جو غالواي - لوس انجليس تايمز
وصلت إلى وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد من العراق، أخيرا،بعض الأنباء السارة وبعض الأنباء السيئة.
الأخبار السارة هي أن عدد الجنود الأميركيين الذين قتلوا في العراق في الأسابيع القليلة الماضية انخفض من ما بين جنديين وثلاثة جنود في اليوم الواحد إلى جندي واحد بالمتوسط في اليوم. والأنباء السيئة هي أن سبب هذه الأنباء السارة هو أن العراقيين، في الوقت الراهن، أكثر اهتماماً بقتل بعضهم البعض من اهتمامهم بقتل الأميركيين.
والأخبار الحقيقية في العراق هي أن عدد الجنود الذين يقاتلون ويُقتلون هناك انخفض إلى 127 ألفاً من أكثر من 160 ألفاً في أواخر 2005. وبرغم خطب بوش عن laquo; الثبات على الطريقraquo; ورفض رامسفيلد مناقشة أي جدول زمني للانسحاب في رحلته، فإن الحقيقة هي أن الإدارة تندفع بسرعة للابتعاد عن العراق بأسرع ما يمكن.
وفي ديسمبر الماضي، أخبرني ضباط كبار في القيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية أن عدد الجنود الأميركيين في العراق سينخفض إلى حوالي 100 ألف بحلول نهاية 2006. هذا هو الاتجاه الذي نسير فيه الآن، برغم أن المذابح الأخيرة تشير إلى أن القوات العراقية ليست مستعدة فعلاً لملء مكان الأميركيين.( لا بل ان بعض العناصر في القوات العراقية يساهمون فعلياً في المذابح.) إذن حتى لو بدأت الحرب الأهلية التي تحصد الآن مئات الأرواح أسبوعياً بدأت تحصد آلاف أو عشرات الآلاف من الأرواح كل أسبوع، فلن يتم العدول عن تسريع خفض قوام القوات الأميركية العاملة هناك.
لقد اصطدمت وعود الإدارة بشأن العراق بالمصالح السياسية الحزبية، وكفة من رجحت يا ترى؟ مع اقتراب موعد انتخابات الكونغرس النصفية المزمعة الخريف المقبل وانتخابات 2008 الرئاسية التي باتت على الأبواب وانخفاض معدلات شعبية بوش إلى حدود 30 بالمئة، فإن الأشخاص الذين تبنوا هذه الحرب سيئة الصيت يريدون التخلص منها بأسرع ما يمكن.
في الواقع أن الساسة بدأوا يفرون على عجل من حربهم مع أنهم ينفون أن تكون هذه الفكرة قد خطرت حتى في بالهم. وهم يندفعون الآن للخروج من العراق بنفس السرعة المحمومة التي اندفعوا بها للدخول إليه. يحضرني هنا مثل بنغالي قديم لطالما وجده الغزاة صحيحاً على مدى آلاف السنين.هذا المثل يقول: هناك ألف طريق إلى البنغال،و ليس هناك طريق للخروج منها.
ومسؤولية الحرب التي يتخلى عنها الآن الساسة الذين شنوها وأفسدوها على نحو غير قابل للإصلاح، ألقيت الآن على عاتق القوات المسلحة الأميركية، التي لم تتلق يوماً الأوامر بإرسال أعداد كافية من الجنود لإنجاز المهمة. و سيطلب منها القيام بمهام أكبر بعدد أقل من الجنود.
قتل في العراق حتى الآن حوالي 2600 جندي أميركي وجرح حوالي 18 ألفاً غيرهم. وكم سيقتل غيرهم قبل أن يصعد آخرهم إلى الشاحنات والمروحيات للخروج من هذا المنعطف في طريق الحرب على الإرهاب؟ تم إرسال أكثر من 800 ألف جندي أميركي في مناوبات متعاقبة في العراق خلال ثلاثة أعوام ونصف العام من الحرب التي قال المروجون لها إنها ستكون نزهة.
ولقد استنزفت التكاليف المباشرة للحرب حوالي 400 مليار دولار من الخزينة الأميركية وقد تتجاوز التكاليف الخفية بعيدة المدى لهذه الحرب، التي قال أنصار بوش إنها ستغطي تكاليفها بنفسها من عائدات النفط العراقي، قد تتجاوز التريليون دولار. إن الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني ووزير دفاعه رامسفيلد سيغادرون واشنطن في أواخر يناير 2009، بينما يطوق العراق رقابهم مثل جيفة نتنة متعفنة.
ومثلما ظل شبح حرب فيتنام يطارد لندون جونسون إلى يوم مماته، فسوف تطارد حرب العراق والإخفاقات التي منيت بها أميركا هناك هذا الثلاثي حتى النهاية. فهؤلاء الثلاثة، الذين لم يشارك أي منهم في حرب قط، زجوا بنا في الحرب لأسباب كلها خاطئة، زجوا بنا في الحرب بعدد من الجنود غير كاف لكسب السلام، زجوا بنا في الحرب في المكان الخطأ، في التوقيت الخطأ وضد العدو الخطأ.
وسيكون هناك ما يكفي من اللوم لتلطيخ كونغرس رفض القيام بواجبه الدستوري بطرح الأسئلة الصعبة وممارسة الإشراف الحقيقي على حرب جرت نفسها عاماً بعد عام. وسيكون هناك أيضاً ما يكفي من اللوم لكبار القادة العسكريين الذين نسوا، أو لم يتعلموا، دروس فيتنام أو الطرق التي تدار بها الحرب ضد المتمردين. فهؤلاء القادة الذين دربوا وجهزوا قواتهم لخوض حروب ثقيلة التسليح ضد بلدان أخرى، لم يدركوا الحرب التي كان يشنها المتمردون السنة ضدهم إلا بعد فوات الأوان. ولن يغفر التاريخ لأي منهم. ولا ينبغي للتاريخ أن يغفر لأي منهم.
التعليقات