الأحد: 2006.05.21

نشرت مجلة quot;نيوزويكquot; (16 ايار 2006) تقريراً عن الموقف الاميركي ازاء ايران وملفها النووي، وعن احتمالات الحوار او الضربات العسكرية.
من التقرير نقتطف:


لا يتحدث الأميركيون والايرانيون مع بعضهم البعض: على المستوى الرسمي، على اي حال، فباستثناء صفقة الاسلحة مقابل الرهائن الخفية في عهد ريغان، ومنذ ان حرض آية الله الخميني الراديكاليين الاسلاميين الشباب في طهران ـ ومنهم محمود احمدي نجاد الرئيس الحالي ـ على مواجهة الشيطان الأكبر عام 1979، فان الطرفين لم يلتقيا قط، لذا، فان السؤال يطرح نفسه: ماذا كان يفعل محمد نهاونديان، المستشار المقرب لكبير المفاوضين النوويين، في واشنطن الشهر الماضي؟ تقول السلطات الاميركية انه لا علاقة لها بالزيارة، بل انها ادعت انها مصدومة نوعاً ما لعلمها ان نهاونديان يحمل بطاقة الاقامة الدائمة التي تؤهله لدخول ومغادرة الولايات المتحدة بكامل حريته. كما ان نهاونديان نفسه، الذي درس الاقتصاد في جامعة جورج واشنطن قبل الانضمام للحكومة في طهران، قال انه موجود هنا لأشغال خاصة. بما فيها اطلاع ابنه على بعض الامكنة السياحية في اميركا، وذلك حسب ايرانيين مقيمين في الولايات المتحدة التقوا به.
لكن هذه ليست القصة الكاملة. فخلال زيارته التي تستمر اسابيع عدة، قدم نهاونديان ايجازا للسفير الايراني في الامم المتحدة في نيويورك، جواد ظريف، وعقد اجتماعا ايضا مع مسؤولين في مجموعة الازمات الدولية، وهي منظمة يديرها ناشطون وتتخذ من واشنطن مقرا لها، وكانت هذه المنظمة اقترحت وسيلة لحل الاشكال النووي الاميركي الايراني. كانت خطة التسوية المقترحة كما يلي: الاعتراف بحق ايران في تخصيب كميات صغيرة من اليورانيوم مقابل ان تجمد ايران برنامجها لمدة ثلاث سنوات. ووضع المرافق النووية الايرانية تحت الرقابة الدولية الصارمة. وفي لقاء غداء، عرض نهاونديان حجة عاطفية على مدير الشرق الأوسط في المجموعة روبرت مالي، المسؤول السابق في ادارة كلنتون، مفادها ان المرشد الاعلى الحالي آية الله علي خامنئي حريص على التعاون مع واشنطن بشأن العراق، اكثر من اي قضية أخرى. والوضع المثالي هنا ان يؤدي ذلك الى quot;صفقة عظمىquot; تعالج كل القضايا الثنائية، بما في ذلك المسائل النووية والتجارية والامنية. وقال احد المشاركين في الاجتماع ـ طلب عدم ذكر اسمه لانه لا يريد ان يوذي علاقته بطهران ـ انه كان واضحا ان نهاونديان quot;يستشعر الوضعquot;.
وهذا ما يفعله ايضا الرئيس الايراني احمدي نجاد، فيما يبدو انه صراع داخل نخبة السلطة في طهران للمزايدة على بعضهم البعض دبلوماسيا. لقد بعث الزعيم الايراني ـ الذي تتراوح مواقفه بين الخطاب الايحائي في الوطن وجولات حسن النوايا في الخارج ـ برسالة مشوشة مكونة من 18 صفحة الى الرئيس جورج دبليو بوش الاسبوع الماضي. ورغم ان الرسالة نحت باتجاه القاء المواعظ حيال القوة الاميركية. فانها كانت اول رسالة من زعيم لزعيم بين طهران وواشنطن منذ ثورة 1979. يقول سعيد شارياتي، الناطق باسم حزب جبهة المشاركة الاصلاحية: نستطيع ان نري ان المسؤولين الايرانيين مصممون على التحدث مع الولايات المتحدة مباشرة. وعلينا الان ان ننتظر الاشارات من الطرف الآخرquot;.
لغاية الآن، لم يتغير موقف بوش المتشدد: لا مباحثات مباشرة. حسم الامر. فواشنطن ما زالت توكل الدبلوماسية مع ايران الى بريطانيا وفرنسا والمانيا. ولكن مع استمرار المأزق الدبلوماسي، ومع تعبير مسؤولي البنتاغون عن شكوكهم حيال الخيارات العسكرية المستقبلية، فان موقف الادارة الحازم قد يتزحزح. فقد اشار كبير المفاوضين الاميركيين، مساعد وزير الخارجية نيكولاس بيرنز، لزملاء له بأنه ينتظر اساسا اللحظة المناسبة عندما يكون النفوذ الاميركي وفرص نجاحه في حالتهما القصوى.
صحيح ان اعداد وتحديث قوائم الاهداف العسكرية في الحرب ضد ايران مستمران، لكن حسب مسؤولين طلبا عدم ذكر اسميهما لانهما غير مخولين بالحديث مع الصحافة، فان كبار ضباط البنتاغون قالوا لبوش ان الجيش متشائم حيال فعالية الضربات الجوية ضد المواقع الايرانية.
وحتى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد يبدو متخوفا. ففي الاسبوع الماضي، سئل ان كانت المعلومات الاستخباراتية الخاطئة حول العراق تجعله يشك في معلوماته حول البرنامج النووي الايراني، فأجاب: quot;بالتأكيدquot;. كذلك استدعى رامسفيلد السيناتور جورج وارنر رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ وطلب منه تجنب جلسات الاستماع التي ترفع من شأن الخيارات العسكرية.
ويقول ضباط في الجيش انهم يخشون ان يكون البرنامج النووي الايراني قد ازداد انتشاراً بالفعل لدرجة ان اي ضربات عسكرية قد لا تؤدي الا الى تعطيله جزئياً. وكذلك يمكن لايران ان ترد في عدد من الامكنة. منها العراق وافغانستان والخليج وجنوب لبنان (ضد اسرائيل) ومن خلال عمليات ارهابية في الغرب.
ويقول منتقدون مثل فلينت ليفيريت، وهو مسؤول سابق في ادارة بوش، ان اطالة امد حالة الجمود الدبلوماسي تعني ان طهران ستقترب في النهاية اكثر من صنع القنبلة النووية. ويقول ان بوش رفض مبادرة قدمتها طهران عام 2003، عبر سويسرا، لبدء محادثات مباشرة، ويضيف ليفيريت: quot;لو تابعنا هذا قبل ثلاث سنوات واستطعنا تحقيق صفقة، فانه ما كان للايرانيين الان ان يمتلكوا 164 جهاز طرد مركزي. والان لو عقدنا صفقة معهم فانه من الارجح انه سيتعين علينا القبول باجهزة الطرد المركزي وبعض نشاطات التخصيب المحدودة. ولو انتظرنا ثلاث سنوات من الان. فمن يدري الى اين ستصل الحال؟quot;. ربما كان الحديث مع الايرانيين هو الجواب.

عن المستقبل