quot;البروج المشيدةquot; يعيد رسم ملامح الشخصيات الرئيسية في هجمات سبتمبر



القاهرة: مجدي كامل


صدر في أمريكا مطلع الأسبوع الماضي كتاب جديد تحت عنوان quot;البروج المشيدة.. القاعدة والطريق إلى 11 سبتمبرquot; ويثير الكتاب حاليا ضجة واسعة في أوساط المجتمع الأمريكي، لما يتضمنه من رؤية جديدة للكارثة، وتحليل لأبرز اللاعبين الأساسيين فيها، والذين تقاطعت مساراتهم قبل الوصول إلى 11 سبتمبر، ومعلومات خطيرة - لم يكشف عنها من قبل - يمكن أن تقدم - كما يقول المؤلف - مسؤولي أجهزة الاستخبارات الأمريكية للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى، وإن كان الكتاب في بعض مواضعه لا يختلف كثيراً عن كتب سابقة، حاولت الخلط بين الإسلام والإرهاب، أو بمعنى آخر يقدم سموماً قديمة في زجاجة جديدة.

ومؤلف الكتاب هو لورانس رايت كاتب السيناريو والمؤلف الروائي والصحافي المخضرم في صحيفة quot; نيويوركرquot;، والذي تخصص في الكتابة عن quot; القاعدة quot;، ونال عدة جوائز إعلامية عنها وخاصة مقاله quot;رجل خلف بن لادنquot; الذي كتبه عقب لقائه معه في أفغانستان قبل الحرب.

ويقول رايت في تقديمه لكتابه إنه ومنذ هجمات سبتمبر، أصبح هذا الكتاب همه الأول، وإنه استقى عنوانه من آية في القرآن الكريم لطالما كان أسامة بن لادن يستشهد بها، وهي quot; أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروجٍ مشيدةquot;. كما تم العثور عليها في أحد أجهزة الحاسب الآلي لأحد أعضاء خلية هامبورج بألمانيا، ويعتقد أنها الشفرة التي استخدمها خاطفو الطائرات، كما كانت بمثابة القدر لإحدى الشخصيات التي قام برسمها، وهي شخصية جون أونيل، الذي كان يترأس وحدة مكافحة الإرهاب في مكتب التحقيقات الفدرالي quot; إف. بي. آي quot;، ثم رئيس الأمن في مركز التجارة العالمي، والذي لقي مصرعه مع آلإف الضحايا في هجمات سبتمبر.

ويقول المؤلف إنه اعتمد أيضاً في كتابه على 5 سنوات من البحث و600 مقابلة أجراها في مصر والسعودية وباكستان وأفغانستان والسودان وإنجلترا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة مع أشخاص وثيقي الصلة بتنظيم القاعدة وقياداته وخلاياه، من الصديق المفضل لـquot;بن لادنquot; خلال سنوات الدراسة بالجامعة جمال خليفة، مروراً بيسري فودة مراسل quot;الجزيرةquot;، وريتشارد كلارك رئيس شعبة مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، وغيرهم ليقدم - كما يقول - رؤية تحليلية شاملة ودقيقة حول الأحداث الكارثية التي زلزلت أمريكا صبيحة يوم 11 سبتمبر. ولمعرفة كيف تحولت هذه الجماعة من تنظيم مقاوم للاحتلال السوفيتي لأفغانستان إلى تكفيريين يتخذون مساراً دموياً، وكيف دفع ذلك من كانوا أصدقاء لـquot;بن لادنquot; إلى أن يتحولوا إلى أعداء له.
ويقول رايت إن كتابه ليس مجرد وصف مفصل للأحداث، التي أدت إلى هجمات سبتمبر، وإنما تحليل لشخصيات ساهمت في صنع الحدث، يمكن أن تكون مادة حية لأبطال أي عمل روائي يحلم به كاتب أو قصاص.



