الثلاثاء: 2006.09.12

توم لانتوس خلال إجراء الحوار
ماريكا فان دير مير ـ إذاعة هولندا العالمية
ترجمة: عبد المنعم درار
مشهد متكرر غالبا ما نراه في ذكرى أحداث الحادي عشر من سبتمبر, وهو تعاطف العالم أجمع ـ وبالطبع أوروبا ـ مع الولايات المتحدة, في ذكرى ذلك الهجوم. لكن الولايات المتحدة تبدد تعاطف الناس معها بمواصلتها الحرب في العراق ، بناء على قرار أحادي الجانب. وقد نجمت ـ عن الخلاف حول كيفية التعامل مع الإرهاب ـ انقسامات خطيرة بين أوروبا والولايات المتحدة,بل وداخل أوروبا نفسها, في الخمسة أعوام التي مضت منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.
قائد سياسي واحد هو الذي يمكنه التعليق على هذا التطور من المنظور الأميركي، إنه quot;توم لانتوسquot; ـ عضو رفيع المستوى من كاليفورنيا بالكونجرس الأميركي, وأحد الأعضاء البارزين في لجنة العلاقات الدولية التابعة لمجلس النواب الأميركي.
ولد quot;لانتوسquot; في مدينة بودابست, وهو الناجي الوحيد من محرقة اليهود الكبري (الهولوكوست) الذي عمل بالكونجرس، كما أنه أحد منتقدي جوانب السياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ أحداث 11 سبتمبر, وقد انضم للزعماء الديمقراطيين في دعوتهم إلى انسحاب القوات الأميركية من العراق بنهاية العام الجاري، إلا أنه في الوقت ذاته, يشعر بأن الانتقاد الأوروبي للحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الإرهاب لا يعكس إلا الجحود، وعدم المسؤولية بل والحماقة الكبرى.
وقد أجرت quot;ماريكا فان دير مير حوارا مع عضو الكونجرس quot;لانتوسquot; في الكابيتال هال:
ماريكا فان دير مير: quot;ما الذي تغير في العلاقات الأوروبية الأميركية خلال الخمسة أعوام الماضية، منذ أحداث 11 سبتمبر؟quot;
quot;توم لانتوسquot; :quot;حسنا, إن التغيرات التي حدثت للعلاقات الأميركية الأوروبية ليست إيجابية كثيرا للأسف.
وبينما جرت العادة على القول بأن هذه التغيرات نتجت عن السياسات الأميركية, فإنني أختلف تماما؛ فلولا العمل البطولي الذي أظهره الجيش الأميركي, لأصبحت هولندا اليوم إقليما تابعا لألمانيا النازية أو امتدادا للاتحاد السوفيتي. ونحن في الولايات المتحدة ـ ممن يفهمون العلاقات الأوروبية الأمريكية في سياقها التاريخي ـ مندهشون من مدى جحود الأوروبيين, بالرغم من إدراكنا الكامل لأخطاء السياسة الأميركية وأساليبها وتوجهاتها كأمور تستحق الانتقادquot;.
quot;دعيني أقدم لكِ مثالا: منذ وقت ليس ببعيد, سرني التحدث إلى جماعة ألمانية ذات نفوذ وسألتها: quot;ماذا فعلنا من أجلكم في الفترة الأخيرة؟quot;, ثم أجبت على سؤالي الإنشائي هذا قائلا: quot;لقد أنقذناكم من براثن التاريخ, ثم قمنا بتنفيذ خطة المارشال ـ التي تعد بمثابة أكبر الأعمال الخيرية في تاريخ البشرية, وبعد ذلك قام الطيارون الأميركيون بعمل ثانوي يدعى الجسر الجوي ببرلين ضم (253 ألف طائرة), لإمداد أهالي برلين بالغذاء والدفء، وبعدئذ وفرنا لكم الحماية من الاتحاد السوفيتي على مدى جيلين, ثم يسرنا عملية إعادة توحيد كل من ألمانيا الشرقية والغربية، ليس هذا سجلا سيئاquot;.
quot;... ليست الولايات المتحدة هي المسئولة عن المكافحة العالمية للإرهاب الإسلامي. إنها مسئولية العالم المتحضر؛ لكي يدرك أننا في حاجة إلى الاقتراب من بعضنا البعض.نحن نحتاج إلى أن نكون أكثر فهما لبعضنا البعض, لكن المهام البشعة والصعبة لن تباشرها الولايات المتحدة وحدها, ولقد سُرِرْت بتولي حلف الناتو المسئولية في أفغانستانquot;.
ماريكا فان دير مير: quot;لكن قدر كبير من المعارضة الأوروبية للتعاون مع الولايات المتحدة في الحرب في العراق، وتأييدها سبب شكوك مماثلة أبداها الكثير من الأميركيين بما فيهم عضو مثلك بالكونجرسquot;.
توم لانتوس: quot;ننتقد جميعا هذه الحرب، سواء الشروع فيها أو إدارتها وإن كنا نتفاوت في ذلك. ما نراه هو أن استطلاعات الرأي العام تظهر زيادة شعبية كوريا الجنوبية وإيران في بعض الدول الأوروبية عن الولايات المتحدة, وهو أمر أقرب للحماقة. ولدي عدد هائل من الأصدقاء الأوروبيين في القارة كلها, والذين يعترفون صراحةً في مناقشاتي معهم أنها حماقة، إلا أن هذا ما تظهره استطلاعات الرأي العامquot;.
quot;والصين ـ تلك الديكتاتورية الشيوعية التي لا تراعي حقوق الإنسان ـ تحظى بشعبية في أوروبا أكثر من الولايات المتحدة, وإيران ـ أيضا ـ تتمتع بشعبية أكبر من الولايات المتحدة. يرغب المرء منا في سكب بعض المياه الباردة على وجوه بعض الأوربيين قائلا: quot;أيها الأوربيون! استيقظوا؛ لأننا بصدد حقيقة والأمر خطير فلسنا من فجرنا القطارات في مدينة مدريد أو الحافلات في لندن, ولسنا من نرغب في تفجير عشرة طائرات تتجه من لندن ونيويورك. إنه ـ في الواقع ـ الإرهاب الإسلامي, ونحن في هذا كله على قلب رجل واحدquot;.
ماريكا فان دير مير: quot;إذا استعاد الحزب الديمقراطي هيمنته على الكونجرس بعد الانتخابات نصف السنوية في نوفمبر المقبل, هل تعتقد أن بإمكانه تحسين العلاقات بين أميركا وأوروبا؟quot;

