باكستان تهادن laquo;طالبانraquo;..
القادة البارزون في تنظيم laquo;القاعدةraquo; اغرقوا فضائية laquo;الجزيرةraquo; برسائل صوتية ومصورة في الذكرى الخامسة لعملية 11 سبتمبر الارهابية في نيويورك وواشنطن، وهي العملية التي اطلقت laquo;القاعدةraquo; عالميا، مذكرين المجتمع الدولي بأن القوة العسكرية الاولى في العالم فشلت حتى الآن في القبض على اي من المطلوبين منهم. وصل هذا الاغراق الى اوجه في رسالة ايمن الظواهري الرجل الثاني في التنظيم بمناسبة هذه الذكرى.
اشار الظواهري الى ان عمليات laquo;القاعدةraquo; ستركز من الآن فصاعداً على منطقتي الخليج واسرائيل. وقطر دولة خليجية وفيها قاعدتان للقوات الأميركية، وليس معروفاً ما إذا كان بث فضائية laquo;الجزيرةraquo; للرسالة انطلاقاً من مبدأ احترام حرية الرأي، أو كان ترضية للظواهري. وبالطبع أحب الظواهري الا يفّوت فرصة الاطلالة على لبنان، فهو دعا اللبنانيين laquo;مشكوراًraquo; الى رفض القرار 1701 لأنه يعترف بإسرائيل: laquo;ويعزل مجاهدينا في فلسطين عن المسلمين في لبنان. وهذا يكرسه وجود القوات الدولية المعادية للاسلامraquo; مع العلم ان احد الاسلاميين قال: ان laquo;القاعدةraquo; لن تنشغل في لبنان وفلسطين laquo;فالجهاد قائم فيهماraquo;.
المهم، انه كلما اطل الظواهري، تذكّر الناس اسامة بن لادن، وهو ظهر في فيديو مطول (92 دقيقة) بثته laquo;الجزيرةraquo; قبل الذكرى الخامسة لعمليات 11 سبتمبر الارهابية، وفيه يظهر بن لادن الى جانب منفذي تلك العمليات وآخرين. وقال احد المتتبعين للتطورات التي حلت بتنظيم laquo;المقاعدةraquo;: laquo;مع بقائه رمزاً للقتال ضد الغرب، فإن بن لادن لم يعد القائد الفعلي لعمليات laquo;القاعدةraquo;، لقد تجاوزه في القيادة زعيم laquo;طالبانraquo; الملا عمرraquo;.
ثم ان laquo;القاعدةraquo; بعد عمليات 11 سبتمبر بالتحديد، والحصار المالي الذي تعرضت له، والاعتقالات التي طالت الكثير من قيادييها الذين كانوا قادرين على التنقل، تحولت الى تجمع للجهاديين الذين يطلبون الجهاد في العراق وفي افغانستان. ويقول العارفون انه من الخطأ القول ان laquo;القاعدةraquo; تبخرت في الهواء، انها لا تزال نشطة لكن حدة الاحداث عدلت من هيكليتها واصبحت اليوم جزءاً من النشاط الجهادي السائد، والامل الاقصى للحركة الجهادية هو في اعلان الجهاد من خورسان في افغانستان الى القدس.
منذ 2001، لجأ كبار قادة laquo;القاعدةraquo; بعد خروجهم من افغانستان الى الحدود الباكستانية، ويقول العارف بتطورات laquo;القاعدةraquo;: انه لم يعد يُسمع عن نشاط بن لادن، لكن نائبه الظواهري نشط ويتحرك في المنطقة، وهو المحرك للكثير من الانشطة حتى خارج افغانستان. ويضيف: لم تعد قيادة laquo;القاعدةraquo; كما كانت قبل عمليات 11 سبتمبر، اذ أن العرب المقاتلين يصلون ويتوجهون مباشرة الى افغانستان تحت امرة عدد من قادة laquo;طالبانraquo;، وكل المقاتلين العرب يقدمون ولاءهم للملا عمر.
ويكشف محدثي: ان laquo;الشيخraquo; (بن لادن) لم يعد لديه اي مال، والعرب الذين يصلون يستضيفهم ابناء نورستان. لقد ظل laquo;الشيخraquo; يبدل محل اقامته، صرف المال على رجاله واعوانه وكذلك على أمنه. وظلت الموارد المالية تشح تدريجياً حتى نضبت. وهذا دفع المقاتلين العرب كي يتوزعوا، وأدى بـlaquo;القاعدةraquo; الى التحول باتجاه النشاط الجهادي السائد في القتال ضد قوات التحالف في افغانستان والعراق، وهذا التحول الاساسي يشكل خطراً على تنظيم laquo;القاعدةraquo; وعلى بعض الدول الاسلامية.
ان عمليات 11 سبتبمر هي التي ركزت انظار العالم على laquo;القاعدةraquo;. كانت تلك العمليات جيدة التخطيط ونفذها ربما ابرز اعضاء التنظيم، وكانت ذروة الهجمات. لحقتها بالطبع تفجيرات مدريد ولندن وقبلهما بالي، انما بقي التأثير الأكبر لعمليات نيويورك وواشنطن.
