جيم هوغلاند - واشنطن بوست


يشعر القادة العسكريون الأميركيون بالقلق من تحول الحرب في أفغانستان إلى laquo;حرب منسيةraquo; مع انتقالها إلى الظل بسبب ما يدور من أحداث أكثر دموية وضراوة في العراق. لكنهم مرتاحون نسبيا من غياب الأضواء عليهم في أفغانستان: فهم بحاجة إلى وقت وسيكرسون أي فترة لازمة لتحقيق الأهداف المرجوة هناك.

لا يتحدد التحدي الأكبر الذي تواجهه قوات حلف الأطلسي في أفغانستان في ميادين القتال بل هو في بناء الثقة مع القبائل المقيمة في الأرياف وسكان المدن النائية. فالحكومات الغربية ستبقى معنية وبدرجة عالية في أفغانستان خلال الخمس عشرة سنة المقبلة أو أطول من ذلك. وإذا كان الأفغان غير مصدقين ذلك فإنهم لن يجازفوا في المشاركة بالتغيير السياسي والاجتماعي الواسع المطلوب تحقيقه اليوم.

وهذا باللغة الرسمية يعني laquo;دفع الأجل النهائي للبقاء هناك إلى نقطة أبعدraquo;. ويعني أن على واشنطن وعواصم الدول المشاركة في حلف الأطلسي أن تقبل بأنها توفر حضورا عسكريا طويل الأمد مع تحقيق تمويل لتنمية مهمة في أفغانستان باعتبار ذلك روتينا واستراتيجية أكثر منه حالة عسكرية مؤقتة.

فإنْ يكن الواقع هناك laquo;منسياraquo; ضمن هذا السياق يعني أن العسكريين في وضع أفضل من العراق لما يثيره الأخير من نقاش. وفيما إذا كان البيت الأبيض راغبا بالاعتراف أو عدم الاعتراف بأن خصوصيات العراق قد غيرت استراتيجية بوش لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، أو الدخول في حرب ضد الإرهاب في الخارج بدلا من أن تكون على أراض أميركية، أصبح النزاع هناك حربا مع الخصائص العراقية أكثر منه صراعا مجردا حول أهداف ومبادئ أكبر. من جانب آخر عكس الوضع في أفغانستان نتائج وديناميكيات شبكات الإرهاب laquo;الجهاديةraquo; ومؤيديها في دولة إسلامية فاشلة. وبجعل الالتزام الطويل في أفغانستان مسألة روتينية تتطلب أن يقوم الكونغرس بإعادة تشكيل الأسبقيات المالية القديمة التي تستنزف جهود الولايات المتحدة في مشاريع تطوير وإعادة إعمار. وعلى الأوروبيين أن يمولوا قوات العمليات الخاصة التي هي اليوم ذات تسليح ضعيف في مواجهتها للمتمردين. وهناك حاجة ماسة لكلا التغييرين.

يقول الجنرال كارل آيكنبري، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، غالبا للعاملين تحت إمرته :laquo;أروني أين ينتهي الطرف وأنا سأريكم أين يبدأ أتباع طالبانraquo;. لكن بينما تنفق الولايات المتحدة 10 مليارات دولار لتغطية نفقات 20 ألف جندي هناك نجد الكونغرس يقوم من وقت إلى آخر برفض مقاربات خلاقة لتحقيق التطور والحفاظ على السلم اللذين يكلفان أقل من ذلك. ينظر الى قرارات الناتو الأخيرة القاضية بوضع آلاف عدة من الجنود في مناطق الحرب الأكثر سخونة في البلاد، ينظر اليها من جانب مسؤولين أميركيين باعتبارها دلائل واعدة على المواقف المتغيرة في أوروبا. وللناتو الان 20 ألفا من القوات في أفغانستان تعمل تحت قيادة جنرال بريطاني.

ويقول ضابط اميركي كبير انه laquo;اذ يأتي قادة جدد فانهم يرون الحاجة الى تشييد جسور ومدارس والاهتمام بالتنمية وإبعاد طالبان. ويتوقف ذلك على الدول المساهمة في التنميةraquo;.

والى ذلك بات تحقيق الآمال مهمة رئيسية بالنسبة للولايات المتحدة وكندا والدول الأوروبية في الناتو وحكومة الرئيس حميد كرزاي المحاصرة. وقد يكمن التحدي الأفغاني الأعظم في حقيقة ان التقدم الذي حققته سنوات خمس من المشاركة الغربية يثير مقاومة ضارية في مجتمع اسلامي مقيد بتقاليد ويعاني من الفقر.

وقد ارتفع عدد البنات في المدارس الابتدائية والثانوية من الصفر الى المليونين في تلك السنوات الخمس. وهذا انجاز مذهل، ولا ريب انه أداة تجنيد كبيرة بالنسبة لطالبان ذلك انها تسعى الى تعميم نسختها من الاسلام التي تتميز بكراهيتها للنساء والتي ساعدت على ربطها بـlaquo;القاعدةraquo;.

ولهذا السبب يتمتع laquo;التقدم في الاطار الزمنيraquo; بالأهمية، وفقط عندما يصبح جليا للأفغان بأن التغيرات التي أحدثتها الاطاحة بطالبان ستصوغ خياراتهم خلال عقد من الآن اذا ما التزموا بإقامة مجتمع أكثر تسامحا. وهذا صحيح على نطاق واسع عبر الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

ومن هنا فافغانستان انتهت الى أن لا تكون نموذجا لشن الحرب على الارهاب. فالنجاح السريع الذي حققته القوات الأميركية في خريف عام 2001 ضلل القادة العسكريين ورؤساءهم المدنيين حول ما يمكن أن يحدث في العراق، فيما لم تكن الحملة السريعة عام 2001 نموذجا لما يمكن ان يحدث في افغانستان. فللولايات المتحدة قوات هناك هي الان أكثر مما في أي وقت من اوقات النزاع.

وأخيرا فالشاهد أن الكيفية التي تجري بها مكافحة التمرد على المدى البعيد في أفغانستان، ستقدم مؤشرا على نتيجة الصراع الأوسع ضد التطرف الجهادي. فالصراع هناك يحتاج الى موارد، ويحتاج الى وقت، ويحتاج الى ان لا ينسى أبدا.