لورانس رايت وكتابه




نهاية وليست بداية

ويبدأ رايت كتابه قائلاً: عندما قاد محمد عطا وأربعة سعوديين البوينج 767 ليهاجموا بها البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي في نيويورك، قبل 5 سنوات، بدأت قصة مازالت تستحوذ على اهتمامنا حتى بعد مرور كل هذه السنوات، ولكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لم تكن بداية قصة، وإنما نهاية قصة، أو سياقاً درامياً لقصة بدأت قبل سنوات طويلة، في مناطق مختلفة من العالم، في ضواحي القاهرة، في مساجد هامبورج، في جدة، في إسلام أباد، وفي كولومبيا وأماكن أخرى.

ويقول إن هذه القصة بدأت منذ لحظة صعود سيد قطب إلى ظهر المركب، في الأربعينات من القرن الماضي، في طريقه إلى الولايات المتحدة للدراسة، حيث عاد منها أباً روحياً لجميع الحركات الإسلامية، بعد أن أصبح أكثر راديكالية وتطرفاً بعد إقامته في أمريكا. وقبل أن تساهم سنوات سجنه ثم إعدامه، في تتويجه شهيداً وبطلا لهذه الحركات.

ويروي رايت - من وجهة نظره - كيف تحول سيد قطب من شاب متفتح ومنفتح على العالم، إلى انغلاقي على ذاته، ومن مثقف ينتمي لتيار الحداثة وابن من أبناء المدنية إلى مسلم متشدد ثم متطرف ليتخذ - فيما بعد - من أمريكا عدوا ينبغي على المسلمين قتاله، ويقول إن رسائله التي بعث بها من هناك لأصدقائه كانت تكشف عن كراهية لا حد لها للأمريكيين، نفس الكراهية التي تأثر بها بن لادن والظواهري ومحمد عطا وغيرهم.

ويرسم رايت صورة لسيد قطب تعبر عن ازدواج شخصيته حيث كان - كما يقول - يعشق النساء ويمقتهن في نفس الوقت، ونقل رايت عن سيد قطب - محاولاً إثبات وجهة نظره - ما قاله في وصف فتاة أمريكية في رسالته لصديق مصري - وقتذاك - حصل على صورة منها: quot;فتاة تنظر إليك كما لو كانت تغويك، تدغدغ مشاعرك وتزلزل كيانكquot;.

وبعد أن يقدم لشخصية سيد قطب والتحولات التي طرأت عليها عندما رأى - كما قال - النساء شبه العاريات ونوادي القمار والكنائس المتحررة،التي لا تختلف في رإيه عن بيوت الدعارة، يقول رايت: لم يمر وقت طويل على عودة قطب من أمريكا حتى بدأ الرجل في كتابة فتاواه التفصيلية التي تبيح قتل غير المسلمين، وشن الحرب على الغرب. وبعد سنوات، جاء تلامذته بن لادن والظواهري ومحمد عطا ورفاقهم متأثرين مثل معلمهم بنفس الأفكار التكفيرية ونفس الرغبة في قتال الغرب ونفس الازدواجية تجاه المرأة، حيث كانوا مثله يعشقونها ويمقتونها في نفس الوقت.

ويضيف رايت: quot;في الحقيقة، يستطيع أي شخص أقام مثلي لبعض الوقت في منطقة الشرق الأوسط أن يكتشف لدى الناس مثل هذه العواطف المشوهةquot;.

ويتابع المؤلف quot;هناك حادثتان أثرتا في سيد قطب أثناء وجوده في أمريكا وساهمتا في انضمامه للإخوان المسلمين وتبنيه للفكر المتطرف:

الأولى كما يقول وقعت في شهر فبراير عام 1949. وينقل رايت ما رواه قطب بنفسه عنها بقوله: quot;كنت مستلقيا فوق سريري في أحد مستشفيات أمريكا، فرأيت معالم الزينة وأنوار الكهرباء الملونة وألوان الموسيقى الغربية والرقصات، فرحت أتساءل: ما هذا العيد الذي أنتم فيه؟ فقالوا: اليوم قتل عدو النصرانية في الشرق، اليوم قتل حسن البناquot;.

