الثلاثاء 26 ديسمبر2006

عايد المناع


لاشك ان المحاكم الاسلامية الصومالية قد حققت نجاحات عسكرية لم يكن متوقعا لها ان تحققها، لكن نجاح هذه المحاكم وتحولها من قضاء جالس على قادة وجنود مقاتلين يصطدم حاليا بوجود حكومة معترف بها من قبل عدد كبير من دول العالم، ولهذا فان جيوش المحاكم الاسلامية لم تكتف باخراج وطرد laquo;لورداتraquo; الحرب الاهلية التي تفجرت منذ عام 1991 ـ من مواقع ومدن كبرى مثل مقديشو وكيسمايو انما بدأت قوات المحاكم تتجه الى laquo;بيدواraquo; التي هي مقر الرئاسة والحكومة والقوات العسكرية التابعة للسلطة الشرعية، وها هي المعارك الدامية تدور بين الطرفين الصوماليين بمساندة وتدخل قوى اقليمية اخرى مثل اثيوبيا التي تساند الحكومة الانتقالية وارتيريا التي تساند يا للعجب المحاكم الاسلامية!
المحاكم منذ استيلائها على مقديشو مطلع العام الحالي وهي تهيئ نفسها لتكرار تجربة laquo;طالبانraquo; في افغانستان التي بدأت بالاستيلاء على المناطق المحاذية لباكستان وأقربها واهمها قندهار، ثم بدأت تزحف باتجاه العاصمة كابول الى ان تمكنت من الاستيلاء عليها ثم اتجهت شمالا لتلاحق قوات احمد شاه مسعود وعبدالرشيد دوستم والقوات الموالية للرئيس السابق برهان الدين رباني، المحاكم الاسلامية تسير مع نفس النهج الطالباني فهي تقضم المناطق الخارجة عن سيطرتها بالتدريج وقد اتضح الان ان هدفها ليس تخليص الشعب الصومالي من صراعات laquo;لورداتraquo; الحرب الاهلية فهذا قد تحقق ويسجل للمحاكم الاسلامية الفضل الكبير في تحقيقه، لكن انتصارات المحاكم اغرتها كما حدث لسابقتها طالبان الافغانية على مد نظرها الى كراسي السلطة والحكم وهذا لن يتحقق لها على الرغم من من انطلاق حملتها من العاصمة ما لم تطح مؤسسات laquo;الحكم الشرعيraquo; التي توجد في laquo;بيدواraquo; ولهذا بدأت المحاكم توجه اتهامات الى اثيوبيا بالتدخل العسكري في الصومال بل احتلال اراضيه وهذا اتهام لا يخلو من المصداقية وتقر به الحكومة الصومالية، لكن هل تدخل اثيوبيا هو عدوان مسلح ام انه مساندة لحكومة صديقة، ام زحف قوات عدو مشترك للطرفين؟ واذا كان من حق المحاكم ان ترفض التدخل الاثيوبي فلماذا تسمح هي بتدخل قوى اخرى مثل ارتيريا ومقاتلين عرب ومسلمين الى جانبها ضد حكومة بلادها التي ـ الحكومة الصومالية ـ كانت سعيدة بكسر شوكة زعماء الميليشيات على يد المحاكم لو لم تتحول هذه المحاكم الى laquo;لوردraquo; حرب اكبر واخطر؟!
ان قدرة قوات الحكومة الصومالية المؤقتة على الصمود امام زحف قوات عقائدية وقيادة مصممة على بسط هيمنتها على كل الاراضي الصومالية يبدو انها ـ قدرة ـ محدودة وربما ليست فاعلة وبالتالي فإنه لا خيار للحكومة المؤقتة من الاستعانة بالقوات الاثيوبية لتقديم التدريب والإسناد القتالي الضروريين للحد من اندفاع قوات المحاكم، على امل ان تتدخل قوى عربية ودولية للحؤول دون تحول القرن الافريقي الى معسكر اخر للقوى المتطرفة والمتطيرة عقائديا.
واذا كنا نجزم بأن جيوش المحاكم اذا ما تمكنت من الاستيلاء على laquo;بيدواraquo; سوف تواصل زحفها للاستيلاء على ما تبقى خارج سيطرة الحكومة منذ سقوط حكم الرئيس الاسبق محمد سياد بري عام 1991، غير ان ما نخشاه هو ان يتحول القرن الافريقي الى احد اهم مواقع الارهاب الدولي مما سيؤدي الى تدخل امريكي وغربي مماثل لما حدث في افغانستان والعراق. وفي الحالين نجاح المحاكم والتدخل الدولي فان الامن العربي سيكون في خطر كبير