الجمعة: 2006.04.14
سعد محيو
ldquo;مبدأ العمليات العسكرية المشتركةrdquo; الذي أقره البنتاغون العام ،2005 استند برمته تقريباً إلى وثيقة ldquo;إعادة النظر بالوضعية النوويةrdquo; للعام 2002 التي أشرنا إليها بالأمس، لكن مع إضافة أكثر خطورة بكثير تتعلق بمسألة الحروب الاستباقية.
فقد دمج المبدأ هذه الحروب بالعقيدة النووية الأمريكية، كما دمج الأسلحة التقليدية ودفاعات الصواريخ بالتخطيط الاستراتيجي. حينها ادعت إدارة بوش أن هذا التطوير سيزيد من قدرات الردع ويقلّص، بالتالي، من الحاجة لاستخدام الأسلحة النووية. بيد أن معظم الخبراء الأمريكيين توصلوا إلى استنتاج معاكس تماماً: بدلاً من انحسار دور القنبلة، يعيد المبدأ التأكيد على المنحى الهجومي الجديد للوضعية النووية، بحيث تصبح الأسلحة التقليدية مكملة للأسلحة النووية لا بديلاً عنها. الفصل الأهم في التقرير الخاص بالمبدأ كان ذلك المتعلق بrdquo;مسرح العمليات النوويةrdquo;. إذ هو كان جديداً كلياً ويتعلق برمته بمرحلة ما بعد الحرب الباردة، حيث التهديد للمصالح الأمريكية في العالم يأتي أساساً من دول إقليمية (أي ldquo;دول متشردةrdquo;) لديها أسلحة نووية أو كيماوية أو جرثومية، لا من قوى كبرى. كما أنه (الفصل) يعكس التنافس المستمر منذ أكثر من عقد بين القادة العسكريين الأمريكيين في مسارح العمليات وبين القيادة الاستراتيجية الأمريكية (ستراتكوم) حول من ldquo;يملكrdquo; حق التخطيط للضربات النووية الإقليمية.
لمصلحة من حسم هذا التنافس؟ بالتأكيد لمصلحة القادة الميدانيين، مما يعزز إلى حد كبير منحى تحويل الأسلحة النووية إلى مجرد أداة أخرى ldquo;عاديةrdquo; من أدوات الحرب. والحصيلة؟ إنها ولادة ما تسميه ldquo;رابطة نزع السلاحrdquo; الأمريكية ldquo;الحرب الاستباقية النوويةrdquo;، التي أصبحت مدمجة بالمبدأ النووي الأمريكي للمرة الأولى في التاريخ. الهدف هنا لم يعد الردع عبر التهديد بالرد النووي، بل استخدام الأسلحة النووية لتدمير أهداف محددة في الجبهة.
كتب هانس كريستنسن، أحد أهم الخبراء العسكريين الأمريكيين: ldquo;المبدأ النووي الجديد يستند في الواقع إلى فرضية خفية تقول إن الردع النووي سيفشل عاجلاً أم آجلاً. وقبل أن يحدث ذلك، يجب أن تكون القوات النووية الأمريكية وخطط الحرب جاهزة وقادرة على توجيه الضربات، بما في ذلك الضربات الاستباقيةrdquo;.
استنتاج دقيق؟ أجل. وإلى حد بعيد. ففي كل تقرير ،2005 ثمة أدلة واضحة على أن المبدأ النووي الجديد يؤكد دوماً الحاجة إلى قوات نووية ldquo;متأقلمةrdquo; تستطيع ldquo;الرد بسرعةrdquo; على أية تهديدات من أي مكان في العالم. لا بل يحدد التقرير نوعية جديدة من التخطيط النووي أطلق عليه اسم ldquo;تخطيط العمل خلال الأزماتrdquo;، يضع القنبلة في قلب البدائل العسكرية المطروحة لمواجهة الاضطرابات. وهذا ما يجعل مواجهة دولة صغيرة مثل إيران، مثلاً، على المستوى ذاته من خطورة مواجهة قوة عظمى سابقة كالاتحاد السوفييتي كانت قادرة على تدمير الولايات المتحدة (والعالم) خلال أقل من 30 دقيقة. لقد تم هنا تجاهل كل الفروقات بين أنواع التهديدات، عبر إحلال تعبير ldquo;الحربrdquo; مكان تعبير ldquo;النزاعrdquo;. وهذا عنى إمكانية استخدام الأسلحة النووية خلال أزمات ذات وتائر منخفضة لا ترقى بأي حال إلى مستوى الدمار الشامل الذي كانت تفرضه المجابهة الأمريكية- السوفييتية.
بكلمات أوضح: مفهوم الحرب الاستباقية نبتت له أسنان نووية.
***
هل ترد كل هذه الوثائق والمبادئ العسكرية الأمريكية على سؤالنا الأولي حول إمكانية استخدام الولايات المتحدة أسلحتها النووية ldquo;الصغيرةrdquo; في المجابهة مع إيران؟ أعتقد ذلك.
وهو رد بالإيجاب.
التعليقات