفوز بين المترشحات النساء، وبذلك خابت الآمال بإمكانية وصول امرأة أخرى إلى المجلس، باستثناء النائبة لطيفة القعود التي كانت قد فازت في وقت سابق بالتزكية عن دائرة حوار، التي تضم الجزر التي كانت حتى سنوات قليلة موضوعا لخلاف حدودي بين البحرين وقطر، قبل أن تحسم محكمة العدل الدولية تبعيتها للبحرين.

عدم تأهل منيرة فخرو لعضوية البرلمان الجديد، عن فوز منافسها القوي في الدائرة زعيم الإخوان المسلمين صلاح علي، وبذا تكون الوجوه الأساسية في قيادة الجمعيات الإسلامية قد أصبحوا جميعا فرسان المجلس: الشيخ علي سلمان رئيس جمعية الوفاق ومعه عدد من رموز الجمعية وبينهم نحو خمسة أو ستة معممين، غانم البوعينين زعيم كتلة الأصالة السلفية ومعه الشيخ عادل المعاودة ووجوه سلفية أخرى بارزة، وأخيرا زعيم المنبر الإسلامي الاخواني صلاح علي.

بقيت بعض الدوائر التي لم تحسم نتيجتها في الدور الأول لعدم تمكن أي من المترشحين من الحصول على خمسين في المائة من الذين أدلوا بأصواتهم، ويصارع المنبر الإسلامي بالذات على الظفر ببعض هذه الدوائر في مواجهة الليبراليين، ومن ضمنهم ثلاثة من مترشحي جمعية العمل الديمقراطي، التي أخفقت شأنها شأن المنبر الديمقراطي في إيصال أحد مترشحيها للمجلس، وان ظلت لها فرصة أخيرة في دور الإعادة الذي سيجري السبت القادم، وان لم يتحقق ذلك فإن هذا يعني أن المجلس سيكون بغالبية إسلامية كاسحة مطعمة بعناصر قريبة من الحكومة.

خرج من المجلس وجوه ديمقراطية عرفت بكفاءتها في المجلس المنتهية ولايته بينها النائب عبد النبي سلمان الذي كان يوصف بأنه فارس البرلمان السابق دون منازع، وخرج معه كذلك النائب الأول لرئيس المجلس السابق عبد الهادي مرهون والنائي الليبرالي يوسف زينل، وينظر كثير من المراقبين إلى ذلك بوصفه خسارة للحياة النيابية في البحرين، فهؤلاء النواب الثلاثة شكلوا في المجلس السابق ما عرفت بكتلة النواب الديمقراطيين التي كانت حربة المواجهة الرئيسية ضد الفساد الحكومي أثناء السنوات الأربع الماضية.

بهذه النتائج تتعزز المخاوف من أن يشهد البرلمان القادم سجالات ذات طابع طائفي أو مذهبي، خاصة بالنظر إلى التأثيرات السلبية للتطورات في المحيط الإقليمي والتي تشهد انفجارا في النزعات والميول الطائفية، وأن ينصرف المجلس بالنظر إلى هذه التركيبة المعقدة عن التصدي للقضايا الحقيقية للبناء الديمقراطي.