ويقول رايت إن قطب كتب عن هذه الواقعة - بعد ذلك - قائلاً: quot;كانت هذه الحادثة كفيلة أن تهزني من أعماقي، حسن البنا يحتفل بمقتله داخل أمريكا، إذن لا بد أن يكون الرجل مخلصاً، وأن تكون دعوته خطيرة، ترتجف لسماعها أوصال الغرب هلعا واضطراباquot;.

وأما الحادثة الثانية والتي نقلها رايت أيضاً مما نشر على لسان قطب فقد وقعت في بيت مدير المخابرات البريطاني في أمريكا، إذ كانت السفارات الغربية تتسابق في إلقاء شباكها لاصطياد الطلاب العرب لتجنيدهم لخدمة مصالحها في بلادهم، وكان هو كاتب معروف من مصر، فدعاه مدير المخابرات البريطاني إلى بيته، وينقل رايت عن قطب قوله: استرعى انتباهي أمران: الأول: أن هذا البريطاني يسمي أبناءه بأسماء المسلمين، محمد وعلي وأحمد، والثاني وجود كتاب العدالة الاجتماعية لديه، وهو يعمل في ترجمته، وهو النسخة الثانية في أمريكا إذ إن الأولى كانت معي بعد أن بعث بها شقيقي محمد قطب، ثم بدأ الحديث عن أحوال الشرق وما ينتظره من مستقبل وأحداث، وتأخذ جماعة الإخوان المسلمين في مصر القسط الوافر من الحديث، ويعرض علي الرجل تقارير مفصلة عن نشاط الجماعة وعن تحركات البنا وخطبه منذ أن كانت الجماعة ستة في الإسماعيلية حتى سنة 1949، تفصيلات تؤكد أنهم قد سخروا أجهزة وأموالاً لتتبع نشاط الإخوان وحركاتهم وسكناتهم ورصدوا لذلك أموالا ورجالا خوفا من الإسلام، وعقب البريطاني قائلا: إذا قدر ونجحت حركة الإخوان في استلام حكم مصر فلن تتقدم مصر أبدا، وسيحولون بعقليتهم المتخلفة بين الحضارة الغربية، وستقف عقلياتهم المتحجرة دون تطور الشعب والأرض، ثم قال: ونحن نأمل من الشباب المتعلمين أمثالك ألا يمكنوا هؤلاء من الوصول إلى سدة الحكم. يقول سيد: quot;قلت في نفسي الآن حصحص الحق، وأيقنت أن هذه الجماعة على الحق المبين، ولم يبق لي عذر عند الله إن لم أتبعها، فهذه أمريكا ترقص على جمجمة البنا، وهذه بريطانيا تسخر أجهزتها وأقلام مخابراتها - حتى داخل أمريكا - لمحاربة الإخوان المسلمينquot;.

وينقل رايت عن قطب ما كتبه بعد سرد هاتين الواقعتين: فصممت في قرارة نفسي أن أنضم إلى الإخوان حتى قبل خروجي من منزل مدير المخابرات البريطاني.

ويقول رايت إن قطب عبر عن عدائه للغرب، واعتباره جوهر الصراع معه دينياً صليبياً، وليس صراعاً اقتصادياً أو سياسياً، في كتابه quot; العدالة الاجتماعية في الإسلامquot;.

ناقلاً قول سيد قطب ورإيه في الأمريكيين: quot;هؤلاء تسيطر عليهم الرغبة في الحرب، وتتحكمهم شهوة الحرب في أفرادهمquot;.

ويحدد رايت ما أسماها جذور الميليشيات الإسلامية في quot;الغضبquot; وquot;معاداة الاعتدال والوسطيةquot; وquot;تبرير القتلquot; وquot;شعور زائف بالإذلال والاضطهادquot;. ويتجنى رايت على الإسلام كدين ويقول: لقد لعب الإسلام دوراً في هذا بنظرته الدونية والمتغطرسة لبقية سكان العالم من غير المسلمينquot;. ويقول رايت إنه سواء أكان أفراد الميليشيات الإسلامية ينحدرون من طبقة متوسطة أو طبقة أعلى، فهم إما متدينون متطرفون أوquot;عقائديون هواةquot;، وهو الوصف الذي يطلقه رايت على بن لادن ورفاقه الذين يقول إنهم ينحدرون من مجتمعات تمتهن كرامتهم وتجعلهم لا يثقون في أن هناك مستقبلاً ينتظرهم. ويقدم لهم الإسلام بديلاً يتمثل في استعادة الكرامة بقتل الآخر والموت شهداء ويعدهم بالجنة.

