بيروت - خاص'' الرأي '' - سيمون نصار

منذ عودته قبل عام ونصف تقريبا وهو يعبر عن حالة بعيدة كل البعد عن الغالبية النيابية لكنها حالة مكرسة. فقد عاد الجنرال عون من فرنسا ليتوج زعيما في الساحة المسيحية اللبنانية. وفاز يومذاك بأغلبية المقاعد المسيحية في المنطقة المسيحية التي كان يسيطر عليها من قبل فريق قرنة شهوان الذي خسر معظم رموزه في المعركة النيابية. لكن الجنرال عون لم يكتف بذلك بل استفاد من أخطاء الأغلبية النيابية واقام تحالفا مع حزب الله ضم عدة بنود يرى هو وحزب الله انها تدخل في صلب بناء الدولة في لبنان على اساس العدل والمشاركة والمساواة.

اليوم يعيش ميشال عون حالة من الرضى التام عن هذه الورقة التي وقعها مع السيد حسن نصر الله قبل أشهر. ويعيش بإطمئنان تام عن صدق خيارات في حين يعتبر ان الآخرين الذين فشلوا في رهاناتهم امامهم فرصة اليوم لتصحيح مسار سياستهم الداخلية وعلاقاتهم الخارجية لمصلحة الدولة. لكن وككل زعيم أو سياسي في لبنان فإن ما بين الكلام تكمن الكثير من نقاط الإختلاف التي من الصعب الإتفاق عليها مع الآخرين.


* طرحتم في اليومين السابقين دعوة لتشكيل حكومة طوارىء، بعض الحكومة لم تستجب للطرح، وأيضا فإن بعض القوى اعتبرت أن هذا الطرح جاء بإيعاز سوري إيراني؟
بعض السياسيين ضعفاء. فردة الفعل ليست صحيحة وكل ما يطرح يمكن لهم أن يحطموه وأعتباره غير إيجابي. السبب أن ما حصل هو أن الحوار كان قائما وهو تشكل من القوى البرلمانية التي جزء منها خارج الحكومة وهو نحن. لأن الذين في الحكومة لا يمثلون أصحاب القرار ضمن الكتل النيابية. جاء هؤلاء ليتحاوروا على الأمور الأساسية ولإعطاء الحكومة الأمور التنفيذية للحكومة. الآن عندما نطرح حكومة طواريء يعني أن ياتي هؤلاء ويكونوا قادرين فعليا على إتخاذ القرار. لذلك الطرح كان فقط من أجل مواكبة الحدث من قبل الأشخاص الأساسيين لا أكثر ولا أقل أي في آنيته وراهنتيه.
وطرحي هو أن يجتمع هؤلاء لكي لا يكون هناك أخذ ورد وموافقة وعدم موافقة ومشاورات وغير ذلك، فلو بحث هذا الأمر سيكون قرار مجلس الوزراء قرارا نافذا وغير قابل للمشاورات التي تحصل حاليا. أنا لست مستعجلا أن ادخل الى الحكومة، فما طرحته هو حكومة تأتي وتحصل الدمار الذي خلفته الحكومة الحالية لكنهم لم يقبلوا لأنهم سعداء بتحمل ما يجري وبتحركهم على نحو بطيء، إذا نحن لا مانع لدينا من وجودهم الآن.

*حسنا الان تدعو الى حكومة قرار لماذا لم تدخل في الحكومة الحالية يوم تم تشكيلها ؟
كنت واضحا يومها. أنا أريد بناء دولة حقيقية وهم يريدون تكوين سلطة همها الأساسي تنفيذ المصالح الشخصية وغير الشخصية. وهذا لا ينسجم مع تفكيري. أيضا فإن التقاسم الحالي في الحكومة لأنها تفتقر الى التجانس والتضامن لذلك ستنهار في أول أزمة كبرى. وهي انقسمت أو انشقت في أواخر العام 2005 . وهي لأنها تفتقر الى التجانس فقد طورت ديبلوماسية خارج إطار الحكومة. فهي تنقسم الى قسمين ورأيين وهذا ما أوصلنا الى هذا الوضع الحالي.

