الخميس 11 يناير 2007


مي يماني* - بروجيكت سنديكيت

السياسة الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش على مضض في العراق، ضرورية ليس فقط لإيقاف انزلاق أمريكا إلى مستنقع العجز بينما تحاول منع العراق من السقوط في هوة الحرب الأهلية الشاملة، بل وأيضاً لأن خريطة القوة في الشرق الأوسط قد تبدلت بصورة جذرية.

كانت تلك الخريطة تتقلب على نحو متصل طيلة الستين عاماً الماضية، وأثناء هذه الفترة ظلت القوى الرئيسية في المنطقة مصر، والعراق، والمملكة العربية السعودية، وسوريا، وrdquo;إسرائيلrdquo;، وإيران تشكل التحالفات ثم تحلها. والآن بدأنا نشهد ما يشبه خط التقسيم، وإذا ما نجح بوش أخيراً في فهم الديناميكية التي تتحرك المنطقة وفقاً لها، فقد يتمكن من صياغة سياسة قد يكون لها حظ من النجاح.

ويتجسد هذا التحول الإقليمي من خلال بروز تحالف فعلي لا يتجاسر أحد على تسميته بصراحة. فقد اجتمع، على هدف واحد يتلخص في احتواء العدو المشترك: إيران بنفوذها المتنامي في العراق، ولبنان، وفلسطين. إن إيران لا تكتفي بتهديد ldquo;إسرائيلrdquo; (والمنطقة) نتيجة لرغبتها الملحة في امتلاك القدرة النووية وبسبب مقاتليها؛ بل إنها تسعى أيضاً إلى اغتصاب الدور التقليدي الذي تلعبه الأنظمة العربية المعتدلة كمدافع عن الفلسطينيين.

فبعد عقود من استغلال القضية الفلسطينية كأداة لحشد وتعزيز التأييد الشعبي لأنظمتهم الفاشلة المستبدة، أصبح القادة العرب المعتدلون في موقف الدفاع عن أنفسهم في مواجهة سعي إيران إلى فرض هيمنتها على المنطقة. وإذا ما نجحت إيران في الظهور بمظهر النصير الحقيقي للطموحات الوطنية الفلسطينية، فلسوف تنجح أيضاً في إضفاء الشرعية على مساعيها الرامية إلى فرض هيمنتها على الشرق الأوسط.

أما ldquo;إسرائيلrdquo;، الدولة المصدومة في أعقاب فشلها في تدمير حزب الله الصيف الماضي، وبعد أن أهينت نتيجة لتعهد الرئيس الإيراني محمود أحمد نجاد بمحوها من على الخريطة وهو التهديد الذي يتعزز من خلال دعم إيران لحماس وحزب الله فقد أصبحت الآن تتحدث عن ldquo;رباعي من المعتدلينrdquo; باعتباره الأمل الوحيد للمنطقة. والحقيقة أن ldquo;إسرائيلrdquo; ترى الآن أن أمنها لا يعتمد على الضمانات التي تقدمها الولايات المتحدة إليها، بقدر ما يعتمد على قدرة ldquo;المعتدلينrdquo; العرب.

إن الدعم المستتر الذي تقدمه ldquo;إسرائيلrdquo;، والولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية إلى عباس والسنيورة لا يشكل عوناً كبيراً لهذين الرئيسين فيما يتصل بمعاركهما الداخلية. فمن المغرب، والجزائر، وليبيا، والسودان إلى البحرين واليمن بل وفي كافة أنحاء العالم الإسلامي من جاكرتا إلى نيجيريا تمكن المتطرفون من الفوز بشعبية كبيرة. ففي استطلاع حديث للآراء في مصر جاء نصر الله، وميشال عون، وأحمدي نجاد على رأس أكثر الشخصيات شعبية في المنطقة. وهذا يقودنا إلى معضلة لا مفر منها: فلسوف يكون لزاماً على بوش أن يختار بين دعم الديمقراطية وبين مساندة هؤلاء الراغبين في مقاومة التطرف الإسلامي.

مع هذا فإن ldquo;إسرائيلrdquo; وأمريكا والأنظمة المعتدلة في المنطقة تستطيع أن تستفيد من الانقسام المتعمق في العالم العربي الإسلامي.

middot;كاتبة وإذاعية. وأحدث كتاب صدر لها كان بعنوانldquo;مهد الإسلامrdquo;.