الخميس 28 ديسمبر2006
القاهرة
تباينت ردود خبراء وحقوقيين تجاه التعديلات على الدستور المصري التي طرحها الرئيس حسني مبارك، والمقرر أن يناقشها أعضاء مجلسي الشعب والشورى بعد أيام، وتتضمن 34 مادة دستورية في إجراء هو الأول من نوعه منذ ما يزيد على نصف قرن من عمر الحياة السياسية المصرية.
وانتقد أستاذ القانون الدستوري يحيى الجمل عدم الإشارة إلى المادة 77 التي تحدد مدد فترات الرئاسة، واعتبرها المدخل الرئيسي لعملية الإصلاح السياسي، وأعرب عن تخوفه من تجاهل التداول الحقيقي للسلطة، وقال ldquo;نريد حرية حقيقية تؤدي إلى تعددية سياسية حقيقيةrdquo;.
وقال الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشوبكي إن التعديلات قد يفهم منها أنها ضد التيار الديني لحرمانه من أية مشاركة حقيقية في الحكم والحيلولة بينه وبين تداول السلطة، خصوصاً ما يسمى قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذي يعد بديلاً لقانون الطوارئ المستمر في مصر منذ ربع قرن، فضلا عن البند الخاص بمنع تشكيل أحزاب دينية، وهو موجه إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي يراها الشوبكي، القوة الحقيقية في الشارع المصري، وأضاف إن رسالة مبارك، لا تحمل جديدا، إذ سبق طرحها على البرلمان لإبداء الرأي فيها منذ الإعلان عن تعديل المادة 76 من الدستور.
ورأى الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبوسعدة، أن هناك غموضا متعمدا شاب رسالة مبارك إلى مجلسي الشعب والشورى بخصوص تعديل المادة 34 من الدستور، ويعني أنه يمكن تفريغ تلك التعديلات من محتواها بواسطة أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) في المجلسين عند مناقشتها والتصويت على إقرارها، وخصوصاً المواد المتعلقة بالإشراف القضائي على الانتخابات وحرية تشكيل الأحزاب وغيرها من المواد.
ووصف رئيس لجنة الإدارة المحلية في مجلس الشعب اللواء ماهر الدربي، التعديلات المقترحة بأنها خطوة جريئة وشجاعة على الطريق الصحيح، وستسهم في نقل مصر نقلة كبيرة على طريق الديمقراطية.
ووصفها النائب من الاخوان المسلمين سعد الحسيني بأنها انقلاب دستوري، وأنها على الرغم من اشتمالها على ايجابيات، ومنها تقليص صلاحيات الرئيس لصالح مجلس الوزراء، وتقليص صلاحيات مجلس الوزراء لصالح مجلس الشعب فيما يخص الموازنة العامة، إلا أنها لا تلبي مطالب القوى السياسية في إحداث تغييرات وإصلاحات سياسية تؤدي إلى منافسة جادة ومتكافئة بين جميع القوى، وهو ما وافقه عليه النائب من حزب الأحرار رجب هلال حميدة، الذي لفت إلى أن عدم الاقتراب من المادة 77 يقنن ldquo;توريث السلطةrdquo;، وأضاف إذا أردنا إصلاحا سياسيا حقيقيا فلا بد أن تكون التعديلات حقيقية، وكان لزاما أن يتم تعديل المادة ،77 واعتبر حميدة أن التعديلات الدستورية التي طلبها الرئيس خطوة على الطريق ولكنها غير كافية لأن ldquo;الشيطان يكمن في التفاصيلrdquo;، والكرة الآن في ملعب البرلمان.
واعتبر النائب من حزب الوفد المعارض محمد عبد العليم التعديلات المقترحة ldquo;ردة على الديمقراطية وردة على العدالة والقضاء وعودة للخلف، وتدعو الأحزاب إلى تكوين ميليشيات من البلطجة في الفترة المقبلة لمواجهة هذه التعديلاتrdquo;.
وقال المستشار القانوني للبابا شنودة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية نجيب ميخائيل، إن مقترحات مبارك أصابت الشارع القبطي بالإحباط، لأنها لم تقترب من المطالب التاريخية لمسيحيي مصر، وأضاف ldquo;في الوقت الذي تحدث فيه مبارك عن ضرورة إتاحة الفرصة أمام مشاركة أوسع للمرأة فإنه غض الطرف عن حقوق الأقباط في أن يكون لهم نسبة عادلة في المشاركة البرلمانية والحكومية وان يتولوا المناصب القيادية أسوة بالمسلمينrdquo;.
وانتقد ميخائيل بقاء المادة 42 من الدستور الخاصة بأن الشريعة هي مصدر التشريع من دون أن يضيف عبارة تتضمن حقوق أهل الديانات الأخرى، إعلاء لمبدأ المواطنة.
وأشاد رئيس المركز العربي لاستقلال القضاة والمحاماة ناصر أمين بمبادرة الرئيس حسني مبارك الى اقتراح تعديل هذه المجموعة الكبيرة من مواد الدستور، نزولا عند رغبة المصريين، غير أنه عبر عن أسفه لأن المقترحات لم تقترب من إلغاء المواد السالبة للحريات والمقيدة للعمل السياسي وحقوق المواطنين، وعبر ناصر عن قلقه من الحديث عن الاقتراب من المادة 88 الخاصة بالإشراف القضائي على الانتخابات والكلام عن مشروع بديل يتضمن إقامة لجنة خاصة ستكون منتقاة بالشكل الذي قد يؤثر في الحيادية التي ينشدها الجميع، وطالب بضرورة أن تشمل المقترحات السماح لجميع المصريين بالترشيح لرئاسة الجمهورية كما هو في مختلف دساتير النظم الديمقراطية.
وعبر الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ضياء رشوان، عن شعوره بعدم الرضى عما ورد من اقتراحات رئاسية، وقال إن النظرة العامة على ما أطلقه مبارك من بنود لمبادرته بشأن تغيير مواد عديدة في الدستور تكشف اضطرابا وتناقضا كبيرا، فهو في الوقت الذي تحدث فيه عن المواطنة وإعلاء قيمها لم يقدم اقتراحات تفيد بحق المستقلين في خوض المنافسة على منصب الرئيس، ما يضمن للحزب الوطني البقاء في موقعه للأبد.
واعتبر رشوان حرص مبارك على عدم السماح بإنشاء حزب على أساس ديني بأنه يهدف لإقصاء جماعة الأخوان المسلمين عن الساحة السياسية، أو المشاركة في أي انتخابات من أجل بقائها بعيدة ومعزولة عن المنافسة، ووصف التعديل المرتقب بشأن المادة 88 التي تنص على إجراء انتخابات الرئاسة في يوم واحد بأنه تناقض مع الاقتراح الخاص بإسناد الانتخابات والإشراف عليها للجنة خاصة.
التعليقات