إذا هل ضعف الحكومة هو أنها تسعى لإقامة سلطة لا إقامة دولة ؟
نعم هذا هو السبب لأنهم لا يضعون الدولة في الأولوية، الحكومة لا يوجد لديها قواعد للتصرف وكل عضو فيها يتصرف وفق رأيه أو أي مرجعيته فيها.
خاصة في ما يتعلق بالمشاكل العالقة. لقد جئنا مع حزب الله وفندنا المشاكل في ورقة تفاهم مبنية من مجموعة من النقاط التي يمكنها إذا ما تمت جميعها بناء دولة. مؤتمر الحوار تم لأن الحكومة لا تقدر على معالجة مشاكلها. حين نريد حل قضية خلافية يجب أن يكون أحد الأطراف ضامنا للحل.

وقد وضعنا في ورقة التفاهم مجموعة من النقاط الخلافية التي نريد تسويتها نحن وحزب الله قادرين على ضمان تنفيذ هذه البنود فيما لو كنا موجودين فعليا داخل الحكومة. فلا انا داخل الحكومة الحالية ولا حزب الله متمكن فعليا من السيطرة على هذه الحكومة. هذه الحكومة خاضعة للتجاذبات وهي لا تملك أبعادا ولا تتطلع الى كافة فئات الشعب اللبناني.

لقد لحظنا في ورقة التفاهم كافة الأمور الخلافية مثل الذين لجأوا الى اسرائيل عام 2000 والى الأسرى في اسرائيل والأسرى في سوريا وغيرها كثير.

* لكن اليوم انت تتحدث ببنود ورقة التفاهم التي وقعت قبل أشهر وقد تغيرت بعد هذه الحرب كافة المقاييس والظروف، من الممكن أن في ورقة التفاهم مع حزب الله بعض البنود التي صمدت لكن ليس كلها. اريدك أن تخبرني عن رؤيتك الحقيقية لمشروع الدولة الذي نتحدث عنه كثيرا منذ مدة ؟
نريد الدولة على أساس الشراكة. هم يقولون على أساس الطائف وأنهم يحترمون الطائف، مع ذلك يوجد فراغات دستورية موجودة في الطائف. لنفترض أنه حصلت أزمة بين المجلس النيابي والحكومة من يعالجها. هنا لا بد من سلطة تتولى هذا الأمر. لنفترض أن قانون لم يوافق عليه رئيس الجمهورية بعد خمسة عشر يوما يرد الى المجلس وتقره الأغلبية ما يعني أن اللعبة الديمقراطية هنا ليست لخدمة الأقلية التي موجودة خارج السلطة بل إن الأكثرية تمارس بهذا الأمر استبدادا ملحوظا بسبب الفراغ الدستوري. في الوقت الذي يرد فيه قانون يلزمه أن يكون هناك اكثرية أعلى بمعنى أن يلزمه أغلبية الثلثين. ويمكن لرئيس المجلس النيابي أن يضع أي قانون في درج مكتبه.

* لكن الثغرات في الحكم داخل لبنان ليست قانونية، بل هي تطال المستوى التوافقي على السياسة العامة لا مجرد قانون يرد قانونا أو ثغرة دستورية ؟
الدستور مهم وعلينا جميعا أن نخضع له. نحن نذكر الثغرات القانونية لأن الإحتكام الى القانون هو أمر أساسي. أليس من الخطأ تعطيل المجلس الدستوري قبل أن تحصل له على قانون جديد. هذه مهزلة في وقتها ولولا حصلت الحرب لا أعرف كيف كان الوضع سيكون مع فريق الأكثرية. كيف يمكنني أن أؤمنك على حياتي وأنت تريد أن تؤلف قوى أمن على مزاجك ودولة على مقاسك كيف يكون الأمن هنا. المجلس الدستوري هو حماية للاقلية من استبداد الأكثرية. ليس للأقلية النيابية بل للشعب.