لقد استهدف بن لادن والظواهري النظامين السعودي والمصري، فالاول استفظع ان تطلب المملكة مساعدة الولايات المتحدة لرد الغزو العراقي للكويت عام 1990، بدل ان تستعين به وبقواته من المجاهدين العرب الذين دربهم في افغانستان. والثاني يحلم منذ شبابه بقلب النظام المصري. وبعد تنسيق عملهما معاً، ونجاحهما الساحق في هجمات 11 سبتبمبر، صار لـlaquo;القاعدةraquo; وقع يخيف الكثيرين. لكن laquo;القاعدةraquo; لم تنجح في قطع العلاقات ما بين واشنطن من جهة والرياض والقاهرة من جهة اخرى، كما انها لم تنجح في اسقاط النظامين، لكنها نجحت في تحريك خلايا محلية للقيام بهجمات داخل كل من الدولتين، لكن رغم قساوة العمليات المحلية التي تقوم بها خلايا laquo;القاعدةraquo;، فإنها لم تدفع اياً من الحكومتين الى تغيير سياستها الاستراتيجية، عكس ما أدت اليه عمليات 11 سبتمبر.
الخوف الآن من ان يعيد التاريخ نفسه وفي باكستان وافغانستان بالذات، اذ قررت الحكومة الباكستانية العودة الى معادلة ما قبل 11 سبتمبر وذلك من خلال laquo;الهدنةraquo; التي اتفقت عليها مع laquo;طالبان باكستانraquo;، وتنص هذه على ان تغلق الحكومة عينيها عن نشاطات المجموعات المتحالفة مع laquo;القاعدةraquo; وlaquo;طالبانraquo; في افغانستان، وتضمنت اتفاقية الهدنة الجديد بألا تعتقل الحكومة الباكستانية عناصر رئيسية من laquo;القاعدةraquo; وتطلق سراح المعتقلين. واثر هذا الاتفاق وافقت باكستان يوم الثلاثاء في الخامس من الشهر الجاري على سحب قواتها من مناطق وزيرزستان المتاخمة للحدود الافغانية، مقابل تعهد من زعماء القبائل بوقف هجمات laquo;طالبان باكستانraquo; عبر الحدود. اهم ما في هذا الاتفاق، تعهد باكستان بعدم اعتقال ابرز المطلوبين عالمياً، من بن لادن، الى الظواهري الى الملا عمر، وكذلك لن تقترب من الباكستانيين سعود ميمون (صاحب المنزل الذي عُذب وقُتل ودفن فيه الصحفي الاميركي دانييل بيرل) من الوول ستريت جورنال) عام 2002)، وابراهيم شوتو، كما انها ستطلق سراح غلام مصطفى زعيم laquo;القاعدةraquo; في باكستان، وكان من المقربين من بن لادن، ولديه معلومات دقيقة عن سلاح وتمويل وعلاقة laquo;القاعدةraquo; بالمؤسسة العسكرية الباكستانية.
ويقول محدثي المتابع لتطورات اوضاع laquo;القاعدةraquo;، انه بعد عمليات 11 سبتمبر، تم ابلاغ كل التنظيمات الجهادية في باكستان بعدم القيام بأي نشاط والتزام الصمت. لكن بعض هذه التنظيمات عجز عن الالتزام، وسبب مشاكل للسلطات مما وفر للاميركيين فرصة التدخل في باكستان وكذلك الى اعتقال حوالي 700 من جهاديي laquo;القاعدةraquo;. أما الآن فقد تغير الوضع خصوصاً بعدما بدأت المشاكل في مقاطعة بلوشستان اثر قتل قوات الامن الباكستانية الزعيم البلوشي نواب اكبر بوغتي.
ويقول محدثي، ان الذي اقلق اسلام اباد هو مقال نشر في صحيفة القوات المسلحة الاميركية الشهر الماضي، جاء فيه ان اربع دول في الشرق الاوسط ستخضع حدودها لتعديلات جذرية، بينها باكستان. ووصف المقال دولتين منهما بـlaquo;غير طبيعيتينraquo; احداهما باكستان. واشار المقال الى ضرورة اقامة laquo;دولة كردية مستقلةraquo; تمتد من دياربكر شرق تركيا مرورا بتبريز ايران، على ان تكون الدولة الاكثر ولاء للغرب ما بين بلغاريا واليابان.
وتراقب اسلام اباد الوضع المتردي في افغانستان، وترى ان حركة laquo;طالبانraquo; تسيطر على اغلب المناطق الجنوبية ـ الغربية، وبلغها ان الملا عمر قد يعلن قريباً احياء امارة افغانستان الاسلامية، وبمجرد هذا الاعلان ستتركز الهجمات على كابول. laquo;طالبان باكستانraquo; سيطروا على وزيرزستان، وقبائل تلك المنطقة تحتضن laquo;القاعدةraquo;، لذلك، كما يقول محدثي، فضلت اسلام اباد اعتماد سياسة خارجية اكثر استقلالية، وفضلت التنسيق مع laquo;طالبانهاraquo; والتحالف مع laquo;طالبان افغانستانraquo; التي قد تصبح من جديد مربعاً لها..
التعليقات