السبت: 2006.06.17
سوسن الشاعر
المدارس العامة من بعد المساجد أصبحت هي الأخرى بؤراً لصراع خفي للتيارات السياسية الدينية من أجل الاستحواذ عليها وتثبيت أقدامهم فيها وفرض أجندتهم عليها، بواسطة المديرين وشلة من المعاونين.
يؤسفنا القول إن تلك التيارات الدينية اصبحت تعمل وفق اجندة اسرع وأذكى من تحرك الدولة، ويؤسفنا لا لأننا نحارب الإسلام والعياذ بالله، ولا لأننا نحارب الأجندة الاصلاحية لتلك التيارات واضاءاتها في بعض المواقع، فنحن معها في العديد من القضايا التي تشكل قاسماً وطنياً مشتركاً، إنما نأسف لأننا أردنا الإسلام عونا للوحدة الوطنية ومظلة للتسامح وهو بإذن الله كذلك، لكن كل من تلك التيارات احتكر الاسلام باسمه وعمل على إقصاء الآخرين بالرغم من كل ابتسامات الصور ومجاملات التصريحات وزينة اللقاءات، فتحولت مؤسسات الدولة لا مدارسها فحسب الى ميادين معارك يعمل كل منها للاستحواذ عليها وإقصاء الآخرين منها وفرض رؤيته عليها، باسم الاسلام وباسم الوطنية وبآلية (حوش لا تحوش) وتلك شرر للخراب رأينا آثار حرائقها في لبنان والعراق حين أعتقد كل طرف ان من واجبه الديني فرض معتقده على الآخرين ترغيباً وترهيباً، وما لم نسارع للسيطرة عليها فإننا امام وضع في غاية الخطورة.
لقد تركت الدولة متعمدة ام جاهلة المجال مفتوحاً لهذه التيارات ان تؤسس الارضية لتلك المعارك، وتؤهل الكوادر وتستقطب المسؤولين وتتغلغل الى عمق مواقع القرار في معظم مؤسساتها، فمعظم الوزراء الاخيرين تسلموا تركة مثقلة ببؤر التمركز والاستحواذ الطائفي كل في وزارته ليشكل تفكيكها تحدياً كبيراً له اضافة لتحدي جودة الخدمات المطلوبة ونوعيتها، ومعظمهم يتعامل بحذر شديد مع تلك الظاهرة انما -وهذه هي المشكلة- يعمل لوحده من دون منهج حكومي شامل يعالج المشكلة من جذورها.
ومحاولات تلك التيارات للاستحواذ على مدارس وزارة التربية والتعليم من اخطرها واعمها أثراً، فتلك وزارة تتعامل مع بحرين المستقبل تشكله وتؤهله وتهيئه وكيفما يكون التشكيل تكون البحرين.
لذا فنحن نناشد الحكومة ان تقدم الدعم الكامل لوزارة التربية، حتى تفرض من خلال مناهجها وانشطتها الطلابية وإجراءاتها كل قاسم مشترك من معتقدات ومفاهيم دينية بقوة القانون وتقف وبحزم امام محاولات بعض المديرين والمديرات والمعلمين لفرض مسائل خلافية غير متفق عليها على الطلبة والطالبات حتى وان جاؤوا بمليون توقيع فلا شيء اسهل من جمع التواقيع في هذا البلد، فلا نضعف ولا نتهاون في الوقوف أمام هذه الاخطار، ولا ننسى ان الدولة ما ضيقت على هؤلاء بل منحتهم تراخيص لمدارس خاصة بمناهجها وأنشطتها وقوانينها تتفق مع معتقداتها ومفاهيمها ''الخلافية'' الدينية تمكنهم من ممارستها.
إنما ما لم ترسل الدولة رسالتها القوية الواضحة بأنها لن تسمح ان تكون مؤسساتها العامة مطية تتسلق عليها الاحزاب والتيارات، فإن تلك المحاولات التي حققت انتصارات كثيرة في العديد من المدارس ستكون عاملاً مشجعاً للبقية ان تحذو حذوها وبدعم من تلك التيارات التي أغراها صبر وشجعتها مرونة (لا نريد أن نقول ضعف) الدولة!!
- آخر تحديث :
التعليقات