عائشة سلطان

يبذل عمرو موسى مساعيه الحميدة في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في لبنان، لكنه يعتقد، والعالمون ببواطن الشأن اللبناني يعتقدون أيضاً أن الشيطان يسكن في تفاصيل ما يجري في لبنان.

وربما نحتاج لمحضري أرواح أكثر من أمراء دبلوماسية لطرد الشياطين من التفاصيل اللبنانية الشديدة التعقيد، والكثيفة التشابك.. مع ذلك فإن الإمارات كعادتها وكعهدها دائماً، تشتغل على تفاصيل أخرى بشكل أكثر إنسانية وأقل ضجيجاً وبعيداً عن كل الحسابات التي نلمسها في صور السياسيين الذين يروحون ويغدون ما بين واشنطن ـ بيروت ـ دمشق ـ طهران ـ القاهرة!!

الإمارات تعمل هناك في قرى الجنوب اللبناني في قرى الشريط الحدودي، في أرنون والمنطقة المحيطة بقلعة الشقيف في قضاء النبطية، ضمن مشروع غاية في الأهمية والإنسانية، إنه مشروع نزع الألغام التي تركتها laquo;إسرائيلraquo; مزروعة في الأراضي والحقول الزراعية أثناء احتلالها للجنوب منذ العام 1982 وحتى خروجها منها عام 2000.

وقد بدأ المشروع منذ تحرير الجنوب ولايزال مستمراً، محققاً نجاحات كبيرة تمثلت في تطهير ما يقارب 7908 أمتار مربعة والعمل جار لإكمال بقية المساحة المزروعة بأنواع الألغام والقنابل العنقودية.

يبدو أن الشياطين لا تسكن تفاصيل الأزمة القائمة ما بين السراي والشارع، ما بين حكومة السنيورة والمعارضة، الشياطين تسكن أو استكنت تفاصيل الأرض والزرع والسياسة والاقتصاد وكل شيء.. هذه هي الفوضى الخلاقة التي تريدها الولايات المتحدة وتريد من خلالها ان تستولد الشرق الأوسط الجديد.. فهل يستطيع عمرو موسى ، والمبعوث السوداني ومحنكو السياسة اللبنانية، والمعارضة أن ينزعوا هذه الشياطين من تفاصيلهم، كما نجحت الإمارات في نزع الألغام من الجنوب!

كل الأهالي ـ وقد سمعتهم بنفسي ذات صيف ـ يدعون لحكومة الإمارات ولأهالي الإمارات بالخير والتوفيق على مبادرتهم، كانوا شديدي الامتنان لهذا العمل الخلاق والإنساني الذي سيحفظ حياة الكثيرين ممن قتلوا أو تشوهوا نتيجة السير في حقول الألغام.. لبنان كله حقول ألغام فمن ذا يستطيع إنقاذه من ذلك كله.