الجمعة: 2006.07.07
مشروعات laquo;البينزنسraquo; تزحف إلى قلعتي صلاح الدين ومحمد علي بقلب القاهرة
رئيس قطاع الآثار الإسلامية يطالب بوقف الأعمال المخالفة للقانون فوراً
القاهرة : كريم إمام مصطفى - الراية
ما يقرب من الف عام قضتها قلعة صلاح الدين في قلب القاهرة القديمة واحد معالمها الاساسية التي يقصدها القاصي والداني وكل من تطأ اقدامه ارض المحروسة.
تقف قلعة صلاح الدين الان بعد هذا العمر المديد حائرة بين فعل الزمن وبين تطلعات الاخرين واطماعهم التي تسطو بنظام الخطوة خطوة نحو مرحلة الاقتراب النهائي حتى تتحول المنطقة التاريخية العريقة الى بؤرةعصرية تتعانق فيها الابراج الفارهة والطرق الحديثة في مشهد متناغم في احد عناصره متنافر في باقي معطياته حيث تشهد ساحة القلعة معركة بين الاثريين الذين اعلنوا التصعيد الى اقصى درجاته امام سطوة راس المال ورغبة الشركات العملاقة الى تحويل المنطقة الى مول تجاري كبير تصبح معه القلعة مجرد خلفية قد تتلاشى تدريجيا مع الزحف المنظم نحو حرمها.. ففي المنطقة الواقعة بين قلعتي محمد علي وصلاح الدين الايوبي وقلعة محمد علي يقام عدد من الابراج الضخمة لبناء مركز القاهرة المالي الذي يتكون من مول تجاري وبرج إداري وآخر سكني وبورصة وسط أكبر منظومة دفاعية في العالم الاسلامي وقد تم البدء في تنفيذ المشروع منذ شهر فبراير الماضي حيث يصل الان الى ارتفاع 4 طوابق من 40 طابقا مقرراً له ان يكون المشروع تقدم به رجل الاعمال محمد نصير الى مجلس الوزراء في سبتمبر عام 1998 وتمت إحالته من قبل وزير الثقافة فاروق حسني الى المجلس الاعلى للآثار الذي عرضه بدوره على اللجنة الدائمة للآثار الاسلامية التي أرسلته الى قطاع المشروعات لمزيد من الدراسة، مما يعني الرفض بطريقة مهذبة فتوقف المشروع حتى تم عرضه مرة أخرى على اللجنة الدائمة للآثار الاسلامية في عام 2001 فاتخذت بشأنه نفس القرار ولم يحصل أصحاب المشروع على الموافقة لأنه لم يغير شيئاً ولم ينفذ الاشتراطات والملاحظات التي سجلها المجلس الاعلى للآثار على المشروع ومع نهاية عام 2002 تم الحصول على موافقة من محافظة القاهرة دون الرجوع الى المجلس الاعلى للآثار وفي عام 2005 تم تجديد الرخصة مرة أخرى دون الرجوع للمجلس وبالفعل بدأت الشركة المنفذة بأعمال التكسير في جبل المقطم تحت قلعة محمد علي باشا وفي مواجهة قلعة صلاح الدين الايوبي وبدأت البلدوزرات بتمهيد وتجهيز الارض لاستقبال المبنى الجديد ولم تفلح حتى الان محاولات المجلس الاعلى للآثار الذي يستند الى القانون في إيقاف المشروع الوضع الحالي ينذر بكارثة أثرية وشيكة حيث تعمل الحفارات والبلدوزرات دون مراعاة لحرمة المنطقة الاثرية واحترام القانون بدعوى ان صاحب المشروع حصل على الرخصة.
وفي الجهة الاخرى تتزايد المستندات الخاصة بقطاع الآثار الاسلامية واللجنة الدائمة للآثار حول هذا المشروع وخطورته وكان آخرها محضر اجتماع اللجنة يوم5/6 لمناقشة تفاصيل المشروع بناء على قرار الامين العام للمجلس الاعلى للآثار رقم 1482 بتاريخ 21/5/2006 لوضع الاشتراطات والضوابط والارتفاعات المحددة للبناء.. وبعد معاينة اللجنة للمشروع على الطبيعة سجلت عدد من الملاحظات التي من شأنها وقف المشروع فوراً عن العمل وفي نفس السياق أصدرد. زاهي حواس أمين عام المجلس الاعلى للآثار قراراً بتشكيل لجنة من خبراء ميكانيكا التربة برئاسة أ.د. مصطفى الغمراوي لمعاينة مشروع مركز القاهرة المالي وبحث مدى ما يمكن ان تسببه أعمال الحفر والبناء في المشروع من أضرار سواء بهضبة المقطم أو بالقلعة ثم ترفع تقريرها للأمين العام لاتخاذ قراراه النهائي بشأن المشروع.
