ممدوح إسماعيل: تفاهمات الأمن مع قيادات الجماعة حسمت أي خلاف
منتصر الزيات: بنية الجماعة الإسلامية محصنة ضد أي انشقاق

د. أحمد ثابت: بيان الظواهري يؤكد إفلاس القاعدة


القاهرة : محمد العدس - الراية


قبل أيام أعلن الدكتور أيمن الظواهري انضمام عدد من قيادات الجماعة الإسلامية بمصر الى تنظيم القاعدة. وفي أحدث شريط له قدم الظواهري - الذي يعد حالياً الزعيم الفعلي للقاعدة - لأحد قياديي الجماعة ويدعى محمد خليل الحكايمة ليؤكد هذا الاعلان.. لكن السؤال المهم الآن: ما هو مستقبل الجماعة الإسلامية في مصر بعد اعلان الظواهري وهل ينبىء مثل هذا الإعلان عن احتمال عودة الصدام مرة أخرى بين الجماعة وبين أجهزة الأمن المصرية؟.
هذا التحقيق يكشف جوانب عديدة من تلك القضية..

يقول ممدوح إسماعيل محامي الجماعة الاسلامية ان محمد خليل الحكايمة عضو الجماعة الاسلامية ومحمد شوقي الإسلامبولي ورفاعة طه ومحمد مصطفى المقرىء رفضوا المراجعات الفكرية التي تمت منذ سنوات وبالتالي من المنطقي انضمامهم للقاعدة بعد ان أصبحوا بلا دور في الجماعة.
وقال اسماعيل ان بيان الظواهري الذي تم بثه مؤخراً يثبت ان تنظيم القاعدة مازال له فعاليته وحيويته ويظهر ان الجماعة الاسلامية بها خلاف قوي قديم بين الداخل والخارج حدث أواخر التسعينيات ومنذ سنوات عندما أعلنت الجماعة مبادرة وقف العنف وأعلنت عن مراجعاتها الفلسفية والفكرية.
وأوضح ان أعداد المعارضين من أعضاء الجماعة في الداخل أقل من الخارج بكثير وهذا ليس جديداً وقال استشعر من بيان الظواهري ان القاعدة لديها خطة لضرب الأمريكان او اليهود وهذا تهديد واضح بجانب دخولهم المعركة الحالية مع اللبنانيين ضد الكيان الصهيوني وربما الأيام القادمة تكشفها بوضوح.

وحول أسباب الانشقاق داخل صفوف الجماعة الاسلامية في الداخل والخارج قال اسماعيل ان الانشقاق يرجع الى الاختلاف في وجهات النظر بين القيادات والكوادر مشيراً الى أن هذا الأمر لا يمثل للجماعة داخل مصر أي مشاكل أو مضايقات وذلك لسبب بسيط ان الجماعة الاسلامية داخل مصر متفقة مع الامن وهناك تفاهمات فيما ستكون المشكلة الرئاسية في الخارج وخاصة مع الأمريكان لأن القاعدة ستظهر من جديد.
ومن جانبه أكد د. محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين انه لا يتصور انضمام مجموعة من أعضاء الجماعة الاسلامية لتنظيم القاعدة مشيراً الى أن الجماعة الاسلامية لها تشكيلها ولها أوعيتها التنظيمية وأوضاعها الإدارية فضلاً عن أنها حسمت أمرها بخصوص موضوع المراجعات بناء على فكر ثابت وعلم شرعي عميق.

وحول وجود انشقاقات داخل الجماعة الاسلامية أكد حبيب ان الجماعة الاسلامية الآن في مصر وضعها يكاد يكون مستقراً وأفكارها أصبحت وسطية ومعتدلة ونبذت العنف نبذاً نهائياً.
وقال إن الأمن وأجهزته أعلم وأكثر فهماً وعمقاً في المسألة الخاصة من غيره وبالتالي فهو غير قلق على أي نحو أو أي مستوى مما قاله الظواهري في بيانه.
وقال د. هاني رسلان الخبير في شؤون الجماعات الاسلامية ليس معروفاً حجم من انضم من أفراد من الجماعة الاسلامية للقاعدة وحتى الآن فالظواهري تحدث عن عدد كبير من قادة وكوادر الجماعة الاسلامية الذين انضموا الى تنظيم القاعدة إلا أنه لم يذكر إلا اسمين فقط.

