4 يناير 2007
خيرالله خيرالله
تبدأ السنة 2007 ولبنان يتعرّض لأشرس هجمة في تاريخه. الهدف واضح. لا مجال لأخذ ورد طويلين في شأنه. المطلوب تغطية جريمة أغتيال رفيق الحريري والجرائم التي سبقتها والتي تبعتها وآخرها جريمة أغتيال بيار أمين الجميّل. تكون التغطية بأعلان لبنان دولة فاشلة غير قادرة على حكم نفسها بنفسها وذلك من أجل الحؤول دون أخذ التحقيق مجراه ألى النهاية من جهة ومن أجل منع قيام المحكمة ذات الطابع الدولي من جهة أخرى. هذا بكل بساطة التحدي الذي يواجه لبنان في هذه المرحلة من تاريخه. المطلوب ألغاء البلد الصغير عن طريق أثبات أنّه غير قابل للحياة ألاّ بصفة كونه quot;ساحةquot; للمحور الأيراني- السوري الساعي ألى صفقات مع أميركا واسرائيل على حسابه وحساب أبنائه.
لو لم يكن الأمر على هذا النحو، لما كان quot;حزب اللهquot; أعلن عن احتلاله وسط بيروت مستكملاً العملية الهمجية الأسرائيلية التي تعرّض لها لبنان الصيف الماضي. ما الهدف من أحتلال وسط بيروت؟ الجواب من شقّين أولّهما أبلاغ العالم والعرب أن حرمان المحور الأيراني- السوري من أستخدام جبهة جنوب لبنان نتيجة صدور القرار الرقم 1701 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لا يعني أنه سيقبل بالأمر الواقع. على العكس من ذلك، ان أغلاق جبهة الجنوب التي حرمت النظام الأيراني من أن يكون على تماس مباشر مع أسرائيل والنظام السوري من تحريك الوضع فيه تعويضاً عن عجزه الواضح عن الأقدام على أي شيء في الجولان بأستثناء تكريس وقف النار، حمل quot;حزب اللهquot; على توجيه سلاحه ألى اللبنانيين...
يبدو مطلوباً خطف العاصمة وجعلها رهينة للمحور الأيراني- السوري لأظهار أن هناك ردّاً على خطوة المجتمع الدولي أغلاق جبهة الجنوب. أما الشق الآخر من الجواب على السؤال المتعلّق بالهدف من أحتلال وسط بيروت، فهو مرتبط مباشرة بالتحقيق الدولي في جريمة أغتيال رفيق الحريري وبتشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي.
لم يفشل التصعيد الذي يقوده quot;حزب اللهquot; نيابة عن المحور الأيراني- السوري وبأسمه. لكنّ ألأكيد أن وجود أدوات صغيرة تستخدم في تغليف التصعيد الذي يتعرّض له قلب لبنان، لعبة مكشوفة لم تدم طويلاً، خصوصاً أن الرضيع يعرف أن لا وجود، في الوقت الراهن، لمعارضة ذات طابع وطني في لبنان. هناك بكلّ بساطة شيء أسمه quot;حزب اللهquot; يمتلك أجندة خاصة به مرتبطة مباشرة بالمحور الأيراني- السوري. كيف يمكن أن تكون هناك معارضة ذات طابع وطني عندما يكون الهدف الحقيقي للحرب على الحكومة تعطيل البلد والسعي ألى ألغائه، فضلاً بالطبع عن تهجير اللبنانيين، جميع اللبنانيين من جميع الفئات والطوائف والمذاهب والمناطق؟ أكثر من ذلك، كيف يمكن الحديث عن معارضة وطنية لها علاقة ما بلبنان واللبنانيين، متى كان الأمر يتعلّق بتعطيل الحياة في العاصمة وأسقاط الحكومة والذهاب ألى حدّ أيجاد فراغ على كل المستويات سياسياً وأقتصادياً؟ كيف يمكن للبناني على صلة بلبنان واللبنانين التحريض على الحكومة اللبنانية بعدما تحولت ألى الحصن الوحيد الصامد في وجه الذين يعملون على شطب لبنان من الخريطة وألحاقه بالمحور الأيراني- السوري؟
ولكن هل الوضع اللبناني ميؤوس منه؟ هل ينتصر quot;حزب اللهquot; على الدولة اللبنانية ممثّلة بالمؤسسة الصامدة المتمثلة بحكومة فؤاد السنيورة؟ بالطبع، يبدو الوضع في غاية الخطورة، خصوصاً أن النظام السوري والنظام الأيراني وquot;حزب اللهquot; في وضع لا يسمح لهم بتمرير التحقيق الدولي والمحكمة ذات الطابع الدولي في أيّ شكل من الأشكال. فالتحقيق في حدّ ذاته، والمحكمة، سيكشفان الكثير الكثير. سيكشفان خصوصاً أن سلسلة الجرائم التي تعرّض لها لبنان معروفة المصدر وأنّ هناك خيطاً غير رفيع يربط بينها كلّها.
سينتصر لبنان، على الرغم من شراسة الهجمة التي يتعرّض لها وعلى الرغم من خطورة أثارة الغرائز ذات الطابع المذهبي في منطقة تغلي كلّها، في ضوء ما شهده ويشهده العراق.
هناك محاولة واضحة ومكشوفة لتحويل لبنان ألى دولة فاشلة وساقطة في آن لأجهاض التحقيق الدولي ومنع قيام المحكمة ذات الطابع الدولي والتأكيد أن البلد الصغير لا يمكن ألاَ أن يكون quot;ساحةquot; للتجاذبات الأقليمية. هناك أصرار على المضي في المحاولة التي تصب في النهاية في تنفيذ ما عجزت عنه أسرائيل، أو أستكمال حرب الصيف ولكن تحت شعارات وطنية طنّانة تغطي الرغبة في تغطية سلسلة من الجرائم أرتكبت في حق أشرف اللبنانيين.
لن تمرّ عملية تدمير تدمير لبنان وألغائه. المحاولة شرسة والذين يقفون خلفها يمكن أن يذهبوا بعيداً في التصعيد. يمكن أن يذهبوا ألى أبعد من تعطيل الحياة في بيروت عن طريق أحتلال القلب النابض للمدينة. سيفشلون لأن التركيبة اللبنانية أقوى منهم. بيروت لن تتحوّل ألى بغداد الصغرى كما يشتهي quot;حزب اللهquot; ومعه النظامان الأيراني والسوري. لبنان هو الذي سينتصر نظراً ألى أن أرادة الحياة أقوى من أرادةالموت. لبنان الذي أمضى سهرة رأس السنة في quot;البيالquot; سينتصر على خيام البؤس والبائسين التي لا هدف لها سوى أعادة البلد ألى منتصف السبعينات من القرن الماضي... ألى الأيام التي كان فيها وسط العاصمة اللبنانية خطوط تماس ترابط عند بعضها عناصر من جيش التحرير الفلسطيني أستقدمت ألى بيروت من دمشق. هل من يريد تذكر ذلك؟
التعليقات