* إذا أنت خلافك معهم على مشروع الدولة لا على مصالح شخصية ؟
أعوذ بالله ولا في أي لحظة.أريد أن أذكرك، منذ أن بدأت الحكومة تبني السياسة الخارجية بطريقة إكسترا، كيف. نحن خرجنا خارج الحكومة تألفت الحكومة من الشيعة والسنة وبعض المسيحيين وكان وزير الخارجية يعمل سياسة لكن سياسة وفق مصالح الفئة التي أتت به، فالحكومة وفق هذا كانت كما المتزوج في بيته لكنه يعيش مع إمرأة اخرى خارج البيت.
منذ ذلك الحين وسياسية الحكومة غير واضحة على المستوى الخارجي. وقد انكشفت هذه الإزدواجية في الوقت الذي بدأ تري رود لارسن بنشر تقاريره الخارجية عن لبنان. نحن لا يمكننا العيش في هذه الصيغة.

* إذا الموقف الذي تتخذه يستند الى غياب الوحدة الوطنية التي تريدها ؟

نعم نحن كفريق نريد دولة تستند بالدرجة الأولى على الوحدة الوطنية التي يجب تكريسها والعمل على تكريسها. وأنا أعتبر أن الوحدة الوطنية اهم من نتائج أية معركة سياسية. واليوم تجد أن الوحدة الوطنية أهم من اي انتصار.
* اليوم انتصر حزب الله حليفك، كيف ترى آفاق المشكلة في البرلمان والحكومة ؟ هنا نحن واقعون في مشكلة. وما زال الحل في يد الأغلبية، ومنذ الإنتخابات وعدم التوافق بين الأغلبية البرلمانية والأغلبية الشعبية قائم. عليهم أن يفهموا هذاالأمر اليوم. وتصحيح المشكلة داخل الحكومة أو أنهم متشبثون بآرائهم ولا يريدون أحدا غيرهم في السلطة وهنا تقع كارثة ثالثة.

* لنفترض أنهم تمسكوا بالعناد الذي تصفونه هل يخسرون الإجماع الوطني ؟
نعم سيخسرون هذا الإجماع.

* هل المجتمع اللبناني سيحاسب برأيك ؟
طبعا سيحاسب. لأنه يوجد اليوم أشخاص ليسوا مبدأيين نظريين بل فعليين.
لقد دفعنا خمسة عشر عاما بسبب الموقف ولم أمت أو يمت أحد غيري. والسيد نصر الله إنسان مبدأي وملتزم بقضية وبوطن، وهو يدفع تضحيات وهذه التضحيات تفوق أي حسابات.

* لحزب الله ثلاثة أهداف عودة الأسرى تحرير مزارع شبعا وحماية الحدود اللبنانية، في حال تمت هذه الأهداف بمشروع دولي أي تدعيم ليونيفل لتكون قادرة على حماية لبنان ؟
لا أحد يحمي احد. لنفترض حصل إعتداء على اليونيفيل واحتجت دولة وسحبت قوتها. المهم أن يعرف اللبنانيون حالة النزاعات التي يجب أن تقف . نحن لا نريد أن تكون القوة منتفية وليست موجودة. القوة لا تخدم الحل السياسي بحالتنا نحن نريد حقوقنا ولا أكثر من ذلك.

* انت تتكلم عن واحد من أهم بنود الطائف الذي هو الهدنة ؟
نحن لا نريد الحرب نريد السلام ولكن مع الجميع من الدول العربية. نحن نريد جهاز دفاع. وقد قلت أننا نتكلم في الأدب السياسي ونضع أرقاما كثيرة. نحن نريد تنسيقا، وبما يتعلق بهذه الظروف. هل هذه الظروف التي سببت هذه المقاومة زالت ام بقيت. إذا زالت الآن نطلب من السيد نصر الله أن يضع السلاح في المخازن. إذا لم تزل فإذا على السلاح أن يبقى. وهذا كله بعد تحرير مزارع شبعا.