وأكد حواس أن المشروع الذي أحدث الكثير من الخلافات يقع خارج حدود القاهرة التاريخية وخارج حرم وحدود القلعة مشيراً الى ان المجلس الاعلى للآثار لن يمانع في الموافقة للمشروع بشرط ان تفي الشركة بالاشتراطات الفنية التي وضعتها اللجنة الدائمة للآثار الاسلامية والقبطية باعتبارها الجهة المنوط بها وضع جميع الاشتراطات وقال حواس ان الشركة مطالبة بتقديم التقارير الفنية التي تؤكد سلامة الآثار بالموقع منها ان الاعمال المستمرة في الموقع من تكسير وحفر وتهذيب للهضبة المقام عليها قلعة محمد علي والطريق الصاعد اليها من شأنه الاضرار بالقلعة والآثار المحيطة بها مثل الجانب الشرقي لقلعة صلاح الدين الايوبي وقبة يعقوب شاه المهمندار إضافة الى رصد تقرير اللجنة عدة نقاط من أهمها عدم تجاوز ارتفاع المبنى بالمشروع للأسوار الشرقية لقلعة صلاح الدين من برج المبلط الى برجي الرملة والحداد والا تؤثر كتلة المبنى على ظهور الطريق الصاعد من أقل نقطة الى أعلى نقطة وقلعة محمد علي من جميع الزوايا كما لا تؤثر على البانوراما الاثرية العامة للمنطقة وعلى الشركة ان تتقدم بكافة التقارير الفنية التي من شأنها تأمين سلامة الآثار بالموقع لدراستها من خلال قطاع المشروعات وقطاع الآثار الاسلامية والقبطية وقامت اللجنة الدائمة باعتماد هذه الملاحظات وأرسلت نسخة لمحافظة القاهرة لتنفيذها ونسخة لوكيل الادارة العامة لشرطة السياحة والآثار لاتخاذ الاجراءات نحو وقف الاعمال بالمشروع.
وفي لقاء الراية مع د. عبدالله كامل رئيس قطاع الآثار الاسلامية والقبطية بالمجلس الاعلى للآثار طالب بضرورة ايقاف الاعمال بالمشروع فوراً لان هذه الاعمال كلها صدرت مخالفة لاحكام القانون 117 لسنة 1983 .. واضاف انه تم اتخاذ جميع قرارات الايقاف واخطار جميع الجهات المعنية متمثلة في محافظ القاهرة بصفته الجهة التي اصدرت الترخيص دون الرجوع الى المجلس وسكرتير عام المحافظ، كما اخطرت رئيس حي الخليفة والمقطم والذي يقع المشروع في نطاقه واخطرنا شرطة السياحة والاثار ومباحث الاثار والادارة العامة لازالة التعديات وقد تم التعامل مع هذه الجهات بخطابات واضحة وصريحة تفيد بايقاف الاعمال الجارية فوراً لانها صدرت على غير سند من القانون وبدون موافقة المجلس الاعلى للاثار .
واضاف انه يجب اولاً نفاد بايقاف الاعمال، ومن ثم نفاد بالترخيص الجديد الذي يوافي الاشتراطات والضوابط البنائية في هذه المنطقة الاثرية حتى يتسنى لنا رصده وعرضه على اللجنة الدائمة للاثار الاسلامية والقبطية وبعد ذلك يتم تشكيل لجان فنية لدراسة موضوع اذا كانت الهضبة المقام عليها المشروع تتحمله ام لا .
اذاً نحن نطلب ايقاف الاعمال واستخراج ترخيص جديد يدرس في ضوء صالح جميع الاطراف المعنية سواء صالح الشركة او المنطقة الاثرية او تراث وتاريخ وحضارة البلد .
