فيليب باورينغ

من الطبيعي أن تسعى الدول الآسيوية لأن يكون الأمين العام الجديد لمنظمة الأمم المتحدة آسيوياً. وكان الدبلوماسي البورمي quot;يو تانتquot; آخر دبلوماسي آسيوي يشغل هذا المنصب الرفيع خلال الفترة من 1961 : 1971. ولكن ثمة خطر حقيقي يهدد بأن يتحول هذا الاختيار الى صراع بين الدول الآسيوية التي تسعى للحفاظ على مصالحها القومية، وهو الأمر الذي قد يؤدي في النهاية الى تعيين شخص غير مؤهل أو مرشح من قارة أوروبا القوية. وقد لا يحدث هذا إذا ما توصلت الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والتي تمتلك حق النقض إلى اتفاق مبكر حول هذا الاختيار.
وقد عبر 4 مرشحين حتى الآن عن رغبتهم في خوض سباق الترشح لشغل هذا المنصب الرفيع. ويمتلك هؤلاء المرشحون بعض نقاط القوة والضعف. وأول المرشحين هو نائب رئيس الوزراء التايلندي سوراكيارت ساتيراتي. ويدعم هذا الترشح بقوة رئيس الوزراء التايلندي تاكسين شيناواترا الذي يسعى لرفع مكانة دولته بكل الطرق الدبلوماسية. وعلى الجانب النظري، يبدو ترشح سوراكيارت أمراً جيداً. وتايلند هي دولة متوسطة الحجم تمتلك علاقات جيدة مع كل من الولايات المتحدة والصين. وقد تلقى سوراكيارت وعوداً من الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا المعروفة باسم quot;الآسيانquot; لدعم ملف ترشحه. ويشعر تاكسين نفسه ببعض الضيق والقلق في الوقت الحالي؛ ذلك أن الدول الاسلامية تستنكر موقفه الفظ في التعامل مع الأقلية المسلمة في جنوب تايلند. وتمتلك تايلند حالياً شخصية دولية عالية المستوى هى سوباتشي بانيشباكدي الرئيس السابق لمنظمة التجارة الدولية، والذي يرأس حالياً مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
ويبلغ عمر سوراكيارت في الوقت الحالي 48 عاما فقط، ولا يمتلك أي خبرة في مؤسسات الأمم المتحدة وهو غير مشهور في نيويورك. وقد تضرر ملف ترشح سوراكيارت عندما نشرت صحيفة تايلندية مذكرة حصلت عليها من السفارة التايلندية في واشنطن تؤكد على أن الولايات المتحدة لا تدعم ملف ترشحه.
ويبدو وزير الخارجية الكوري الجنوبي بان كي مون مرشحا قويا . ويمتلك بان خبرة كبيرة في مجال المفاوضات، حيث لعب دوراً كبيراً في المحادثات بشأن الأزمة النووية الكورية. ويمتلك بان مهارات إدارية قوية وشغل بكفاءة منصب سفير بلاده لدى منظمة الأمم المتحدة. وقد توافق الصين على اختيار بان على الرغم من علاقاتها القوية مع كوريا الشمالية. ولكن علاقات بان مع الولايات المتحدة ليست جيدة بسبب الدور الذي لعبه في احتواء بيونغ يانغ. وهناك عدة دول لا ترغب في إسناد هذه المهمة للكوريين. ويرأس دبلوماسي كوري منظمة الصحة العالمية. ويحتل الدبلوماسيون الكوريون مناصب رفيعة في منظمة الأمم المتحدة.
وتفضل الدول التي تدعم طرق الترشيح التقليدية المرشح السريلانكي جايانتا دهانابالا الذي يمتلك سجلاً طويلاً من الخدمة في منظمة الأمم المتحدة حيث شغل منصب نائب الأمين العام لعمليات نزع السلاح. ويحظى دهانابالا بشعبية جيدة في واشنطن بسبب عمله كسفير لسريلانكا في الولايات المتحدة. وقد تكون وضعية دهانابالا الضعيفة خارج منظمة الأمم ميزة إضافية له، ولكن توقيت ترشحه قد يبدو غير مناسب لشعور عدد كبير من دول شرق آسيا بضعف تمثيلها في الهيئات والأجهزة الدولية.
والمرشح الآسيوي الرابع من تيمور الشمالية هو جوزيه راموس هورتا. وكان هورتا قد حصل علي جائزة نوبل للسلام بسبب سجله البارز في مرحلة ما بعد استقلال تيمور الشمالية عن أندونيسيا. وتنظر معظم الدول الآسيوية الي هورتا علي أنه شحص غير آسيوي. لذا ، من المتوقع أن يلقى الرجل دعماً محدودا من هذه الدول بسبب الدور الذي لعبه في صراع تيمور الشمالية للحصول علي استقلالها وهو أمر تقدره الدول الغربية وتنكره الدول الآسيوية.
وتمتلك أوروبا الشرقية مرشحّين محتملين يتفوقان علي المرشحين الآسيويين في الخبرة والمكانة وهما : الرئيس البولندي السابق الكسندر كوازنيفكسى ورئيس لاتفيا الحالي فايرا فيك فريبرجا. ولكن اختيار أي من هذين الرجلين لشغل منصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة سيكون بمثابة انحراف عن التقليد السائد الذي يقضي بتعيين الدبلوماسيين فقط. وسيحتاج هذان الرجلان للتغلب علي مشاعر الشك لدى روسيا والصين، حيث يتعين الحصول علي موافقة هاتين الدولتين الي جانب الولايات المتحدة لتجاوز عملية المناوبة بين قارات العالم في شغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة.
وتحتاج آسيا الي أن تشعر بأنها تمتلك دوراً أكبر في المنظمة الدولية التي تأسست عام 1945. وثمة عدد من المسائل التي يجب أن ننظر إليها بعين الاعتبار عندما نتعامل مع أمر يتعلق بمستقبل منظمة الأمم المتحدة مثل القدرة علي القيادة، والقدرة علي جعل الولايات المتحدة ظاهرة ومسيطرة علي مسرح الأحداث.
وأيا كانت هوية الشخص الذي سيفوز بهذا المنصب، فلن تكون مهمته سهلة في السير علي نهج وخطى كوفي أنان. وعلي الرغم من فضيحة النفط مقابل الغذاء وبطء سير عمليات إصلاح وإعادة هيكلة مؤسسات الأمم المتحدة، فقد لعب أنان دوراً كبيراً في دعم المكانة الدولية للمنظمة بشكل أكبر من كل الأشخاص الذين شغلوا منصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بعد السويدي داغ همرشولد.