* في حال تحررت مزارع شبعا، والبعض يقول ان مشكلة لبنان في المزارع ليست مع اسرائيل بل مع سوريا ؟
هؤلاء لا يعرفون قراءة الخرائط. انا أقرا كطابط مدفعية الخرائط بشكل دقيق. مزارع شبعا لنا والخرائط منذ العام 1923 لنا. وليكن النزاع مع سوريا.وليعد السكان ويزرعوا الخوخ والدراق ونستفيد من المياه الباردة ونتكلم مع سوريا.

* السؤال ليس هنا، لا أريدك ان تهرب منه. بل في حال كان فعليا هناك مشكلة مع سوريا على تحديد مزارع شبعا هل تقود هذه المعركة أم لا ؟
طبعا، انا لا يمكن سؤالي عن هكذا أمر. وحين طرحت وفدا مشتركا نيابيا مؤلفا من أصحاب القرار خرج البعض واستهزأ بالموضوع وتعاموا بإستخفاف.
في حين كان طرحي ان نذهب الى سوريا ونتفاوض معها أما نتفاهم معهم بكاملنا أو نختلف بكاملنا. ولا يكون لكل واحد إجابة منفصلة عن الآخر.
هنا تكتشف أناسا يعيشون على ثقافة الإختلاف.

* لكنك تعيش ضمن بلد فيه الكثير من التحالفات والعلاقات بالخارج وكل فريق لديه خطوط ومصالح وليس في بلد الدولة فيه هي الحاكم الفعلي للبلد؟.
اليوم ليس السؤال لإستفزازك فعليا بل لكشف رؤيتك حول إمكانية بناء وفاق وطني حقيقي بعد هذه المرحلة الصعبة ؟
صحيح. ونريد المشاركة في كل شيء. أنا أعبر عن استقلالية لأني أعيش مجتمعي بشكل إنتمائي كامل.

* هل ما زالت مرشحا لرئاسة الجمهورية ؟
كل إنسان له دور وموقع. وحين يتطابق الموقع مع الدور يكون شيئا عظيما، أما إذا خيرت انا بين الموقع أو الدور أختار الدور.

* يعني انت لست المرشح الدائم والوحيد للرئاسة ؟
لا أبدا من قال ذلك. لنضع افتراض أن السيد نصر الله يريد تسليم سلاحه لمن يسلم هذا السلاح ؟ أليس لدولة لا تطعنه من الخلف. على الأقل لو توفر المناخ الإطمئناني لكانت الظروف تغيرت. على طاولة الحوار كان الجميع مكشوفا. وقد طرحوا رئاسة الجمهورية قبل السلاح. ذلك لعدم خلق تفاهم، فلو تم التوافق على الرئاسة لكان السلاح تم حله ببساطة. وأنا أعتبر موضوع السلاح امر سهل حله على عكس ما يتوقع الآخرون. وبمجرد أصبح السلاح دفاعي يعني ان السيد نصر الله سيلتزم وهو شخص صادق جدا ولا أصدق ما يقال عن كونه باطني وغير ذلك بل اعتبر أنه صادق جدا من خلال التجربة وهو استثناء في الحياة السياسية اللبنانية. عدم الإلتزام في السياسة الداخلية ياتي من الإرتباط بالخارج وليس بالإستقلالية.

إفتراضيا، في حال سعد الحريري رئيس وزراء وانت في رئاسة الجمهورية هل يمكن التعايش أم أننا سنرى تجربة مكررة لتجربة الرئيس إميل لحود مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري ؟
لا يوجد أسهل من التعايش معي. والعيش معي أسهل من أني أعيش مع الآخرين.
ويمكنني ان اتعامل مع الخصم أو العدو. لكن إذا الأمر يحصل ضمن معايير مختلفة فإن هذا الأمر لا يمكن أن يحصل. أنا صعب جدا فيما يتعلق بالنهج والسلوك. وكل من جربني وعاش معي يخبرونك هذا الأمر.