توم لانتوس: quot;حسنا, لدي إجابتان على هذا السؤال: أعتقد أن لدينا فرصة جيدة للهيمنة على مجلس النواب, فضلا عن أن هناك فرصة أقل نوعا ما لتحقيق أغلبية في مجلس الشيوخ, وهذا سيسعد أوروبا كلها، إلا أن هذه السعادة لن تدوم طويلا؛ وذلك لأنه في الوقت الذي ربما يتحسن فيه أسلوبنا ويزداد فيه إعجابنا وتقديرنا للأوربيين في المقام الأول, فإن هناك إجماعا هائلا في الكونجرس وفي البلاد أن الإرهاب الإسلامي المتعصب هو تهديد عالمي, الأمر الذي يشعر به الديمقراطيون بقوة مثلما يشعر به الجمهوريون تماماquot;.
ماريكا فان دي مير: quot;ألم تقدم أوروبا إسهاما رئيسيا في تشكيل قوات حفظ السلام، والتأكيد على أهمية الدبلوماسية, علاوة على فوزها بقلوب وعقول مواطنينا المسلمين, بدلا من المزيد من المواجهة باستخدام الوسائل العسكرية؟quot;
توم لانتوس: quot;سؤالك يعكس التغطرس الفكري للأوربيين،ونحن ندرك قيمة الدبلوماسية, وقيمة السلام, وندرك أيضا أننا بصدد مشكلات غاية في التعقيد. وحتى المشكلات الثانوية مثل مشكلة البلقان, لم يستطع الأوربيون حلها إلا بعد تدخل الجيش الأميركي فيهاquot;.
quot;لا أريد أن أنتقد الهولنديين, لكن القوات الهولندية لم تؤدي مهمتها على أكمل وجه, كما تذكرين؛ لذا ينبغي على الأوربيين أن يدركوا أن هناك الآن 415 مليونا منهم في الاتحاد الأوروبي. لقد كنت مؤيدا لهذا الاتحاد منذ يومه الأول, فهو قوة اقتصادية وسياسية وثقافية هائلة, لكنه لا بد وأن يكون ذو قوة مادية أيضا, على الأقل مثل قوتنا، ولكنه ليس كذلك الآنquot;.











التعليقات