وأوضح للآن لم تتوافر معلومات واضحة أو محددة عن الأعداد ومن ثم فربما كان الظواهري يريد ان يحرز كسباً إعلامياً من تسميته لأحد القادة المعروفين وهو محمد الإسلامبولي بينما الحكايمة ليس قائدا بالمعنى الحقيقي لأنه من الجيل الثالث للجماعة وليس له صلات واسعة في الوقت الحالي.
وأشار د. هاني رسلان الى أن إعلان الظواهري سوف يترك آثاراً سلبية على حالة الاستقرار الفكري والأمني في مصر بعد أن تصور الجميع أن ملف العنف الخاص بالجماعة الاسلامية قد تم إغلاقه ولاسيما ان هذا الإعلان قد ترافق مع حالة التردي في الموقف العربي بخصوص لبنان وردود غضب واسعة لدى الشعوب العربية تجاه الحكومات.

وقال ان انضمام فرد أو اثنين للقاعدة لا تستطيع ان تطلق عليه انشقاقا لأنه خارج مصر وليس بالحدث الجلل.وحول الموقف الأمني تجاه ما حدث قال رسلان لابد أن يحدث نوع من الاستنفار داخل الأجهزة الأمنية لأن الموقف السياسي الداخلي في مصر لم يعد يتقبل احتمالات حدوث وقوع أعمال عنف جديدة مشدداً على أن كافة عناصر الطيف السياسي سوف يكون لهانفس التوجس لأن لا أحد يرغب في أحداث العنف وإنما الناس تريد إصلاحاً.

وأكد د. هاني رسلان ان إعلان الظواهري يندد بعمليات جديدة ضد الكيان الصهيوني والأمريكي مشيراً الى انه لن يتخلى عن هذا الاتجاه وتعهد بعدم ترك أحداث لبنان تمر دون توجيه ضربات من القاعدة للمصالح الأمريكية والإسرائيلية.
ومن جانبه أكد اللواء نبيل فؤاد الخبير الاستراتيجي انه من الواضح ان الظواهري لا يملك إلا وسائل الإعلام مشيراًُ الى ان القاعدة ليس لها وجود حتى في أفغانستان وأصبح النشاط لطالبان وليس للقاعدة.
وقال إن إعلان الظواهري بانضمام الجماعة الاسلامية للقاعدة لا يعبر عن حقيقة جمهور الجماعة الاسلامية الذي أعلن تنصله من هذا الموضوع مؤكداً ان إعلان الظواهري موضوع إعلامي أكثر منه فعلي.

وأكد اللواء فؤاد ان انضمام فردين من أعضاء الجماعة للقاعدة أمر طبيعي خاصة وانه دائماً ما يشذ العديد من الأعضاء عن الجماعة ولكن أن الغالبية العظمى لأعضاء الجماعة الإسلامية المقيميين في مصر يرفضون هذا الموضوع رفضاً باتاً.

وقال د. السيد عليوه أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان رغم عدم توافر المعلومات الكافية عن ما ردده تنظيم القاعدة إلا انه يمكن القول ان منظمات العنف والتطرف قد تعيد ترتيب اوضاعها في مواجهة التحويلات الحادة في تحركات الأحداث الجارية غزواً وحرباً واعتداء على الشعبين اللبناني والفلسطيني من المخططات الإسرائيلية والأمريكية.
وتوقع عليوه استهداف المصالح الأمريكية بعمليات عنف بسبب السياسة الأمريكية في المنطقة وهو ما أدى الى اتخاذ الجماعة الاسلامية قرارها بالانضمام الى القاعدة.

كما توقع ان تحدث إعادة هيكلة لمنظمات العنف وهذا هو الأهم من قوى المقاومة ضد المشروع الصهيوني الاستيطاني التوسعي والمخطط الأمريكي الذي يرمي الى تفتيت المنطقة العربية والاسلامية.
وهذا قد يفسر إعادة التحول في هياكل منظمات العنف بسبب الاستقطاب الشديد على المسرح الدولي بين قوى العدوان التي تحاول إخضاع العالم الاسلامي والعربي لمصالحها وإرادتها.
ولفت عليوه الى انه من المحتمل ان تعيد الجماعة الاسلامية النظر في فلسفتها وايدلوجيتها في إطار الغليان الجاري في المنطقة العربية والعالم بالاضافة الى مزيد من الانقسام الداخلي بسبب تنوع المواقف.