ويقول رايت: كان محمد عطا ورفاقه يحملون هذه المشاعر بقوة وهم يعيشون في الغرب، وإنه مهما تباينت دوافعهم إلا أنهم كانوا جميعاً يشتركون في إيمانهم بأن الإسلام quot; في صورته المتطرفة، والذي لا يعرف الوسطية أو الحلول الوسط، هو القادر على تضميد جراح أمتهم، التي فشلت القومية العربية في تضميدها. فقد كانوا ناقمين، ولكنهم عاجزون في بلادهم الأصلية، ولم يكونوا ينظرون إلى أنفسهم كإرهابيين، وإنما كثوريين مثل جميع الثوار على مر التاريخ، الذين ينطلقون في عملياتهم، بدافع حاجة إنسانية بسيطة هي تحقيق العدالة. فقد تعرض بعضهم لقمع وحشي وتم استدراج بعضهم للقيام بعمليات دموية.

هكذا بدأت اللعبة

ويقول رايت: إن هذه القصة وبكلمات بسيطة هي قصة حول الطريقة التي خرجت بها جماعة صغيرة من الرجال، من حضارة تترنح، حاملة خليطاً مرعباً من الأوهام والحسابات المغلوطة، لكي تشن هجوماً كارثياً على القوة العظمى في العالم، وكيف كانت جماعة أخرى تضم رجالاً ونساءً (المخابرات الأمريكية ) مقتنعة بأن مثل هذا الهجوم كان سيقع حتماً، ولكنها لم تفعل شيئاً للحيلولة دون وقوعه.
ويقول رايت: إنه منذ بداية القاعدة كانت هناك شخصيات إصلاحية كما كانت هناك ميليشيات مسلحة ويرفض كل طرف مجرد فكرة التصالح مع الآخر، لكن ومع تسارع وتيرة الأحداث - بقوة - لم يعد هناك مكان للإصلاحيين.

ويقول رايت: إن القاعدة لم تكن فعلاً تخطط لهجمات 11 سبتمبر في ذلك التوقيت وكانت تضع مشروعها الطموح هذا على الرف لعدم عثورها بعد على مقاتلين مسلمين اعتادوا حياة الغرب ويقيمون في الولايات المتحدة. وإنه بمجرد ظهور محمد عطا في أفغانستان ومعه رمزي بن الشيبة وزياد الجراح ومروان الشيحي من ذوي التعليم الغربي، وقدموا أنفسهم للقيام بالمجزرة، بدأت اللعبة.
ثم ينتقل رايت للحديث بإسهاب عن شخصية جون أونيل وكيف أنه ضاق ذرعاً ببيروقراطية أجهزة الأمن الأمريكية وخاصة وكالة المخابرات المركزية quot;سي. آي. أيهquot; ومكتب التحقيقات الفدرالي quot;أف. بي. آيquot; ومجلس الأمن القومي الأمريكي، التي لم يأخذ مسؤولوها تحذيراته حول عزم تنظيم القاعدة شن هذه الهجمات مأخذ الجد وكيف أيقن أنه لم ولن يستطيع إقناعهم بأن التهديد حقيقي.

مشاجرة وسباب وشتائم

ويروي رايت كيف حاول عملاء quot;إف. بي. آيquot; دون جدوى تمرير معلومات إلى الإدارة الأمريكية حول الهجمات المحتملة للقاعدة، وكيف وصلت معلومات إلىquot; سي. آي. إيهquot; في شهر يناير عام 2000 بأن هناك مجموعة من أفراد القاعدة تخطط في ماليزيا لهجمات بالطائرات على أمريكا، دون أن تعير المسألة اهتماماً، وكيف أن اثنين من هذه المجموعة دخلوا بعد ذلك - وبمنتهى السهولة - الولايات المتحدة، ومن ثم أصبحا جزءاً من الفريق الذي قام باختطإف الطائرات المستخدمة في هجمات سبتمبر.