مؤكداً ان هذه المنطقة تمثل منظومة دفاعية يندر وجودها في العالم الاسلامي كله، وبالتالي لها معاملة خاصة وطبيعة خاصة ولها لوائح وقوانين تحكمها .. اضافة الى البعد العالمي للمنطقة حيث انها مسجلة بالتراث العالمي بمنطقة اليونسكو ضمن منظومة القاهرة الاسلامية .
ويضيف لابد ان نكون متعاونين مع تاريخنا وليس ضده والاجراءات المتخذه من قبل المجلس لم تستغرق فترات زمنية طويلة تستدعي اي حالة من القلق والانزعاج، وبالتالي نحن لدينا امل كبير في ان تتم الاستجابة للالتزام باللوائح والقوانين. ويضيف كامل لن نجري حواراً مع الشركة لان كلامنا مع المحافظة التي اصدرت الترخيص وسوف نستمر في مطالبنا حتى لو اقتضى الامر ابلاغ النيابة العامة .
ومن ناحية اخرى فجر المهندس خالد نصار عضو مجلس ادارة الشركة ومدير المشروع عدداً من المفاجآت اولها ان المشروع تم بترخيص رسمي وسار حتى الان حصلت عليه الشركة عام 2002 وتم تجديده عام 2005 بموافقة المجلس الاعلى للاثار ونفى استخدام الديناميت في تفجير الجبل مضيفاً ان المشروع ينخفض عن مستوى القلعة ب 30 متراً جحيث يبلغ ارتفاع القلعة 157 متراً وحسب الدراسة فان منسوب طريق الاوتوستراد الفاصل بين المشروع والقلعة يبلغ 73,5 متر والمشروع يبلغ ارتفاعه فوق هذا الرقم 59 متراً اي يصل الفارق الى اكثر من 30 متراً بين ارتفاع القلعة وارتفاع الابراج، واذا كنا بدأنا العمل بالفعل وصرفنا حتى الان 450 مليون جنيه على الانشاءات فليس من المعقول اننا صرفنا ذلك بدون ترخيص او موافقة .
ويقول د. عبد الحليم نو الدين امين عام المجلس الاعلى للثقافة حالياً ان د. زاهي حواس الامين الحالي مدرك ان كل اثر له حرم .. والحرم الاثري للقلعة واضح حيث ان جبل المقطم جزء من القلعة والتي سميت من ذي قبل بقلعة الجبل وقلعة القاهرة وقلعة مصر، والحد الفاصل بين القلعة والمشروع هو طريق صلاح سالم وهذه المسافة لا تمثل الحد الادنى الذي يحدد بحدود محلياً ودولياً .
ويتساءل لماذا الاعتداء على الحرم ؟ لماذا تشويه البيئة الطبيعية والاثرية لهذه المنطقة التي تضم مجموعة من المساجد الاثرية وقصر الجوهرة وتمثل اكبر تجمع اسلامي داخل القاهرة .. لماذا لا يبنون فوق هضبة المقطم او يذهبون للبناء عن طريق مصر- السويس او مصر - اسكندرية او على اي من مئات الافدنه في بر مصر ؟
ويرى د. نور الدين ان هناك قصدية هي استنزاف التراث لصالح المنشآت الحديثة وتساءل لماذا لا يصدر بيان من وزارة الثقافة او من محافظة القاهرة لتقول شيئا عن هذا الموضوع لماذا لا نتحرك قبل ان تأتي اليونسكو لحل المشكلة ؟
اما الدكتور محمد الكحلاوي استاذ الاثار الاسلامية وامين اتحاد الاثريين العرب يقول ان الرخصة التي حصلت عليها الشركة ليست ملزمة ويمكن الطعن على قرارها من اجل حماية المصلحة العامة، وتنفيذاً لقرار المجلس الاعلى للاثار بإيقاف الاعمال فوراً لانها تؤثر على المنطقة الاثرية بالكامل وفي حالة رفض محافظة القاهرة تنفيذ القرار سوف نلجأ لليونسكو فهو كفيل بردع المخالفين في مثل هذه الامور لحماية اثارنا، وقد تكون له اثار سلبية قد تؤدي الى رفع القلعة من منظمة التراث العالمي كما حدث مع جامع الازهر ومسجد عمرو بن العاص .
فليس من حق المحافظة ان تمنح رجل الاعمال تصريحاً لقلب تاريخ المنطقة وتدمير اجمل خمسة مواقع اثرية في مصر .
التعليقات