ومن جانبه أكد الدكتور عمار على حسن مدير مركز دراسات الشرق الأوسط ان اعلان الظواهري مسألة رمزية أكثر منها مسألة مادية خاصة وان الشخصيات التي ذكرها بانضمامهما للقاعدة ليس لها ثقل كبير داخل الجماعة ولكن يقال ان انضمامها للقاعدة سوف يؤدي الى انضمام عشرات آلاف من الشباب المصري الى التنظيم.

وقال د. عمار ان قيادات الجماعة الاسلامية المعروفين ما زالوا متحفظين على أسلوب تنظيم القاعدة خاصة بعد المراجعات التي أعلنوها وأصدروا فيها ما يقرب من 7 كتيبات أعادوا فيها تغيير أفكارهم القديمة الى أفكار أكثر ملاءمة للواقع وأكثر اعتدالاً وبالتالي فإن ما أعلنه الظواهري لا يخرج عن مستوى الكسب المعنوي لدى تنظيم القاعدة لأن الجماعة الاسلامية منذ البداية رفضت الانضمام الى هذا التنظيم بينما انضم إليه تنظيم الجهاد المصري، ومن ثم فإن الظواهري يريد ان يقول إن من كان يرفض القاعدة بالأمس يقبلها اليوم وان التنظيم يتمدد ويقوى على العكس مما تشيعه الولايات المتحدة الأمريكية في حديثها عن محاصرة التنظيم وقرب القضاء عليه.

وحول إذا كان هذا البيان للقاعدة سيؤدي الى انشقاق داخل الجماعة الاسلامية قال د. عمار حتى الآن لا تستطيع ان تقول إن هناك انشقاقا حتى خطوة المراجعات رغم تحفظ البعض عليها من بين شباب الجماعة.
كما اننا لم نسمع أن أحدا شق عصا الطاعة على القيادات التاريخية للجماعة كما ان الكتيبات التي أصدرتها وكذلك الموقع الالكتروني الذي أطلقوه متاح أمام الجميع ويعرفه أفراد الجماعة ومضى عليه مدة وبالتالي لو ان لأحد من القيادات الأخرى نية الانشقاق كان قد أعلن ذلك.

أما المجموعة التي أعلنها الظواهري فأحدهم موجود في السجن وهو رفاعة طه والآخر كانت تقارير تقول انه منضم للقاعدة بالفعل محمد شوقي الاسلامبولي أما الثالث وهو الحكايمة فليس له اتباع أو وزن كبير مقارنة بالقيادات التاريخية للجماعة مثل ناجح ابراهيم وعاصم دربالة وفوق الجميع الشيخ عمر عبد الرحمن.
وبالنسبة للموقف الأمني تجاه الجماعة الاسلامية بعد إعلان الظواهري قال عمار ان الأمن المصري لم تغفل عينه عنهم حتى قبل الانضمام للقاعدة وخاصة ان هناك من يقول ان هذه المراجعات تكاد تكون تكتيكية وليست مراجعات نهائية وشاملة وبالتالي فإن الأمن لم تغفل عيناه عن الجماعة الاسلامية يوماً.

وتوقع د. عمار تشديد الرقابة على الجماعة الاسلامية في ظل عودة تنظيم القاعدة الى محاربة ما يسمونه بالعدو القريب وهي الأنظمة الحاكمة جنباً الى جنب مع العدو البعيد وهو الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال انه من الوارد ان يقوم تنظيم القاعدة بعمليات تهدد المصالح الأمريكية والإسرائيلية ومن الممكن ان تقوم بعمليات في أي دولة في دول الشرق الأوسط وتكاد تكون مصر والسعودية والأردن وإسرائيل نفسها وهذا وارد جداً ان يحدث.

ووصف اللواء فؤاد علام الخبير الأمني بيان الجماعة الاسلامية بالضجة الاعلامية التي لا تأثير لها على الوضع الأمني في مصر مؤكداً أنها لا تمتلك القوة التي تجعلها مصدر خطورة وأن كان ذلك لن يمنع ظهور موجة من الهجمات الارهابية على المصالح الأمريكية خلال الفترة القادمة وقال ان القرار الذي اتخذته الجماعة لا يخرج عن كونه لعب عيال.
ومن جانبه أكد منتصر الزيات محامي الجماعة الاسلامية انه ليس هناك انشقاق داخل صفوف الجماعة الاسلامية مؤكداً ان بنيتها قوية محصنة ضد الانشقاق فضلاً عن كونها جماعة موحدة تتخذ القرارات من خلال مجلس شورى محصن.