ويروي رايت كيف أدى انشغال هذه الأجهزة بالتصارع بينها عن تقاسم المعلومات الخطيرة التي حصل عليها عملاؤها.

ويكشف رايت - لأول مرة - عن مشاجرة عنيفة، وقعت بين مسؤوليquot; أف. بي. آيquot;، وأقرانهم من quot;سي. آي. إيهquot;، في اجتماع مشترك لهم في نيويورك في 11 يونيو2001، أي قبل 3 أشهر من الهجمات، وقال رايت نقلاً عن مصادر موثوق بها حضرت الاجتماع وقدم مسؤولوquot; إف. بي. آيquot; في الاجتماع صورتين لاثنين من مختطفي الطائرات، ولكنهم أكدوا عدم معرفتهم بمكان وجودهما. وقال هؤلاء المسؤولون لأقرانهم من quot;سي. آي. أيهquot; في الاجتماع نحن نعلم أن لديكم معلومات أيضاً فلماذا لا نجمع القطع التي لدينا ولديكم معاً؟ ويضيف رايت لكن مسؤولو quot;سي. آي. إيهquot; رفضوا وانتهى الاجتماع بمشاجرة عنيفة تبادلوا فيها السباب والشتائم.

وينتقل رايت بعد ذلك إلى شخصية علي سعفان عميل quot;إف.بي.آيquot;،الذي زرعوه في القاعدة، وتم استدعاؤه صبيحة يوم 12 سبتمبر للتعرف على صور وأسماء مختطفي الطائرات، والتي كانت - طوال الوقت - للأسف بحوزة الـquot; سي. آي. إيهquot; ولأكثر من عام ونصف، ولم تتحرك أو تشارك باقي الأجهزة فيها.

ويقول رايت إنه عندما توقفت المدمرة الأمريكية كول في ميناء عدن باليمن للتزود بالوقود في 12 أكتوبر عام 2000: quot;كان وجود عناصر القاعدة هناك معروفاً جيداً بالنسبة للأمريكيين. وكما جاء في شهادات لمسؤولين ومحللين عسكريين بوزارة الدفاع الأمريكية quot;البنتاجونquot; لم يتم تسجيلها وهم من أفراد quot;آبل دانجر بروجرامquot; البرنامج السري المسؤول عن تتبع القاعدة. ويقول رايت إن هؤلاء قالوا له: quot;لقد أبلغنا الجنرال بيتر شوماخر بأننا تمكنا من التعرف على 5 خلايا نشطة للقاعدة، إحداها في عدن وتستعد لمهاجمة قطع من أسطولنا البحري، كما رفعنا تقريراً إلى رئيس العمليات الخاصة - وقتذاك - بالبنتاجون، والذي يشغل الآن منصب رئيس أركان الجيش الأمريكي، وكذلك كبار مسؤولي المخابرات بالقيادة المركزية، التي تشرف على الأسطول الخامس، وتتبعها المدمرة كول quot;.

ويقول رايت إنه التقى بعض هؤلاء المسؤولين، الذين حذروا من تعرض كول لهجوم، وإنهم أبلغوه: نحن لا نعرف ماذا فعل مسؤولو البنتاجون بهذه المعلومات الخطيرة حتى الآن، ولكن من الواضح أن شيئاً من هذه المعلومات لم يتم تمريرها إلى قائد المدمرة كول كيرك ليبولدquot;. ويروي رايت مشهد الهجوم على كول، التي كانت ضحية لعدم اهتمام المسؤولين بما يصلهم من معلومات ومصرع 17 من بحارتها، كما حدث بالضبط، ولكن بصورة مكبرة وأكثر مأساوية ودموية في هجمات 11 سبتمبر.

