عبد الرحمن الراشد
قد لا يخطر على البال ان اهم لاعب ضد ايران اليوم، هو رئيسها نفسه أحمدي نجاد. وقد يبدو تصنيفي غريبا للرجل، بخلاف ظن الكثيرين انه وراء اثارة الفتن والحروب ضد جيرانه العرب في العراق ولبنان، ولكن ان كانت الافعال، لا الأقوال، هي الحكم فان الزعيم الايراني هو من زاد من حصار ايران وحشد الرأي العالمي ضدها. كان العرب ينقسمون الى مجموعات ثلاث في نظرتهم نحو ايران، مجموعة ترى الخطر داهما لأنها تقع على مرمى حجر من ايران، وترى تحركاتها مثيرة للقلق. وهناك دول عربية تعتقد ان ايران تناور، مثل بناء مفاعل نووي، فقط من اجل رفع العقوبات عنها.
وهناك مجموعة أخرى ترى في ايران حليفة في مواجهة الخطر الاجنبي وان المشترك معها يفوق نقاط الاختلاف. اما الآن، ومنذ ان صار نجاد رئيسا وخرج محمد خاتمي الرجل الوديع من سدة الرئاسة، تبدلت الصورة. صار معظم العرب يعتقد ان ايران بالفعل بلد يشكل خطرا، بسبب تغلغله في العراق، وبروز فرق الموت والقتل الطائفي بعشرات الآلاف من السنة، والشرخ الكبير الذي برز بين السنة والشيعة، بتأييد ايراني في الساحة اللبنانية. الأكيد ان الرئيس نجاد بسياسته المتطرفة أخاف غالبية العرب، الذين كانوا في صف ايران من قبل.
أفقد ايران أيضا اصدقاءها في الغرب، الذين كانوا كتلة في وجه المشاريع الاميركية من قرارات ونشاطات ضد ايران، مثل فرنسا والمانيا وروسيا، يضاف اليها الصين. حتى هذه الدول لم تعد تستطيع ان تقف محايدة في الموضوع الايراني، بسبب سياسة طهران المتشددة والمقلقة للجميع. سبق للاوروبيين ان دخلوا في معركة سياسية مع الاميركيين، حول الملف النووي، واخيرا حصلوا على موافقة واشنطن بأن يفاوضوا الايرانيين. قدموا في اكثر من جولة تنازلات مختلفة من سياسية واقتصادية وعملية ونووية، وعارضتها ايضا الولايات المتحدة، لكن حسب الاميركيين، رفضها الرئيس نجاد فوحد الغرب ضده. وجاء التصويت في الشهر الماضي في مجلس الأمن، دليلا على خطأ سياسة نجاد المتشددة، بـ15 عضوا صوتوا ضد ايران، في اجماع نادر.
أيضا كانت هناك همهمات تسري في الادوار العليا العربية الى وقت قريب، قلقة من تصالح اميركي ايراني بسبب عجز الاولى في العراق. وسرت اشاعات عن صفقة سرية بين الجانبين، تعززت بعد توصيات لجنة بيكر ـ هاملتون، التي دعت الرئيس بوش للتفاهم مع ايران بشكل صريح، لكن لحسن حظ الدول العربية وأد الرئيس نجاد الفكرة في مهدها، بتهديداته واصراره على مشروعه النووي، وتورط جماعاته المحسوبة عليه في لبنان وفلسطين في المعارك، زادت القناعات ان في طهران نظاما خطرا. ومن يقرأ سيل المقالات، التي اعقبت تلك الاحداث، يلمس مدى تعمق القناعة حتى عند المعتدلين في الغرب من ان المصالحة مع ايران نجاد تبدو مستحيلة، حتى بتقديم التنازلات والمفاهمة الموعودة في العراق. اما العرب فيعرفون جيدا ان تفاهما ايرانيا اميركيا في المنطقة سيعني نتيجة واحدة، انقلابا كاملا في خريطة المنطقة ضدهم لفترة زمنية طويلة. ولسوء او لحسن الحظ فايران لا تستطيع ان تتراجع، كما ان واشنطن لا تستطيع ان تتقدم.
التعليقات