وقال رغم ان الظواهري أعلن عن انضمام مجموعة من الجماعة الى القاعدة فإن عبد الآخر حماد نفى مباشرة الانضمام إليهم فيما ان محمد الحكايمة ليس من الذين في دائرة صنع القرار لكنه عضو عادي وليس قيادة لأنه من الجيل الثالث بالجماعة.
وبالنسبة لموقف الأمن تجاه الجماعة الاسلامية قال الزيات ان الأمن بعد نصف ساعة من إعلان بيان الظواهري القى القبض واعتقل مجموعة من أسوان مشيراً الى أن الأمن لم يغفل عنهم رغم إعلانهم مبادرة وقف العنف.

وحول توقعه بأن يقوم تنظيم القاعدة بعمليات ضد المصالح الأمريكية والإسرائيلية خلال الفترة المقبلة قال بالتأكيد مشيراً الى ان الظواهري من ضمن أهدافه فتح جبهة في مصر بعد ما حقق أهدافه ضد الولايات المتحدة وكسب تعاطف الشارع العربي فالتفت مرة أخرى الى مصر ليجذب عناصر جديدة من الشباب الغاضب.

ويرى د. أحمد ثابت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان البيان الصادر عن د. أيمن الظواهري بانضمام بعض قيادات الجماعة الاسلامية تعبير عن الحالة التي وصل إليها تنظيم القاعدة والذي حدث بسبب التراجع المستمر في قوة تنظيم القاعدة بعد ان مني بخسائر عديدة في العراق بعد مقتل الزرقاوي وبعد نفور وسخط السنة والشيعة منه بسبب طابعه الطائفي كما يبدو انه حدث خلاف أو تباعد ما بين حركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان بدليل ان العمليات التي تقوم بها حركة طالبان ضد قوات الاحتلال الأمريكي هناك تقوم بها بمفردها بدون مساعدة من تنظيم القاعدة ثانياً ان الجماعات الاسلامية قياداتها الآن إما في السجون تكمل باقي العقوبة او أنها في الخارج والقيادات التي في الخارج ليس لها نفوذ سياسي أو تنظيمي على شباب الجماعات الاسلامية وقد انقطعت صلتها بمصر منذ فترة طويلة وبعد نبذ الجماعة للعنف في مبادرة وقف العنف في يوليو 97 فإن الجماعة الإسلامية لم يعد لها جسم تنظيمي.. إنما قد يكون هناك شباب إما تركوا العمل المسلح وانخرطوا في العمل السياسي او العمل العام ضمن الاخوان المسلمين او حزب الوسط الجديد.. او باقي الأحزاب.. او انهم تركوا العمل العام واشتغلوا بأعمالهم بعد ما حدث لهم من اعتقال وتعذيب ومطاردة.

ومن ثم فلا يوجد تأثير لهذا الإعلان لأن هناك قيادات أخرى في الخارج نفت ما ذكره أيمن الظواهري مثل الشيخ عبد الآخر حماد وهو أحد قيادات الجماعة الاسلامية ويعيش في بون بألمانيا، وقال ان الانضمام هو اختيار فردي لمن يريد ان ينضم، لكن الذي انضم وأعلن ذلك هو رجل مصري يقال إنه من أسوان وحكم عليه فى قضية الانتماء لتنظيم الجهاد بعد اغتيال السادات وهو ايضاً لا يعيش في مصر ولا نعرف له نفوذا يذكر على الجماعة الاسلامية.

فمنذ زمن طويل وحتى الآن والجماعة الاسلامية وتنظيم الجهاد والاخوان المسلمون يرفضون تنظيم القاعدة وأطروحاته التى تبعد المعركة الأساسية عن فلسطين وتوجهها الى أهداف أمريكية بعيدة، وتؤدي الى قتل اكبر عدد من المدنيين وهذه أفكار شاذة.. ويضيف ان الخوف هو ان تستغل أجهزة الأمن في مصر هذا الأمر لتشدد قضيتها الأمنية على رقابة الصحف والمظاهرات السياسية والتحقيق والاعتقال لشباب الجماعات الاسلامية او قيادات الاخوان المسلمين.