فضيحة وراء فضيحة

وأكد رايت أنه أكتشف أيضاً أن الـ quot;سي. آي. إيهquot; حجبت معلومات مهمة عن مسؤولي الـquot; إف. بي. آيquot; أثناء مباشرتهم التحقيق في اليمن عقب الهجوم على كول، وأن الـ quot;سي. آي. إيهquot; - بصفة خاصة - عندما أكدت عدم علمها باجتماع إرهابي عقد في ماليزيا للتخطيط لضرب كول، وحضره اثنان من نشطاء القاعدة هما خالد المحضار ونوإف الحازمي، كما فشلت quot;سي. آي. إيهquot; في التصدي لكلا الرجلين اللذين كانا - فيما بعد - على متن الطائرات التي نفذت هجمات سبتمبر، ورغم علمها بأنهما يقيمان في لوس أنجلوس، والغريب أنها لم تشارك quot;إف. بي. آيquot; في هذه المعلومات.

ويقول رايت: كل أجراس الخطر قرعت، ولكن لم يتحرك أحد لمنع الهجمات وهنا السؤال لماذا؟ لماذا غض الطرف عن اثنين يعيشان بيننا في كاليفورنيا، ونعرف أنهما من القاعدة، ولم نفعل شيئاً ولو كانت الـ quot;سي. آي. إيهquot; قد مررت ما لديها من معلومات إلىquot; إف. بي. آيquot; لكنا قد منعنا الهجمات.

ويرد رايت بأنه يستطيع الآن أن يقدم الإجابة، التي لم يستطع أحد معرفتها - حتى الآن - ويقول إن مسؤولين سابقين كباراً في الـquot;سي. آي. إيهquot; كشفوا له أن السبب هو أن الوكالة كانت تمني النفس بتجنيد هذين الرجلين للعمل لحسابها، والتجسس على القاعدة، ومن هنا لم تستوقفهما، وبدلاً من ذلك، ظلت تحاول تجنيدهما وبدلاً من أن تختطفهما هي اختطفاها، ونفذا الهجمات.

ويكشف رايت عن أن هناك تقريراً سرياً حول فشل الـ quot;سي. آي. إيهquot; أعده عقب الهجمات المفتش العام لوزارة العدل الأمريكية، ويندى له الجبين، لما يتضمنه من معلومات خطيرة وأخطاء فادحة، تصل حد الجرائم، ارتكبها مسؤولو هذه الوكالة ولكن التقرير، الذي كان كفيلاً بمحاكمة مسؤوليها، لم يذع أو يكشف عنه حتى الآن رغم أن ما يتضمنه يفوق بصورة رهيبة ما جاء في تقرير الكونجرس الذي لا يعد شيئاً بالنسبة لتقرير وزارة العدل.

وقال رايت: لا يمكن استثناء مجلس الأمن القومي الأمريكي أيضاً من المسؤولية، فقد كان لديه الكثير الذي أخفاه عنquot; إف. بي. آي quot; فقد كانت عناصره تراقب مكالمات أفراد القاعدة التليفونية، بعد تفجير سفارتي أمريكا في إفريقيا، ومن بين الأرقام التي كانت تحت المراقبة رقم تلفون في اليمن كان بن لادن يتصل به قبل وبعد تفجير السفارتين. وكان هذا التلفون باسم زوج أم خالد المحضار. وتم تسجيل 8 مكالمات لبن لادن من كاليفورنيا على هذا الخط. ويقول رايت لو كان مجلس الأمن القومي الأمريكي قد تقاسم هذه المعلومات مع مكتب التحقيقات الفدرالي quot;إف. بي. آيquot; لكان مسؤولو المكتب قد حاصروا القاعدة ومنعوا الهجمات.

سباق غير متكافئ

ويقول رايت: يقولون إن كل بيروقراطية تخلق ثقافتها الخاصة وإنها تأكل أطفالها وهذا ما حدث معنا، ومن ناحية أخرى سنجد أن القاعدة ليست بناء هشاً أوعشوائياً كما كان الحال مع مخابراتنا، فقد كانت الهجمات سباقاً بين تنظيم منضبط ومنظم وأجهزة مترددة وسلبية، فعلاً لقد كانت هجمات 11 سبتمبر عنواناً عريضاً لعدم الفهم وعدم الوعي من جانبنا كأمريكيينquot;.