الإثنين: 2006.03.027


لا يحسد الرئيس اللبناني إميل لحود على الحالة السيئة التي سيذهب بها الى القمة العربية التي ستنعقد على مستوى الرؤساء والقادة يوم غد الثلاثاء فهو منذ ترحيل القوات السورية عن لبنان يعيش كسجين في قصر بعبدا المطل على بيروت من الشرق وهو عندما يصل الى الخرطوم سيجد أمامه رسالة من أكثرية نواب برلمان بلاده يطعنون فيها بشرعيته ويطالبون بعدم القبول به في هذه القمة.

يا سبحان الله .. سبحان مغير الأحوال فعندما إنعقدت هذه القمة نفسها في بيروت قبل بضعة أعوام كان إميل لحود هو نجمها الساطع واللامع رغم أن تلك القمة كانت تضم نجوما كثيرة من بينها نائب الرئيس العراقي في ذلك الحين عزت الدوري ، الذي لا يعرف في أي جحر يختبىء الآن ، ومن بينها الشهيد رفيق الحريري الذي كان في حقيقة الأمر هو laquo;دينموraquo; تلك القمة التي أهم إنجازاتها هو تبنيها لمبادرة السلام السعودية التي أصبحت مبادرة عربية.

كان إميل لحود في قمة بيروت تلك يختال ثقة ومعنويات عالية فعمقه الإستراتيجي يصل الى laquo;معبر إبراهيمraquo; عند ملتقى نقاط الحدود السورية العراقية التركية وكان أينما نظر من نوافذ القاعة التي إنعقدت فيها هذه القمة كان يرى فرسان أبناء العمومة تحمحم خيولهم المستعدة للإغارة بمجرد إشارة منه.

كل النواب اللبنانيين كانوا يطأطئون هاماتهم عندما كانوا يمرون من أمامه وكل الوزراء وقادة الطوائف والأحزاب والميليشيات المسلحة وغير المسلحة كانوا يفتعلون الإنشراح ويرسمون إبتسامات مصطنعة على ثغورهم ردا على إبتسامته العريضة التي كانت تبدو يانعة وتنبض بالحياة والجاذبية وغدت باهتة بعد أن حصل ما حصل ورحل أبناء العمومة وتركوه يكابد المستجدات وحده.

لا أكثر مرارة بالنسبة لرجل وضعه كوضع أميل لحود من أن يذهب الى ندوة كقمة الخرطوم العربية فيستقبله زملاؤه هناك بنظرات الشفقة ويتعاطون معه على أنه في نهايات شوط حكمه وأنه قد يترجل من فوق صهوة جواده حتى قبل أن يجف الحبر الذي كتبت به قرارات هذه القمة.

إن حالة إميل لحود ، إبن العائلة العروبية الكريمة والضابط اللامع الذي ساهم في إعادة تجبير خزف بلاده المتشظي وإنقاذها من حرب أهلية مدمرة أكلت الأخضر ، ليست الحالة الفريدة في عالم العالم الثالث حيث كان يذهب جنرالات وصلوا الى الحكم في بلدانهم على ظهور الدبابات الى قمم كهذه القمة بلا عودة ويتحولون بين عشية وضحاها الى مطاردين يبحثون عن أمكنة يأوون إليها ليقضوا بقية أعمارهم.

بالتأكيد لن يسمع إميل لحود نبأ وقوع إنقلاب عسكري ضده وهو في الخرطوم فلبنان لم يعرف على مدى تاريخه القديم والجديد إلا إنقلابا واحدا بائسا لم يعش إلا لبضع ساعات كان قام به الجنرال عبدالعزيز الأحدب في بدايات الحرب الأهلية .. لكن وبالتأكيد أيضا فإن دروب الرئيس اللبناني الى قصر بعبدا لن تبقى سالكة وآمنة حتى نهاية نصف الولاية الثالثة التي إنتزعت له بحراب الامن المستعار فلعبة الأمم التي تحاصر الآن laquo;مينسكraquo; عاصمة روسيا البيضاء والتي بدأت تضغط على عنق laquo;الثورة البرتقاليةraquo; في أوكرانيا ستبقى تقف له بالمرصاد وقد تطيحه في أي لحظة..